لم تعد الحوادث المرورية طفيفة أو محدودة الضحايا، أصبحت تحصد أسراً كاملة ومجموعة أفراد تشكل كامل ركاب المركبة وهذا دليل واضح على أن حالة الطرق وحالة الرقابة المرورية لا تتناسبان إطلاقاً مع تزايد المركبات وسلوك القيادة، فالواضح أن المركبات تتزايد وتتطور سرعاتها ونهج سلوك قائد المركبة يتأثر كثيراً بما استجد من مؤثرات أخلاقية كالمخدرات والمسكر أو ما هو أقل كعدم التركيز نتيجة استخدام الهاتف المتنقل أثناء القيادة أو الانشغال أو النعاس. في الوقت نفسه لم تتطور الرقابة المرورية عن حالها منذ خمسين سنة إلا بتطبيق رصد للسرعة بكاميرات ساهر والتي أدت كما ذكرنا كثيراً إلى نوم الرقابة الميدانية وتراجعها عن ذي قبل في رصد سلوك قائد المركبة الذي لا يقل خطراً عن السرعة كالتجاوز غير النظامي ومعاكسة الطريق والتحول الفجائي من اتجاه إلى آخر والسلوكيات التي تدل على سائق مخمور أو يتعاطى مخدرات. وفي الوقت نفسه أيضاً تزداد حالة الطرق ووزارة النقل سوءاً في تنفيذ المشاريع والإصرار على التقتير بإنشاء طرق مزدوجة وأخرى لا تحقق أبسط مقومات سلامة قائد المركبة المقابلة من التعرض لإهمال قائد مركبة متهور أو مخمور أو مشغول بجوال أو أصابه نعاس. الموت الجماعي أصاب أسراً كثيرة بفقدان خمسة أو ستة أشخاص في حادث واحد ولم تكن أسرة الدحيم التي فقدت ستة من أبنائها بسبب سائق مخمور الأولى ولن تكون الأخيرة وها هو مدير جامعة الجوف الدكتور أسماعيل البشري يفقد خمسة من أبنائه في حادث مروري بالاصطدام بشاحنة أمام عينيه وهو يرافقهم على ذات الطريق في سيارة أخرى، وأعرف شخصاً فقد كامل أسرته الثمانية في حادث مروري لسيارة صالون عاد لمنزله بعد أشهر متألماً ومصدوماً نفسياً ومصاباً في ذهنه ليردد عبارة (كيف سأعيش في منزل لم يبق فيه حولي إلا القطط؟!). وزارة النقل والإدارة العامة للمرور تتحملان جزءا من وزر مصاب هؤلاء بعدم تطويرها لأدائها وحماية الناس من قصور أجهزتها، وإن كانت تقول غير ذلك، ونظراً لضيق المساحة نتحدث غداً عن قصور وزارة الشؤون الاجتماعية في القيام بدورها نحو المصاب النفسي والاجتماعي لمن بقيوا أحياء وحيدين.