×
محافظة المنطقة الشرقية

الخطاب المنافق للتطرف وأنسنة الأشياء في القمة العالمية للحكومات

صورة الخبر

محمد رُضا بعد شهرين من طرح المخرج الألماني فرنر هرتزوغ لفيلمه الجديد داخل الجحيم، حمل ابن السابعة والأربعين عاماً نفسه وأقدم على مغامرة جديدة مع الصورة. فهو حالياً يقف مخرجاً لسلسلة من البرامج التلفزيونية الأمريكية تحت عنوان الكره في أمريكا. يتحدث هرتزوغ عن مشروعه الجديد بحماسة كبيرة تشعرك بأن الرجل لم يعرف شيئاً من الحياة بقدر ما عرف من السينما. 94 فيلماً متنوعاً بين قصير وطويل وتسجيلي وروائي، لمختلف الجهات من ألمانيا إلى فرنسا والولايات المتحدة، ولا يزال يبدو اليوم أكثر انشغالاً مما مضى من سنواته، أو مثلها على الأقل. فرنر هرتزوغ من رعيل السبعينات في السينما الألمانية التي كشفت عن مواهب جديدة تقدمت كلها صوب العمل بخطوات رجل واحد. زملاؤه الآخرون هم: فولكر شلندروف وألكسندر كلوغ وأولي لوميل وهلما ساندرز برامز ومرغريت فون تروتا وفيم فندرز، وراينر فرنر فاسبيندر، الذي غادر دنيانا. كل واحد من هؤلاء كان له نصيب في بناء السينما الألمانية الجديدة، لكن هرتزوغ هو من أصاب العدد الأكبر من التنوع. وفي الحوار التالي، يحدثنا عن مشروعه الفني وحياته والمخاطر التي يراها في مهنته.. ما هو الكره في أمريكا؟ إنه مسلسل من 4 ساعات، كل ساعة منه تشكل برنامجاً يقدّم جانباً معيناً من ذلك الموضوع. كما تعلم، هناك الكثير مما يمكن لي أو لأي مخرج آخر الحديث فيه تحت هذا العنوان. لكن لكل منا طريقته في الاقتراب من المضمون. وما طريقتك أنت؟ كيف سيتميّز المسلسل؟ المهم ليس كيف سيتميز بل ماذا سيقول. حين قلت إن لكل منا طريقته الخاصة في تناول الموضوع، قصدت أن سقف هذا الموضوع شاسع وتحته الكثير من الجوانب والأمثلة. ما وجدت نفسي مكترثاً له هو أقرب إلى التحقيق المستقل عما يجعل البعض عنصرياً ضد البعض الآخر. المنطلق دائماً هو فلسفة في فهم الحياة لا تختلف عن الفلسفة النازية في الثلاثينات من جهة وتلتقي عوامل اجتماعية حالية من ناحية أخرى. إنه موضوع عن البشر وهو ما ميّز كثيراً من أعمالك حتى تلك التي تحدثت فيها عن الطبيعة. البيئات التي أطرق بابها ليست منفصلة عن بعضها البعض. وهي بطبيعة الحال مرتبطة بمن يعيشها. حين أنظر إلى الطبيعة، من براكين أو فيضانات أو زلازل، تبدو لي كما لو أنها تريد أن تتحدث إلى البشر. طبعاً لا يفهم أحد ما تحاول أن تقوله لكننا نفهم جميعاً أنها حالات تنتج عن ردات أفعال بعضها مختلق وبعضها طبيعي. لا أريد أن أصوّر البراكين فقط، بل أصوّر معنى الجبال بالنسبة لبعض الشعوب ومعنى البركان بالنسبة لبعض التقاليد. هذا يقودنا إلى داخل الجحيم، لأننا نجد الفيلم يتحدث عن قاطني تلك المناطق الخطرة. كيف تكتب سيناريو لفيلم كهذا؟ تضع خطوطاً عامّة وتسبق التصوير بوضع خطة عمل تتضمن السفر إلى حيث تريد أن تصوّر الفيلم بناءً على ما سيرد فيه من حديث. لهذا الفيلم زرت كثيراً من البراكين وجلت في المناطق القريبة منها لأستطلع رأي الناس ولمعرفة المزيد من الزوايا التي سأتحدث فيها. بعد كل هذا لا تكتب سيناريو كالذي تكتبه لفيلم روائي، بل هو تفصيل للموضوعات التي تتطرق إليها حسب كل موقع. هذه هي الطريقة التي اتبعتها. هل تنصح مخرجي السينما التسجيلية بها؟ نعم، ولكن ليس على نحو استنساخي. أستطيع أن أفعل ذلك لأن لدي سنوات كبيرة من العمل في هذا المجال وأعرف كيف أتجنب الأخطاء. ما يجب أن يسبق كل ذلك معرفة المخرج الجديد لما يريده من الحياة ذاتها. عليه أن يكتشف ما يريده للعالم أولاً ولنفسه فيما بعد. ماذا يثير اهتمامك قبل كل شيء حين تريد تحقيق فيلم ما؟ هناك حالات مختلفة لكن لا بد لها أن تلتقي ورؤيتي أو رؤية المخرج. عند هذه الحالات لا فرق إذا ما كنت سأحقق فيلماً تسجيلياً أو روائياً. * هل حققت فيلماً ما لأجل المادة فقط؟ نعم ولا. نعم من حيث أنني قبلت بمهام لأن عليّ أن أعمل لكي أعمل، ولا لأنني دائماً أصر على تحقيق الفيلم الذي أريده أنا. * ما تقصد حين تقول أعمل لكي أعمل؟ أعيش حياة خطرة تجبرني على مواصلة العمل. أقصد أنني أتنقل كثيراً وأبحث كثيراً وأعمل كثيراً وأنفق على ذلك كثيراً أيضاً. ومررت بأزمات اقتصادية لكني دائماً أخرج منها وفي أغلب الأحيان باختيار أحد المشاريع المعروضة عليّ. بعد فيلمك ملكة الصحراء قبل عامين انتظر البعض أن تطلبك هوليوود لتحقيق أفلام مكلفة ولم يحدث ذلك. ملكة الصحراء كان فيلماً كبيراً، لكن ليس بتكلفته وإنما بمحيطه الزمني وبمكان تصويره وبالحياة التي اختار أن يسردها لامرأة بريطانية شجاعة أرادت أن تعيش في الصحراء العربية. هذا لا يعني أنه فيلم على منهج الأفلام الكبيرة التي تحققها هوليوود. أنت تدافع عنه ضد من اتهمك بأنك تقدّم فيلماً إسلامياً؟ نعم. كان ذلك الأمر سخيفاً لأن يُذكر. لم أقدم فيلماً عن الدين في حياتي. من طرح ذلك السؤال في المؤتمر الصحفي وجد ألا أحد من الحاضرين اكترث له. الكل يعلم أن في الإسلام كبرياء وسمواً لكن القلّة هي المصابة بالإسلاموفوبيا. وهي قلّة تعيل على ما يقوم به بعض المتطرّفين. أنا لا أتبع هذا الشأن ولا أكن للمصابين بهذا الداء أي تقدير. هل تعتبر ملكة الصحراء فيلماً تجارياً؟ ليس فيلماً ضد الجمهور لذلك هو فيلم تجاري، وإن كنت آمل أن ينجح تجارياً أكثر مما فعل. أنا مخرج أفهم في السوق وفي التجارة وليس من مصلحتي أن أجعل الممول يخسر ماله المدفون في عملي. عليّ أن أعيره هذا القدر من التقدير. هل سترفض تحقيق فيلم بميزانية من ملايين الدولارات؟ سأقبل إذا ما أعطاني المنتج المبلغ كاملاً واختفى تماماً بعد ذلك. لا أطيق الطريقة التي تعامل فيها هوليوود المخرجين فتضع لهم كثيراً من الشروط وتحد من قدراتهم ومواهبهم. العديد من الأفلام التي تتحدث عنها تشبه بعضها بعضاً والأسلوب الشخصي للمخرج غائب. الأمكنة مهمّة لديك. الكهوف الأثرية في كهف الأحلام المنسية والجبال الوعرة في فتزجيرالدو أو الغابات أو في الصحراء القاحلة كما هي الحال في ملكة الصحراء، ماذا جذبك إلى هذه الأماكن؟ كل بيئة طبيعية لها روح خاصّة. الصحراء لها تلك الروح. صوّرت كثيراً في الطبيعة الأوروبية وفي الغابات الآسيوية أو سواها. لكن الصحراء تكلّمت معي على نحو خاص. هناك جمال لا يمكن وصفه عندما تكون وسط الصحراء محاطاً بالرمال. ما سبب اهتمامك بحياة الرحالة البريطانية غرترود بل؟ جاءتني الفكرة بعد قراءة مذكراته وتحدثت مع بعض المنتجين وسار الفيلم بعد ذلك في سياقه العادي. هذا من بين الأفلام التي لم أخطط لها طويلاً. في 2015، كان الفيلم هو فيلمك الروائي الأول منذ سنوات. ليس صحيحاً. في السنوات العشر الأخيرة حققت أكثر من فيلم روائي إذا كان التقسيم بين التسجيلي والروائي يهمّك. العمل عندي لا ينقسم بين الروائي والتسجيلي ولا أكاد أهدأ مطلقاً. هناك أعمال أخرى أمارسها في نطاق العمل السينمائي لا تسجل لي. لماذا اخترت نيكول كيدمان للدور؟ نيكول ممثلة مناسبة لأدوار كثيرة وفي رأيي لم تجد العديد من السيناريوهات التي تمنحها فرصة تقديم هذه الأدوار المختلفة. هي ممثلة جيدة وعلاقتنا خلال التصوير كانت ودّية جداً. من ينظر إلى قائمة أفلامك يرى أنك لم تحقق أفلاماً كثيرة عن شخصيات نسائية؟ هذا صحيح بعض الشيء. معظم أفلامي من بطولات رجالية، ما جعلني أفكر بأنني أريد أن أحقق المزيد من الأفلام التي تتولاها المرأة. هل حدث أن عرضت نفسك لمخاطر بدنية أثناء التصوير؟ في داخل الجحيم وقع انفجار بركاني بينما كنت ومدير التصوير نطل على الهوة من حافة الجبل. فجأة حدث انفجار وتعالت القذائف النارية. لولا أننا انتبهنا إليها قبل لحظات من وصولها لما انتهى الفيلم. * بعد ملكة الصحراء حققت فيلماً روائياً آخر هو ملح ونار، لكنه لم يعرض جيداً في أي مكان آخر. ما السبب؟ السبب ليس جديداً بالمرّة. أفلامي لا يوجد لديها موزعون ينتظرونها. كل فيلم هو مغامرة إنتاجية بحد ذاتها. وهم يعرفون شكل أفلامي والكثير منهم يتجنبها. لكني أريد أن أقول إنه لم يكن الفيلم الوحيد الذي حققته بعد ملكة الصحراء. أخرجت 3 أخرى. أيعني ذلك أنك عملياً لا تتوقف عن العمل رغم أن أفلامك ليست مطروحة جيداً للتوزيع؟ هذا صحيح، لكن السؤال الذي لم تسأله أنت هو: إذا ما كان ذلك يؤثر في خياراتي، والجواب لا. هل يدفعني ذلك لتغيير أسلوب عملي؟ لا. تأخرت في ذلك عدة عقود وهذا لحسن الحظ. لست ضد الفيلم الذي يبيع التذاكر لكني ضد أن أسعى لأبيع التذاكر بأي وسيلة.