وحدها قلوب الأطفال التي لم يطلها الزيف ولا تتزلّف أو تداهن حين تعبّر عن مشاعرها عبر ضحكة خجولة وابتسامة نقية كنقاء قلوبهم وطُهرها. الطفل مناحي السبيعي الذي تعرّض قبل سنة ونصف لحادثة ذهبت ببصره وعينه بعد نشوب سكين حادة قطّعت شبكيتها لكنها لم تقطع براءته وحلمه بأن يعود له بصره بها كما كان إن شاء الله. مناحي ذي السبعة أعوام أجريت له عدة عمليات من قبل الدكتور سعد الدهمش استشاري شبكية عيون بمستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي بالرياض الذي كانت مساحة إنسانيته شاسعة لدرجة أذابت الحاجز بين الطفل وطبيبه، فالدكتور وبحنوّه الأبوي الشفيف استطاع أن يلج لأعماقه ويكسر برهافة حسّه العلاقة المهيبة التي عادة ما تربط بين دكتور جراح ومريضه، سيما وإن كان المريض طفلاً في سن مناحي. تطورت هذه العلاقة بعد كل عملية ليجد الطفل نفسه مدفوعاً ببراءة غضّة لأن يقوم بإهداء هذا الدكتور وبشكل مفاجئ في عيادته بدرع تكريمي وضع عليه صورة الطبيب وهو يجري إحدى العمليات، وعند سؤاله من أين أخذ الطفل صورته رد ببراءته بطريقتي الخاصة وتعبيراً عن امتناني لك، مما جعل الطبيب يتعجب من طريقته ويبتسم له. سلوك الطفل مناحي يعكس تجذر العلاقة الإنسانية حين يكون الرفق والحنو من قبل الطبيب هو أساسها.