بقلم - ديريك ليدو: «لماذا أغيّر أسلوبي القيادي، إن كان ساعدنا فعلاً على إرساء مكانة رياديّة في سوق عملنا؟» هذه هي الكلمات الأخيرة الصادرة عن عدد كبير من أصحاب المشاريع. وفي ظل عدم إدراكهم لتغيير محور الاهتمام المطلوب من قادة الشركات في لحظات التحوّل الحاسمة التي تختبرها الشركة في سياق نموّها، يتشبثون عشوائياً بالتقنيّات التي سبق أن حقّقت لهم النجاح، فيتسبّب عدم فهمهم لمتطلبات التغيير بفشل الشركة بحد ذاتها. ويحصل انتقال من هذا النوع - من نمط المشاريع إلى نمط الإجراءات - عندما تطلق شركة جهودها الأولية في مجال المبيعات، وتبدأ بتقديم أولى خدماتها للعملاء، مع الإشارة إلى أن مشروعاً هو ممارسة يُحرَز في سياقها تقدّم خطوة تلو الأخرى، ويُقدِم عليها فريق عمل تم تشكيله خصيصاً لأداء هذه المهمة. ويفهم معظم أصحاب المشاريع أنّ المرونة والرشاقة ضروريّتان لمعرفة طريقة الشراء التي يعتمدها العملاء وطبيعة ما سيشترونه. ولكن المرونة والرشاقة يجب أن تفسحا الطريق أمام الموثوقية والفعالية، إن كانت الشركة تريد تقديم سلعة أو خدمة متكاملة مطلوبة لضمان سعادة العملاء الحاليين، واكتساب عملاء جدد. ويتطلّب ذلك أداء العمل باعتماد نمط الإجراءات، حيث يتم إنجاز المهام بصورة متكررة وبإتباع طريقة معتمدة. ويقاوم معظم أصحاب المشاريع تلقائياً الانتقال من نمط المشاريع إلى نمط الإجراءات. غير أنّ الشركات الناشئة تواجه مخاطر كثيرة في حال بقيت تعتمد نمط المشاريع لفترة مطوّلة، حيث إن المشاريع، بغضّ النظر عن مدى حسن تنفيذيها، ستؤدي إلى نتائج غير متناسقة، مع الإشارة إلى أنّ العملاء لن يسامحوا على منتجات أو خدمات رديئة لمجرّد كونها اختباريّة. ويشار إلى أن مواصلة اعتماد نمط المشاريع تولّد فرصاً للمنافسين. فكم من صاحب مشروع شاهد أفكاره العظيمة منقولة من منافس اتّسمت جهوده بفعاليّة أكبر من حيث التكلفة؟ وأخيراً، وعلى خلفيّة التركيز المفرط على المشاريع، تصبح الشركة مرهونة بسلوك المؤسّس. وما من مؤسسة ستنجح في ضمان استدامتها الذاتيّة إن لم تُستَنسَخ مهارات مؤسسها في سياق إجراء فعّال. وينبغي أن تتمثل أوّل خطوة يقدم عليها القادة عند انتقالهم من نمط المشاريع إلى نمط الإجراءات بشرح السبب الذي يجعل الانتقال مهمّاً لرفاهية المؤسسة، علماً بأن شرحاً مقنعاً يضمن ارتياح فريق العمل واقتناعه بالحاجة إلى تطوير إجراءات موثوقة وفعالة - كما أنّه يسمح بتجنّب الميول «البيروقراطية». ومع أنّه من المعروف أنّ نمط الإجراءات يطغى بصورة متزايدة داخل مؤسسة في طور النضوج، لا شكّ في أنّ المشاريع لا تزول كلّياً، وهو السبب الذي سيدفع بالقادة الذين يفهمون الفوارق بين المشاريع والإجراءات، بالإبقاء على موظفيهم المحبين للمشاريع، في حين يركّز الأشخاص المحبّون للإجراءات على جعل المؤسسة أكثر فعالية. - (ديريك ليدو يعلّم ريادة المشاريع والإبداع في جامعة برينستون. وهو مؤسس ورئيس تنفيذي سابق لشركة «أيسوبلاي كورب»، ومؤلف كتاب بعنوان «قيادة الشركات الناشئة»).