إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً فوق بحر اليابان في الثاني عشر من الشهر الجاري جاء بعد أسبوع من إجراء الولايات المتحدة تجربة صاروخية مشابهة فوق هاواي. والتصدي للصاروخ الذي أطلقته المدمرة الأميركية جون بول جونز هو تجربة أولية، عرفت باسم الصاروخ النموذجي «أس أم- 3» القسم IIA. وكانت شركة رايثيون الأميركية وشركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة اليابانية هما وراء انتاجه تحت إشرف وكالة الصواريخ الأميركية. والصاروخ «أس أم- 3» القسم IIA هو استمرار لبرنامج وكالة الصواريخ الأميركية وإنتاجها صواريخ لحماية الشعب الأميركي والقوات الأميركية المرابطة في الخارج وحلفائها، وفق الدكتور تايلور لورنس، رئيس قسم الصواريخ في شركة رايثيون. وقدرات هذا الصاروخ الكبيرة والمدمرات الأميركية واليابانية هي عضد القوة النارية للبحرية الأميركية واليابانية والكورية الجنوبية وهي مكملة لنظام الدرع الدفاعية الصاروخية الأميركي (في كوريا الجنوبية)، «ثاد» الذي سينشر في شرق آسيا، بما في ذلك جنوب كوريا. والمبادرة الأميركية الى نشر منظومة «ثاد» أثارت التوتر في كل من كوريا الشمالية والصين. ومع نجاح تجربة هاواي، صارت لعبة الدرع الصاروخية الآسيوية حامية، ونشر صواريخ «أس أم- 3» القسم IIA يفاقم الانزعاج الصيني- الكوري الشمالي وتوترهما. وتتعذر معرفة عدد الصواريخ المعترضة التي تحملها السفن الحربية الأميركية في المنطقة، لكنها تقدر بالمئات. ونشر صواريخ من طراز «أس أم- 3» القسم IIA 3 وأخواته في البر ممكن، على نحو ما حصل في رومانيا. ووتيرة تطوير الأنظمة الصاروخية الدفاعية تتعاظم في كل أصقاع المعمورة. وعلى سبيل المثل، اعترضت القبة الفولاذية الإسرائيلية في الثامن من الجاري أربعة صواريخ أطلقت على إيلات. وإسرائيل تفتقر إلى مظلة تحميها من الصواريخ الإيرانية وتهديدها. وفي أيلول (سبتمبر) 2016، اعترضت القبة هذه صاروخاً أطلق من الأراضي السورية. وأبلغ موشيه باتل، رئيس منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، مجلة «ديفينس نيوز»، في الثامن عشر من الشهر الماضي إن بلاده دخلت ما يسميه مرحلة الصاروخ «السهم 3» (آرو 3) التي رفعت مدى الصاروخ الاعتراضي «السهم 2» (آرو 2). وبعد أسبوع على التصريح، أجرت إسرائيل تجربة جديدة ناجحة على صاروخ ديفيد سلينغ. وهو نظام صاروخي للحماية من صواريخ أكبر وأكثر قدرة أو صواريخ قصيرة المدى وصواريخ باليستية وأخطار أخرى. وتبرز شركة رايثيون شريكةً لمؤسسة رفائيل الإسرائيلية للصناعات الجوية المتقدمة التي تقود البرنامج. ويبدو أن ثمة خيطاً رابطاً يجمع بين مجموعات تطوير الصواريخ هذه، على تباينها. وأعلنت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية في الرابع من الشهر الجاري، أي قبل أسبوع من التجربة الصاروخية لكوريا الشمالية، أن مجتبى ذو النور، وكيل ممثل الولي الفقيه في قوات الحرس الثوري الإيراني، هدد القوات الأميركية المرابطة في الخليج بالدمار، وقال «... القاعدة الأبعد لقوات العدو هي في المحيط الهندي. ولكن عدداً من مواقعه هي في مدى الصواريخ الإيرانية وستدمر من على وجه الأرض إذا هاجم العدو إيران... وتحتاج الصواريخ الإيرانية الى 7 دقائق فقط لبلوغ تل أبيب». ونجحت إيران في إطلاق صواريخ باليستية في نهاية الشهر الماضي، وتقول طهران انها لا تنتهك قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 2015 الذي يحظر عليها تطوير أسلحة نووية. وانفردت صحيفة «دي فيلت» الألمانية في نشر تقرير عن احتمال إطلاق الإيرانيين صاروخاً قادراً على حمل رأس نووي، وتزامن الإطلاق مع التجربة الصاروخية الباليستية المتوسطة المدى. ولكن إطلاق صاروخ سومار في إيران كان ليحمل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب ومستشاره للأمن القومي، مايكل فلين-وهو الذي وضع الإيرانيين تحت قيد المراقبة نتيجة التجربة الصاروخية الشهر الماضي- على رد أقوى. والصاروخ الإيراني يحلق على علو منخفض وله قدرة على التخفي، وهو يتهدد السفن الأميركية التي تجوب الخليج ومضيق هرمز، على وجه التحديد. «نحن نعمل ليلاً ونهاراً على حماية أمن إيران. وإذا غامر العدو، كانت صواريخنا المزمجرة فوق رأسه»، قال قائد الدفاع الصاروخي في الحرس الثوري الإيراني، العميد أمير علي حاجيزاده. ويبدو أن الكلمات هذه (توعد العدو بالصواريخ) هي كذلك رسالة الولايات المتحدة وحليفيها، إسرائيل واليابان، إلى أعدائهم. ويبدو في مطلع العام الجديد، أن بناء منظومات الصواريخ الموسومة بأربع مستويات من القدرات الدفاعية القادرة على اعتراض الصواريخ من كثب والصواريخ القصيرة المدى أو المتوسطة أو بعيدة المدى، يسير على قدم وساق في مناطق التوتر العسكري المتباينة. واليابان انتهجت النهج الإسرائيلي، ونشرت بطاريات صواريخ ومنظومات دفاع صاروخية. وإلى هذه الأنظمة، وصلت المدمرة الأميركية «يو أس أس زوموالت»، وهي الأكبر في تاريخ البحرية الأميركية، إلى سان دييغو في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وقد تزور عما قريب كوريا الجنوبية. وثمة مدمرتان أميركيتان قيد التصنيع. وإذا رابطت المدمرة زوموالت غرب اليابان وعلى مقربة من المياه الكورية الشمالية، دق ناقوس الخطر في بكين وبيونغيانغ. فالمدمرة هذه هي الأكثر حداثة وتعقيداً وهي مزودة بمحرك كهربائي حديث، وصممت لإعطاء بُعد آخر لقدرات سلاح البحرية الأميركية على إصابة أهداف برية، وهي مزودة الى اليوم بمنظومة صواريخ «أس أم- 3» القديمة ومنظومة «أس أم -3 IIA المحدثة. ورسالة واشنطن وحلفائها لأعدائها واضحة من غير لبس، إثر التجربة الصاروخية الناجحة وانتشار «زوموالت». * عن «إيجيا تايمز» الهونكونغية، 13/2/2017، إعداد جمال اسماعيل