ربما تكون هذه الفضيحة هي الأولى وبهذا الحجم التي تفجرها هيئة السوق المالية منذ بدء هذا السوق الذي ما زالت تكتنفه كثير من التساؤلات ويحيط به قدر غير قليل من الغموض، خصوصا بعد الانهيار التاريخي الذي داهمه فجأة وحصد ضحايا لا حصر لهم، ولم يحصل الناس إلى الآن على تفسير مقنع لما حدث. هذه المرة تبنت هيئة السوق المالية تعقب مخالفة فادحة فاضحة، ولكن بعد ضغوط المتضررين وتصعيدهم للقضية، وإن كان ذلك يُحسب للهيئة فإنه لا يخلي ساحتها من تحمل جزء من المسؤولية ولا يبرئها من تهمة التراخي إزاء مخالفات حدثت في قطاع تتحمل مسؤولية إدارته وتنظيمه ومراقبته. الفضيحة تتعلق بشركة كبرى ارتكبت التضليل والتغرير بالمكتتبين كما جاء في الحكم الذي صدر بحقها، فقد حددت علاوة إصدار ثبت أنها مرتفعة جداً، وقد ترتب على هذه المخالفة وغيرها من المخالفات تحقيق مكاسب غير مشروعة، فجاء الحكم ضدها متضمناً الغرامة والتعويض والسجن لبعض أعضاء مجلس إدارتها، ودفع مبلغ 1.62 مليار ريال لصالح هيئة سوق المال. حسناً، أليست هيئة سوق المال هي المسؤولة عن مراقبة وتنظيم ومتابعة أي عملية اكتتاب من بدايتها إلى نهايتها والتأكد من نظاميتها وصحة إجراءاتها، وعندما يكون الجواب نعم فالسؤال التالي هو كيف وافقت الهيئة على السعر المرتفع جدا عند الإصدار، وكيف لم تضبط الأمور وتضعها في مسارها الصحيح قبل أن تستحوذ الشركة بمخالفاتها على أموال الناس وتكسب المليارات منها. أما السؤال الآخر فهو لماذا يودع مبلغ 1.62 مليار في حساب الهيئة بدلا من ذهابه إلى المتضررين الحقيقيين، وإذا كان هناك مسوغ نظامي أو قانوني لهذا الإجراء فإننا نرجو الهيئة أن توضحه لنا. ولكي تزداد جرعة الإثارة في هذه القضية فقد اتهم نائب رئيس مجلس إدارة الشركة السابق إحدى الشركات والذراع الاستثمارية لبنك محلي بالتواطؤ في ارتكاب المخالفات بحسب صحيفة «عكاظ» يوم أمس، وما دام قد عرفنا الشركة التي قامت بالمخالفات فما المانع من معرفة الجهات التي تواطأت معها إذا كانت المعلومة التي ذكرها نائب الرئيس السابق صحيحة فعلا. إن في ذلك حماية للناس وردعا للمخالفين والمتواطئين لنهب أموالهم، ومنعاً لارتداد الأسهم سهاماً في قلوب المساهمين المغرر بهم. يظل صنيعك ناقصا يا هيئة سوق المال رغم تقديرنا لجهودك في هذه القضية. عكاظ الرأي حمود أبوطالب مقالات الصحف