وقع الطيار الحربي جورج هول أسير حرب في فيتنام ووضع في صندوق مظلم لمدة سبعة أعوام، وفي كل يوم كان يتخيل نفسه يلعب الغولف ليمضي الوقت حتى لا يفقد عقله في هذا السجن المظلم، وبعد إنقاذه من الأسر بأسبوع واحد، شارك في مسابقة عالمية للغولف وفاز بمرتبة متقدمة جداً. لا يمكن لهذه الدنيا أن تخلو تماماً من الضغوطات النفسية والمعنوية، فالإنسان بطبيعته متقلب المزاج، فتارة تجده في قمة السعادة والراحة النفسية، وتارة تجده حزيناً. وطبيعة الأيام تكسر القوي وتجبر كسور الضعفاء، ولكن السؤال هو كيف تستطيع أن تحافظ على استقرارك النفسي؟ خيال الإنسان ونظرته للأمور هي ما يحدد مصيره، فالشخص الذي يغذي عقله دائماً بالصور والأفكار الإيجابية يحقق الكثير من النجاحات بالرغم من مروره بالكثير من المشاكل والإحباطات، ولكن البعض من الممكن أن يكونوا قد قطعوا شوطاً كبيراً من الأعمال، وحينما استسلموا لتفكيرهم السلبي بأن الطريق قد يكون مسدوداً، توقفوا واكتفوا بما وصلوا إليه. يبين الكاتب شون آكور المفهوم التقليدي: أنك إذا بذلت مجهوداً متواصلاً بعزيمة وإصرار فستنجز وتنجح، وهذا الإنجاز والنجاح سيجعلك سعيداً. هذا مفهوم غير دقيق، حيث إن الأبحاث والدراسات في علم النفس الإيجابي وجدت أن هذه المعادلة في الواقع مقلوبة؛ فالسعادة هي التي تغذي النجاح وتزيد من مثابرة الإنسان واجتهاده، وليس النجاح هو ما يؤدي إلى السعادة. عندما يتخيل الإنسان صوراً يتمنى أن يعيشها ويحققها بعمق يستجيب عقله لهذا التخيل بنفس الطريقة التي يستجيب بها للموقف الحقيقي، لأن العقل لا يستطيع أن يفرق بين الخيال والحقيقة. وفي علم النفس يعرف الخيال بأنه القدرة العقلية على تجسيد أحاسيس غير موجودة في أرض الواقع، الذي يعتبر من أهم الأشياء التي تشكل وعي الإنسان، وتزداد تلك القدرة غالباً لدى الأطفال حيث إنها تشكل جزءاً كبيراً في تطورهم العقلي والعاطفي، لذا يعتمد بعض الأطباء على خيال الأطفال كعلاج من خلال الألعاب للتغلب على مشاكلهم النفسية. عادة يملك الشخص تصورات عن حياته أو ذكريات عن ماضيه قد يشوهها الواقع المرير، لذا فإن إضافة خيالنا على الذكريات والأحلام يحسن كثيراً من الحالة النفسية والقدرة على تقبل المستقبل. أما الشخص السلبي الذي يستسلم للواقع السلبي تجده يقضي وقته يفكر في السلبيات بتوجيه أصابع الاتهام إلى الآخرين ودورهم الأساسي في حالته السيئة. كل الإنجازات العظيمة تبدأ هناك بعيداً عن الأعين في عقل ذلك الإنسان الذي يراها كأنها حقيقة وواقع مسلم به فيؤمن بها القلب إيماناً راسخاً لا يتزعزع بأنها تتحقق. لذلك راقب أفكارك لأنها ستصبح أفعالاً، وراقب أفعالك لأنها ستصبح عادات، وراقب عاداتك لأنها ستصبح طباعاً، وراقب طباعك لأنها ستحدد مصيرك.