رغم الحرب الكارثية التي يعيشها السوريون والأزمة الاقتصادية والمعيشية وبالإضافة لانقطاع الكهرباء لساعات طويلة والنقص الحاد في وسائل التدفئة وبعد 3 سنوات من غياب مظاهر الزينة والاحتفالات عن بيوت وشوارع وأزقة مدنهم احتفاء بعيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، قرر الكثير منهم الاحتفاء هذا العام ولو بشكل متواضع وليس كما كانت الاحتفالات قبل الحرب والأزمة. فالعابر ومنذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي في الشوارع والأسواق الرئيسية في العاصمة السورية دمشق يلاحظ مظاهر الزينة وأشجار الميلاد المضاءة حين تأتي الكهرباء فقط وهي غالبا لا تأتي سوى ساعتين في المساء، و4 ساعات في النهار (ساعتان مجيء مقابل 4 ساعات قطع أي تأتي الكهرباء 8 ساعات فقط في الـ24 ساعة)، وذلك حسب برامج التقنين والمناطق ـ كذلك يلاحظ عودة لإعلانات فنادق الـ5 نجوم والمطاعم عن حفلات فنية بمناسبة العام الجديد 2015 وعيد الميلاد ولكن معظم المشاركين في هذه الحفلات هم مطربون محليون باستثناء حفلة فندق الميريديان وهي للمطرب اللبناني أيمن زبيب في حين كان يتنافس منظمو هذه الاحتفالات قبل الأزمة على الإعلان عنها قبل أسابيع من موعد الحفل في رأس السنة الميلادية كاستقدام كبار المطربين العرب واختيار ملكات جمال السهرة واستضافة خبراء الفلك والأبراج ومقدمي الفقرات الهزلية والضاحكة وغير ذلك لجذب الزبائن إليها من خلال إعلانات الطرق والصحف الإعلانية الأسبوعية المجانية. في سوق الصالحية حرص بعض الشباب على ارتداء لباس بابا نويل من بداية ديسمبر (كانون الأول) وقاموا ببيع بعض الألعاب للأطفال العابرين مع ذويهم السوق، وفي هذا الصدد يقول (ماهر ب): بأنّه كان يفعل نفس الشيء قبل 4 سنوات وكانت المرّة الأخيرة في نهاية عام 2010 ولكنه عاد الآن ليحتفي مع الأطفال الذين أثّرت الحرب على نفسيتهم كثيرا فلعله يساهم في زرع الفرحة ولو بشكل بسيط، ولا ينكر ماهر أنه اعتبر هذا العمل فرصة لجني بعض المال من بيعه لهذه الألعاب فهو كحال الكثير من الشباب السوري يعاني البطالة وعدم توفر فرص العمل. في أسواق وحارات القصّاع وباب توما والعباسيين وباب شرقي والطبالة والدويلعة ذات الأغلبية المسيحية انتشرت الزينة بشكل واضح هذا العام بخلاف الأعوام الـ3 السابقة كما احتضنت الكنائس والأديرة مغارات عيد الميلاد بشكل فني جميل ومنها كنيسة مار إلياس في الطبالة وبالقرب من مطرانية الأرمن الأرثوذكس في باب شرقي حيث استقطبت الأطفال والأسر لمشاهدتها والتجول فيها والتقاط الصور والحال نفسه في الكثير من المناطق والبلدات السورية ومنها بلدة كفربهم في محافظة حماه وسط البلاد حيث افتتحت في كنيسة مار إلياس للروم الكاثوليك مغارة كبيرة على مساحة نحو 100 متر كما نظمت الكنيسة أمسية ميلادية مع ترانيم دينية، كذلك نصبت أشجار الميلاد ورأس السنة الميلادية في الكثير من فنادق العاصمة كان أكبرها شجرة الميلاد في فندق الداماروز (الميريديان) حملت اسم شجرة السلام بحضور فعاليات دينية واجتماعية وسياحية على نيّة السلام في سوريا بينما غابت وللعام الرابع على التوالي احتفالية إقامة أكبر شجرة ميلاد في سوريا والتي كانت تستضيفها كل عام إحدى ساحات المدن السورية وتنظمها جمعية النادي الموسيقي الأهلية الدمشقية. وفي حين اعتمدت الكثير من الأسر على الحلويات المنزلية والحلويات الشعبية رخيصة الثمن نسبيا كالمعمول لهاتين المناسبتين بسبب الأسعار المرتفعة للحلويات الجاهزة ظهرت على واجهات محلات بيع الحلويات الجافة أنواعا من حلوى اللوزينا والراحة الدمشقية وقوالب الكاتو التي تأخذ أشكالا جميلة لبابا نويل وشجرة الميلاد ونجومها وأجراسها. وتقول (ربا) التي تدير أحد هذه المحلات: الكيلوغرام من هذه الحلوى الخاصة بعيد الميلاد ورأس السنة يصل لنحو 4000 ليرة سورية ولذلك أشاهد الناس تتوقف أمام واجهات محلي لتتفرج ولا تشتري ويردون على أطفالهم أنّ هذه ألعاب وثمنها مرتفع وليست للأكل؟!.. ويقول (حنّا ف): الحرب والأحداث الدامية أنهكتنا منذ 3 سنوات ولكن قررنا هذا العام أن نحتفل بالأعياد ولو بشكل خجول وبسيط لعلّ العام المقبل 2015 يحمل معه السلام لسوريا وتتحقق فيه الحلول الجذرية للأزمة التي نعاني منها، لقد تعبنا ويحتاج هذا الشعب الجريح لقليل من الفرح... يشاطر حنا الكثير من السوريين في أن يكون العام المقبل حاملا معه بشائر الخير للشعب السوري خاصة أن الأزمة الاقتصادية تفاقمت في الأشهر الـ3 الأخيرة حيث شهدت الليرة السورية انخفاضات جديدة أمام الدولار الأميركي والعملات الصعبة الأخرى كذلك ارتفعت أسعار المحروقات والخبز مما تسبب بزيادة الأسعار لمعظم المواد الاستهلاكية والغذائية والتي هي بالأساس مرتفعة ولذلك يلاحظ أن أسواق الألبسة التي ازدحمت واجهات محلاتها بالموديلات الجديدة لعام 2015 ورغم الإعلان عن تخفيضات عليها بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة فإن حركة البيع ضعيفة حيث تفوق أسعارها قدرة الكثير من السوريين على الشراء، ساهم أيضا في ضعف تواجد الناس في الأسواق موجة البرد القارس التي تشهدها دمشق والمدن السورية الأخرى في هذه الأيام الكانونية.