×
محافظة المنطقة الشرقية

مدير عام «الدولية للهجرة»: تبرعات الكويت السخية ساهمت في صنع حياة لمن فقدها وسط التهجير والحروب

صورة الخبر

كل الوطن- موقع كلكتى الاخبارى: رأى وحيد عبد المجيد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية،،أن الأزمات التي تعاني منها مصر من تفاقم الأزمات وارتفاع معدلات الفقر، أدى إلي الحنين إلى عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك حتى انتشرت عبارة ولا يوم من أيام مبارك. وأكد عبد المجيد في مقال له على صحيفة الحياة اللندنية بعنوان هل يفتح الحنين إلى مبارك طريقاً أمام نجله؟ أن هناك احتفاء كبير حاليا بنجلي مبارك، جمال وعلاء، في الكثير من المناسبات، معتبرًا أن ذلك جعل جمال مبارك يتطلع إلى الرئاسة مُجدداً، بعد أن اختفى وبدا أنه صار تاريخاً. والى نص المقال: خلق تفاقم الأزمات بعد ثورة 25 يناير حنيناً إلى عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. يبلغ هذا الحنين ذروته في الذكرى السادسة، التي حلت أمس، لتخليه عن السلطة، بعدما أدت إجراءات مالية ونقدية قاسية توالت في العام الأخير إلى ازدياد معدلات الفقر كمّاً ونوعاً، وسقوط قطاع يُعتد به من الطبقة الوسطى في براثنه، وانتشار الإحباط، وضعف اليقين في شأن المستقبل. لا يقتصر الحنين على تداول عبارات كـ «ولا يوم من أيام مبارك»، بل يظهر في الاحتفاء بنجليه، جمال وعلاء، كلما ظهرا في مناسبة اجتماعية أو رياضية، كان آخرها مباراة كرة القدم الودية بين مصر وتونس في الإسكندرية الشهر الماضي. ويواكب الحنين تخلي بعض أنصار مبارك عن مساندة النظام الحالي الذي راهنوا عليه في البداية، بدعوى أن الأوضاع في عهد الرئيس الأسبق كانت أفضل، كما يظهر في صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وأشهرها صفحة «آسفين يا ريّس». وينطوي الحنين على معانٍ عدة من أهمها التراجع في مستوى الوعي العام، بعدما كان قد ارتفع بدرجة ملحوظة قبيل الثورة وخلالها، إذ يُعد التذبذب سمة من سمات هذا الوعي في مراحل التحولات الكبرى في التاريخ. وفي ظل هذا التراجع، ينسى بعض من كانوا غاضبين في سنوات حكم مبارك الأخيرة أن آمالهم كانت كبيرة بتغيير يوفّر لهم الخبز، ويحقق حرية وعدالة وكرامة افتقدوها ورفعت الثورة شعاراتها، ولا يشعرون بمدى تقزم هذه الآمال التي باتت مقصورة على العودة إلى ما رفضوه أواخر العقد الماضي. وبسبب هذا التراجع أيضاً، لا يذكر من يحتفون بجمال مبارك اليوم أن قلق بعضهم من توريث السلطة إليه كان أحد أهم أسباب تأييدهم الثورة التي لم يروها آنذاك خياراً يُقبل أو يُرفض، بل نتيجة ضرورية لأوضاع تمنّوا تغييرها، ثم باتوا يرجون عودتها. كما يغيب عن الذين شاركوا منهم في الثورة أنهم لم يفعلوا ذلك إلا بعدما أغلق مبارك آخر باب للإصلاح، ولم يستوعب درس التاريخ الحديث، وهو أن منع التغيير الطبيعي الهادىء والمنظَّم في إطار نظام قائم، يفتح الباب لثورة شعبية أو انقلاب تتعدد أشكاله. وقع مبارك أسير مصالح حلقة ضيقة من بعض رجال السلطة وأصحاب الثروة أحاطته في العقد الماضي، وفرَّغت مبادرته في 2005 التي حملت أملاً بالتغيير من مضمونها. كان الغضب الناتج عن انغلاق النظام وسياساته قد بدأ بالتوسع حين بادر مبارك باقتراح تعديل دستوري لتغيير طريقة اختيار رئيس الجمهورية من الاستفتاء إلى الانتخاب. لكن محتوى التعديل كان شكلياً، إذ تضمن ترتيبات وشروطاً جعلت نتيجة الانتخابات محسومة سلفاً، ودعمت الاعتقاد بأنه يُخطط لتوريث السلطة إلى نجله. تصور مبارك أن بضعة تعديلات شكلية أو قشرية من هذا النوع، على طريقة «نيو لوك»، تكفي لاستيعاب غضب شعبي كان يتراكم تحت السطح كما البركان الذي لا بد أن ينفجر يوماً ما. استهان بالاحتجاجات السياسية والاجتماعية التي عبرت عن بعض جوانب ذلك الغضب، وبدد فرصاً كانت سانحة لفتح منفذ يُبقي أملاً بتحقيق إصلاح في إطار نظامه. فقد كان شعوره بالثقة مفرطاً بأنه يسير في الطريق الذي تخيله صحيحاً، فبدا له أن منتقديه مخطئون أو طامعون أو مضللون. وتصير الثقة المفرطة في مثل هذه الحال غروراً، وتؤدي إلى إنكار الواقع، والاستهانة بما يحدث فيه. وظل على يقين، حتى عندما بدأت الثورة، بأن حكمه يتعرض لهزة عابرة، وربما مؤامرة ماكرة، على رغم أن المشهد في شوارع مصر وميادينها كان واضحاً في 28 كانون الثاني (يناير) 2011 المعروف بـ «جمعة الغضب»، ودالاً على أن الوضع أخطر من أن يُعالج عبر تغيير الحكومة. وقد سمعتُ من رجل قانون وسياسة احتفظ بعلاقة طيبة مع النظام والمعارضة حينئذ ما يؤكد أن مبارك كان في حال إنكار كامل للواقع. ذهب الرجل ناصحاً بعد يومين على «جمعة الغضب»، ومحاولاً المساعدة وتقديم تصور لتغيير يُرضي الغاضبين ويُحقّق انتقالاً في إطار النظام، لكنه وجد مبارك في عالم آخر وقد وهنت صلته بالواقع. وهذه إحدى آفات البقاء في الرئاسة لفترة طويلة، إذ يبدأ الانفصال عن الواقع ويزداد تدريجياً. ولذلك كانت ردود فعل مبارك خلال أيام الثورة متأخرة دائماً، كما ظهر في قرار تعيين اللواء عمر سليمان نائباً له، ثم في قرار تفويضه. وهكذا كان سقوطه نتيجة مقدمات صنعها بنفسه، أو إرضاءً للحلقة الضيقة التي أحاطته، فتخلى عن السلطة في الوقت الذي لم يكن أحد ممن تمنوا ذلك مستعداً لملء الفراغ، فشغله المجلس الأعلى للقوات المسلحة رسمياً، وجماعة «الإخوان المسلمين» شعبياً. لذلك كان طبيعياً أن تتعثر الثورة، وتضطرب الأوضاع، وتزداد الصراعات، وتظهر على السطح الآثار الاجتماعية والسياسية والأخلاقية للتجريف الذي حدث في المجتمع على مدى ستة عقود، وتدخل البلاد في نفق لا يرى كثيرون له آخر، ولا يجد بعضهم ملاذاً إلا الحنين إلى عهد كانوا قد ضاقوا به أو غضبوا عليه. ولم يعد مدهشاً، والحال هكذا، أن يُبعث السؤال، الذي شغل الناس في مصر وخارجها في النصف الثاني من العقد الماضي، عن إمكان تطلع جمال مبارك إلى الرئاسة مُجدداً، بعد أن اختفى وبدا أنه صار تاريخاً. يُثار السؤال كلما ظهر مبارك الابن في إحدى المناسبات، على رغم أنه محروم موقتاً من حقوقه السياسية بسبب حكم قضائي أدانه في قضية الفساد في القصور الرئاسية. وربما ارتبط انتشار هذا السؤال بحال الجفاف السياسي الذي يُلحق الضرر بالنظام الحالي وليس بمعارضيه فقط، ويساهم في تراجع مستوى الوعي العام. لكنه يظل في كل الأحوال أحد أسئلة المستقبل، إذا رغب مبارك الابن في العودة إلى المشهد العام بعد انتهاء فترة الحرمان من حقوقه السياسية، لأنه المستفيد الأول من «تأميم» السياسة، وغلق المجال العام، وشيطنة ثورة 25 يناير، الأمر الذي قد يجعله «البديل» الذي لا يجد بعض المصريين أمامهم غيره إذا أرادوا تغييراً في مرحلة مقبلة.