عاش إسماعيل الرياشي من سكان العريش مساء الخميس الماضي لحظات صعبة حين كاد يُقتل في مكمن للشرطة بسبب السير الخاطئ اختصاراً للوقت، لكن تعامل ضابط في المكمن مع الموقف منحه فرصة أخرى للحياة بعد أن همّ بإطلاق النار صوبه. واضطر حميد محمد، وهو صاحب متجر في شارع رئيسي في العريش، أن يخلع كاميرات مراقبة ثبّتها أمام متجره وفي داخله، خشية تحطيمه من قبل المسلحين المتطرفين الذين يتبعون تنظيم «داعش» الإرهابي، وتطاردهم قوات الأمن خصوصاً في جنوب المدينة. أما المراسل الصحافي أحمد السويركي فعليه إرسال تقاريره بخصوص الأحداث الميدانية في مدن شمال سيناء، إلى مقر جريدته في القاهرة، عبر البريد الالكتروني، قبل انقطاع خدمة الإنترنت أو فصل التيار الكهربائي، حتى لو لم يكن أنجزها للنهاية، وإن أسعفه الحظ ولم تتعطل اتصالات الهاتف الجوال، فسيُمنح فرصة لإبلاغ زملائه في الجريدة بأي طارئ قبل فوات الأوان. الظروف الصعبة التي يحياها سكان مدن شمال سيناء جراء الحرب ضد الإرهاب فيها، قد تُغضبهم لكنهم يتقبلونها ويسعون الى التعايش معها، أملاً في تطهير بلادهم ومدنهم من جور المسلحين، الذين لا يلتزمون الأعراف القبلية التي تحكم تلك المدن. وروى إسماعيل الرياشي لحظات صعبة عاشها على مكمن «الخلفاء» في مدينة العريش، حين كان قاصداً منزله، واختصاراً لطريق سيستغرق وقتاً أطول، سيمر عبره على مكامن عدة. خاطر الرياشي بالسير عكس الاتجاه أمام المكمن لتخطيه، والاستئذان من ضباطه للمرور، لكنه لم يكن يفعلها لو علم أنه يخاطر في الحقيقة بحياته. ما إن اقترب الرياشي من المكمن حتى سمع بأذنيه أمراً من ضابط، لم يره لحظتها، لجندي بإطلاق النار، ثم سمع صوت سلاح آلي، تُشد أجزاؤه تأهباً لإطلاق النار، فصرخ طالباً إمهاله فرصة، وترجّل من سيارته رافعاً يديه فوق رأسه، فطلب من الضابط أن يتوقف، ليلتقط أنفاسه، قبل أن يبلغه أنه موظف حكومي، وأنه لا يبغي أي شر بأفراد المكمن، فطلب منه الضابط خلع بزته، وتفريغ كل ما في جيوبه، وبعدها خلع قميصه، حتى يتأكد أنه لا يُخفي حزاماً ناسفاً تحت ملابسه، بعدها سمح له الضابط بارتداء ملابسه من جديد، وسمح له بالاقتراب بعدما تأكد أن خطأه لا يستوجب القتل. في تلك اللحظات كان الرياشي قد اقترب كثيراً من الموت، خصوصاً أن غيره سبقه إليه بسبب أخطاء ربما غير مقصودة عند المكامن الأمنية المتأهبة لمواجهة الإرهابيين في شمال سيناء، ولما فقد الرجل أعصابه إلى حد بعيد، سعى ضباط المكمن إلى تهدأته، فصافحه الضابط بحرارة وحاول تطمينه، بأنه أصبح آمناً. كما تلقى اعتذاراً من الضابط ولوماً على تصرفه بالسير في شكل معاكس في اتجاه المكمن في ظل الاستنفار الأمني الذي تشهده المدينة، ليرد الرجل على الاعتذار باعتذار. يقول الرياشي: «أنا مدين لهذا الضابط بعمري بعدما تمهّل للحظات فأنقذ حياتي، هو إنسان ذو خلق رفيع ومن أروع من التقيت في حياتي، فقد آذاه ترويعي إلى حد كبير، وكأنه من أخطأ ولست أنا». أما حميد محمد، فاضطر أن يشوّه حوائط متجره لانتزاع وصلات كهربائية مثبت في نهايتها كاميرات مراقبة داخل المتجر وأمامه، خشية دهمه من قبل المسلحين الذين لا يأمن أبداً جانبهم، فقد تنتهي المداهمة بقتله. أقدم محمد على تلك الفعلة رغماً عنه، بعدما حطّم مسلحون متجراً قربه في مدينة العريش لانتزاع كاميرات المراقبة منه، وقد دخلوا المتجر وعاثوا فيه وبعدما تأكدوا أن صاحبه مُسلم أبلغوه أن «مراقبة الناس بالكاميرات وتتبع عوراتهم حرام شرعاً»، وحذّروه من أنه سيدفع حياته ثمناً إن أقدم على تكرار تثبيت تلك الكاميرات. وفي الحقيقة، المسلحون يستهدفون المتاجر المُراقبة بالكاميرات ليس تطبيقاً لشرع ولا حفاظاً على عورات، فلا الشرع يمنعها ولا هي تكشف العورات، بل خشية كشف تحركاتهم أو منح أجهزة الأمن خيطاً لتتبع «عوراتهم هم البادية لكل ناظر والتي ترافقهم أينما حلوا»، كما قال محمد الذي أضاف: «آثرت السلامة وقمت بخلع الكاميرات، فالنقاش مع هؤلاء المسلحين خطر، والخطأ معهم قد يساوي حياة». الظروف التي يحياها أهالي مدن شمال سيناء والصعوبات التي تواجههم في عيشتهم وتجارتهم وتنقلاتهم، دفعتهم إلى التفكير في تحرك من أجل طرح حلول لتلك المشكلات أو على الأقل تحسين ظروف المعيشة. وتُرتب قبائل سيناء الآن لتشكيل «مجلس شعبي» من أبناء القبائل، يتشكل من 10 من كل مدينة من مدن شمال سيناء، يمثلون كل عائلات وعواقل وقبائل المدينة، على أن ينضم إلى المجلس نواب المحافظة في البرلمان، ليكون همزة وصل بين السكان ونوابهم، ويتولى هذا المجلس تحديد المشكلات التي تواجه أهالي سيناء واقتراح حلول لها وإبلاغ النواب بها ليسعوا لدى السلطات إلى تطبيقها، ويعتقد القائمون على هذا المشروع أنه قد يساعد في تحسين ظروف معيشة سكان شمال سيناء، ويسعون الآن الى التواصل مع النواب لإتمامه. ونشر (أ ف ب) تنظيم «ولاية سيناء»، الفرع المصري لـ «داعش»، صوراً لإعدام خمسة رجال قال إنهم «جواسيس» للجيش المصري. وأظهرت الصور رجلاً في زي عسكري مرقط يطلق النار على خمسة رجال ممددين أرضاً.