لا أظن أنه يختلف اثنان على ان اختيار الأمير مقرن بن عبد العزيز ولي لولي العهد هو من ضمن أفضل القرارات التي تم اتخاذها مؤخرا على رأس هرم مملكتنا الحبيبة، وتدل على أن الاستمرارية والانتقال السلس هو ما يميز قيادتنا الحبيبة، ويكتب لها ضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ونظرا لتميز المرحلة القادمة بالعديد من التحديات الاقتصادية سواء على المستوى المحلي او الإقليمي والدولي، فإن اختيار الأمير مقرن يُعد الاختيار المناسب في الوقت المناسب والمكان المناسب. والذي يعرفه عن قرب لا يستطيع الا ان يؤكد هذا الامر. فشخصية الأمير مقرن هي شخصية قيادية من الطراز الرفيع، ويمارسها من خلال تجييش العقول والمواهب لتنفيذ رؤية جماعية ذات اهداف رقمية وزمنية محددة. ويُشعر كل فرد انه هو القائد للمجموعة الفكرية وليس أميره الأمير مقرن، فيزيد الولاء للفكرة ويزيد اقبال الجميع لإعطاء أقصي ما لديهم ليس تخوفا، فالأمير مقرن لا يتبع سياسة التخويف بل التحفيز، والترغيب وليس الترهيب. وحينما أقول انه رجل المرحلة الاقتصادية القادمة، فإنني أعني بذلك انه مستوعب لكل المتغيرات التي حوله. وهو أمير ذي رؤية واضحة، وتخطيطه على الدوام مبني على هذه الرؤية الواضحة المستندة على جعل المملكة العربية السعودية رائدة اقتصاديا ومعرفيا واجتماعيا. وهو قد اكتسب الكثير والكثير جدا من الخبرات من خلال تعدد المهام التي قام بها سواءً على مستوى امارات المناطق، او المهام الاستخباراتية التي أوكلت له والمهام الاستشارية على المستوى الثنائي والجماعي في مهمات كلفه بها والدنا خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله -كمبعوث شخصي له. تشرفت بأن شاركت سموه في بعض مجموعات الخبراء التي كونها سواءً حينما كان أمير لمنطقة المدينة المنورة، أو غيرها، فتابعته عن قرب، ووجدت فيه القائد واضح الرؤية، وفي كل اجتماعاتنا كان أول من يحضر سواءً قدم من نفس مدينة اجتماعنا او من خارجها، وكان آخر من يتركنا، حتى كنا نخجل من أنفسنا ان اضطررنا الخروج قبل الموعد لأي طارئ لدينا. أما المتابعة فكان حريصا عليها سواء بالرسائل او بالاتصال الشخصي ليتأكد ان المهام يتم إنجازها بدقة وفي موعدها المحدد سلفا. وأذكر انه يحمل في جيبه مذكرة تلخص رؤية ورسالة واهداف المهمة التي نحن بصددها، وهو ما حدث حينما رسمنا استراتيجية منطقة المدينة المنورة. فكان كل ما رانا يسأل عمن يحمل منَا هذه المذكرة المصممة على شكل بطاقة تحمل باختصار رؤية ورسالة واهداف الاستراتيجية. هذه المميزات القيادية تؤهل الأمير مقرن ليكون رجل المرحلة القادمة. فالمملكة تملك الكثير من القدرات المالية والفكرية، والتي تحتاج الى توجيه صحيح يحقق لها أفضل استغلال بما يعود على الوطن الغالي برفاهية منتظمة تستفيد منها الأجيال الحالية والقادمة. وبالرغم من اننا نعيش عصرنا الذهبي بتروليا باستمرار تجاوز عوائدنا النفطية حاجز التريليون ريال سنويا نتيجة لبقاء أسعار النفط أعلى من مائة دولار للبرميل. الا ان تحدي بعض المشكلات الاقتصادية الهيكلية مثل البطالة وتواضع مستوى التعليم العام، ومحدودية دور القطاع الخاص واستمرار اعتماده الكبير على الانفاق الحكومي والذي بدوره يعتمد على ما يُدره النفط من عوائد، أدخلنا في حلقة مفرغة هشة تعتمد على ما يقرره لنا سوق النفط العالمي، ولا يحقق لنا الاستدامة في نمونا الاقتصادي والاجتماعي. والأمير مقرن يستطيع من خلال إعادة ترتيب بيتنا من الداخل وتفعيل مؤسساتنا بشكل أكبر بما في ذلك المجلس الاقتصادي الأعلى والذي يمثل « مطبخنا الاقتصادي»، ليعود الى مساره الصحيح في المبادرة، ويصبح محور رسم استراتيجية واضحة لما نرغب ان نكون عليه خلال العشرين سنة القادمة وطبيعة الأهداف والمبادرات التي يمكن تطبيقها لتحقيق هذه الاستراتيجية وهذه الرؤية، والمتابعة الدقيقة لمراحل التنفيذ، وتذليل كل الصعاب التي تعترض طريق التنفيذ. وتوجه المملكة مؤخرا نحو تنفيذ استراتيجية التحول الى مجتمع معرفي بحلول عام 1444 وهي الاستراتيجية التي وضعتها مجموعة الأغر للفكر الاستراتيجي وتنفذها الآن وزارة الاقتصاد والتخطيط، ما هي إلا استراتيجية على ورق ان لم يكتب لها التنفيذ الدقيق والسريع وفق جدول زمني لأهدافها لا نتخطاه. وأجزم ان الأمير مقرن لن يترك هذه الاستراتيجية تخضع لبيروقراطية الجهاز الحكومي وتجاوزها المدة المحددة، بل ستكون من ضمن أولوياته وهو يعرف انها المفتاح نحو اقتصادي معرفي عصري مبدع مبتكر يقودنا للتنافس مع الآخرين. كما أن الاستثمار الصحيح لفوائضنا الضخمة وعدم تركها تتآكل في ظل عوائدها المنخفضة والتي هي أقل من معدلات التضخم العالمي، وتبني فكرة انشاء صندوق سيادي مستقل تحت مظلة المجلس الاقتصادي الأعلى، يؤدي الى الحفاظ على هذه الثروات لجيلنا وللأجيال القادمة في ظل أفضل استغلال وإدارة كفؤة شفافة. إن من العوامل المساعدة لأميرنا الغالي مقرن في تحقيق كل هذا هو قربه من جميع افراد الشعب وتفهمه العميق للمشكلات والتحديات القائمة، وتواضعه وبساطته ومرحه الملطف لجو العمل، واهتمامه بكل الأفكار اتي تطرح عليه ليخضعها للدراسة وتحويلها الى أداة فعالة لبناء اقتصاد وطننا الغالي. فهنيئا لنا بقدوم الامير مقرن ليقود ملفاتنا الاقتصادية والاجتماعية نحو بر الأمان، ووفقه الله ليحقق ما منحه إياه والدنا خادم الحرمين الشريفين من ثقة هو أهل لها.