«خطاب الزمن في الشعر الجاهلي» دراسة جديدة للباحث الأخضر بركة صدرت عن أكاديمية الشعر في أبو ظبي. والدراسة تقع في أربعة فصول ومدخل نظري حول إشكالية الزمن، وتناولت الفصول الزمن والمكان، الزمن وخطاب الجسد، الدهر وخطاب المواجهة، القصيدة والبناء الزمني. وعلى رغم أن مسألة الزمن في الشعر الجاهلي هي من بين أهم القضايا الفنية التي تعرض لها الدارسون الجدد للشعر الجاهلي، بدءاً من مشروع طه حسين إلى ما طرحه كمال أبو ديب وريتا عوض وأدونيس وعز الدين البنا وغيرهم، وإن جانبياً ضمن تحليلهم مسائل أخرى بنيوية وتكوينية وتصويرية، بخاصة في ما يتعلق منها بالظاهرة الطلليّة لما لها من صلة وثيقة بمسألة الزمن. غير أن الباحث يؤكد أنه لم يتم تناول موضوع الزمن ببحث علمي أكاديمي من منظور نقدي حداثي. ما عدا بعض الكتابات الفردية هنا وهناك. وهنا يشير الباحث معللاً تناوله البحث بقوله إنه لا غرو في أن تقديم دراسة جديدة للشعر الجاهلي تعني مبدئياً الوقوف أمام تحدٍّ معرفي أساسه محاولة الابتعاد إلى حدّ ما عن إعادة إنتاج ما قيل فيه قديماً وحديثاً. ولعل خصوصية هذا البحث تبدأ من محاولة تجاوز مستوى الوقوف الاستعراضي للنماذج الشعرية التي تحوي موضوع الزمن، ما يعني أن المتوخى في مسعى القراءة العام هو تحليل العلاقات النصية والدلالية للخطاب الشعري الذي يقدم الزمن تجربة وشكلاً وفي مختلف التجليات المتنوعة والممكنة. وانطلقت الدراسة كمنهج أساس من قراءة تجربة الزمن في الشعر الجاهلي بصفتها خطاباً مجازياً مفتوحاً على التأويل بكيفية تتيح الاستفادة من أسس نظرية مختلفة مع بقاء القراءة متحررة من ضغوط مقتضيات صارمة لمنهج ما من جهة، ومتمتعة من جهة أخرى. وينطلق البحث من تصور نظري مهم هو أن الشعر الجاهلي ليس مجرد تصوير لواقع الإنسان العربي في الصحراء، بمقدار ما هو يمثل رؤية فنية تحمل في دلالاتها المتعددة موقف الإنسان الفنان من مظاهر الوجود المختلفة، ورغبته في المواجهة والتجاوز على مستوى الوعي ضمن مفهوم استقلالية الشعر النسبية عن مجرد التصوير الآلي لمظاهر الواقع. الزمن في الشعر الجاهلي