وفقا لصحيفة الوطن فقد أصدر المجلس الأعلى للقضاء قرارات بطي قيد 4 قضاة، وعدد من كتاب العدل في مناطق مختلفة بعد ثبوت تهم بتزوير صكوك أراض بمقابل مادي، أو التقاعس في العمل، أو تعمد إطالة أمد الجلسات القضائية، أو تقديم تقارير طبية مزورة بغرض الحصول على إجازة!، وقد تم رصد هذه المخالفات الجسيمة بعدة طرق أهمها انتداب مفتشين قضائيين للاطلاع على سير العمل في المحاكم. وقد لا يشكل هذا العدد من القضاة المخالفين نسبة تذكر بالنسبة للقضاة الذين يؤدون رسالتهم بكل نزاهة، ولكن المشكلة أن قاضيا واحدا لا يتمتع بالنزاهة يمكن أن يتلاعب في مصير البشر، لذلك تأتي أهمية الدقة في اختيار المنتمين إلى السلك القضائي خصوصا أن وزارة العدل في خبر آخر نشرته صحيفة الحياة عن حاجتها إلى خمسة آلاف قاض جديد سوف تقوم خلال فترة وجيزة بتعيين أكثر من ثلاثة آلاف منهم، فلو كان واحدا في المئة فقط من هؤلاء القضاة الجدد لا يتمتعون بالنزاهة أو متقاعسين في عملهم أو لا يملكون الكفاءة اللازمة فإن آلاف البشر من مواطنين ومقيمين سوف يدفعون الثمن غاليا . لذلك نرجو ونتمنى ونحلم بأن يكون اختيار القضاة الجدد بعيدا عن الوساطات و الاعتبارات المناطقية والقبلية لأن القاضي الذي يحصل على فرصته الوظيفية بطريقة غير عادلة لا يرجى منه الكثير من العدل، ولأن من يختارون هؤلاء القضاة هم في الغالب قضاة مخضرمون فإن الواجب يحتم عليهم أن يتعاملوا مع مسألة اختيار القضاة الجدد بأنها قضية القضايا، وأن الأحكام التي يصدرونها باختيار هذا الاسم أو ذاك سوف تترتب عليها مئات الأحكام اللاحقة التي ستكون في ذمتهم مثلما هي في ذمة القاضي الذي اختاروه.. والله أعلم . ** في تقرير صحفي ثالث نشر أمس أيضا تحدثت صحيفة المدينة مع عدد من المواطنين في أروقة محاكم منطقة مكة المكرمة وكانت أغلب الشكاوى تدور حول الفترات الزمنية الطويلة والتي تمتد إلى سنوات وسنوات دون أن يتم الفصل في قضاياهم، وهذه مشكلة أخرى قد لا تكون لها علاقة مباشرة بالنزاهة قدر ما ترتبط بأخطبوط البيروقراطية الذي يخنق بأيديه الكثيرة الجسم القضائي، فبعض الأحكام تكون بلا قيمة إذا صدرت بعد فوات الأوان!. وثمة حاجة أكيدة لتطوير الإجراءات القضائية كي لا تضيع حياة الناس على أبواب المحاكم، وإذا كان سد النقص في عدد القضاة هو الحل المنتظر لتسريع إجراءات التقاضي فإن هذا الحل سيكون محدود الجدوى ما لم تتوافق هذه الزيادة في تغيير جذري في أسلوب العمل يحاكي أحدث النظم المعمول بها في العالم. فصاحب الحق قد يتردد كثيرا في المطالبة بحقه إذا ما شعر أن الحصول على هذا الحق سيكلفه سنوات وسنوات من الوقوف على أبواب المحاكم قبل أن يحصل على حقه. أما خصمه فهو بالتأكيد سوف يتشبث بحبال القضاء الطويلة كي ينجو من المحاسبة مرددا الشعار الأثير: (هذيك المحكمة.. ورح اشتك)!. عكاظ