×
محافظة تبوك

عم الزميل جميل البلوي في ذمة الله

صورة الخبر

لا يوجد شيء يمكنه أن يوقف نادية نديم، إذ لا بد أن تسحبها بعيداً عن ملعب تدريب بورتلاند ثورنز حيث يمكنها أن تقضي ساعات في التمرين على التسديد. ليس هذا فحسب، بل هي متفوقة في الدراسة أيضا حيث تدرس الطب في وقت فراغها. يمكن أن ترى ابتسامتها عبر سماعة الهاتف وأن تشعر بذلك الدأب المغلف بالبهجة في صوتها، وقد قطعت طريقاً بعيداً للغاية من حيث بدأت. عندما كانت نادية فتاة صغيرة أحضر والدها كرة قدم إلى المنزل ذات يوم. وفي هذا الصدد تقول نديم لموقع FIFA.com وهي تتذكر تلك اللحظة وكأنها صورة باهتة "لقد كانت كرة قديمة تشبه تلك التي كانت تغطيها النقط السوداء التي كانت رائجة في السبعينات. لم نكن أنا أو أخواتي نعرف الكثير عن كرة القدم، وبالتالي لعبنا الكرة الطائرة وغير ذلك من الألعاب الممتعة." كانت أفغانستان في هذه الفترة تحت حكم طالبان. تقول نادية التي تبلغ الآن تسع وعشرين سنة وهي إحدى نجمات كرة القدم للسيدات، ولم يخفت الحماس في صوتها ولو للحظة وهي تتحدث عن الرجل الذي عرفها بكرة القدم "كان والدي مشجعا ًكبيراً لكرة القدم. لقد كان مجنوناً بها وحاول أن يمرر حبه للعبة إلى بناته الخمس." عندما اختفى والدها عام 2000، كانت عائلة نديم تخشى الأسوأ. هنا تقول نادية نديم بشكل خاطف وكأنها لمست عصباً حساساً وهي تسترجع أحاسيسها في ذلك الوقت وعمرها 12 عاماً "لقد اختطفته طالبان، لقد اختفى. كنا نعلم أنه لن يرجع. وأنه قد قتل." شعرت حميدة، والدة نديم، بالخوف على بناتها. خططت وهي المرأة الشجاعة ذات الإرادة القوية للهرب. وتقول نادية "كنا ست إناث بمفردنا. لم يكن أمامنا مستقبل. لا مدرسة ولا عمل. لم يكن يمكننا أن نمشي في الشارع بدون أن يصحبنا رجل. كان كل شيء يحترق." مشوار طويل قرّرت العائلة الرحيل مهما كانت الصعوبات. تتذكر نديم اللحظات التي سبقت مجيء والدتها لتوقظها في ليلة الهروب ليصبحوا لاجئين في عالم خطر. لقد تم تهريبهم في الظلام فقط بملابسهم التي يرتدونها. لقد هرب هؤلاء الإناث الست، الأم وبناتها الخمس، من حالة لا يرجى منها أي أمل. سافروا عبر أفغانستان وباكستان في حافلة صغيرة. وبجوازات سفر مزورة، فروا إلى إيطاليا محملين بآمال الوصول إلى إنجلترا قبل أن يستقروا في الدنمارك في النهاية وتقول نديم "لقد أرادت والدتنا أن تمنحنا مستقبلنا وأن نبني حياة نشعر فيها بالإستقلالية." بدأ الأمر للعب، شيء للمتعة والشعور بالحرية. لكن الأمر كما هو، لا تزال لعبة ويجب أن تبقى كذلك. نادية نديم لم تكن هذه هي الحرية بالمعنى المتعارف عليه ولكنها كانت بداية جديدة. كان مخيم اللاجئين أفضل من انعدام الأمل والمستقبل وتقول نديم "لقد كان وقتاً سعيداً بالنسبة لنا. افتقدت والدي ولكن بقية أسرتي كانت معي." ابتداءاً من التاسعة صباحاً إلى الواحدة ظهراً تذهب نادية وأخواتها إلى المدرسة، ثم بعد ذلك لديهم الحرية. وفي ظل هذه الحرية، أتت كرة القدم. تقول نادية ضاحكة وهي تتذكر الفوضى التي عمت أيامهن الأولى "بدأنا اللعب طوال الوقت، لم نكن نعرف ما هي كرة القدم. كنا نعرف فقط أنه عليك أن تركل الكرة وتجري محاولة إحراز الأهداف." وقت الفراغ وكرة القدم تتذكر نديم أوقات التقاط الكرات من خلف المرمى في نادٍ محلي مقابل أن تقضي دقائق قليلة ثمينة في الملعب. لقد شاهدت على التلفاز في رهبة لمحات عن النجوم العالميين على الشاشة الصغيرة. وهنا تقول "رونالدو- النجم البرازيلي- وفيجو وزيدان!" نطقت نادية أسمائهم بتبجيل. خرج من فهمها بعض اللعنات وهي تتذكر قائلةً "لقد شاهدنا الإعلانات التي يقوم فيها بيكهام بتسديد الكرات اللولبية ولم نصدق ما رأينا." في إحدى المرات، ومع تأثرهما بأوليفر كان، حثت نادية أختها الصغرى على القفز والتزحلق مثلما حارس المرمى الألماني الأسطوري. تعترف نادية ضاحكة "ربما لم تكن هذه فكرة جيدة لأننا كنا على أرض صلبة وقد أصيبت بخدوش ورضوض في كل مكان." جذبت نديم أنظار المدربين المحليين، حتى وإن لم يكن التخلص من الثقافة القمعية التي خرجت منها سهلاً وتقول "في الدنمارك حيث تقوم النساء بكل ما يفعله الرجال، كنت لا أزال أشعر بأنني أفعل شيئاً خاطئاً عندما ألعب كرة القدم، وكأنني أخرق القانون." وفي ظل حصولها على دعم قوي من أمها بجانب وعد الحصول على علامات جيدة في المدرسة، لعبت نديم للمرة الأولى في دوري أبطال أوروبا للسيدات في 2012 بعد ثلاث أعوام من خوضها أول مباراة دولية بقميص الدانمارك. وتقول حول الأمر "أنا عاطفية للغاية على أرض الملعب حين أخسر، أكره ذلك أكثر من أي شيء آخر، لكن أشعر بالسعادة الكبيرة حين أسجل أهداف حيث تراودني مشاعر كثيرة." وبينما تستعد نادية لخوض كأس الأمم الأوروبية للسيدات 2017 في الصيف المقبل وتحلم بالمشاركة في كأس العالم للسيدات FIFA، إلا أنها لم تنس هذا اليوم الذي قام والدها فيه بإدخال الكرة في حياتها وقالت حول الأمر "بدأ الأمر للعب، شيء للمتعة والشعور بالحرية. لكن الأمر كما هو، لا تزال لعبة ويجب أن تبقى كذلك."