أكّد صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن «التراث هو المرادف لوحدتنا الإنسانية التي تجمع مختلف الشعوب والثقافات والحضارات، لذلك ظل مهدداً من قبل الظلاميين أصحاب الأفكار السوداء الذين يحاولون هدم تاريخنا وذاكرتنا، ويسعون إلى تمزيق معالم الهوية الإنسانية التي تجمعنا وتحويلها إلى هويات متنازعة تلبي رغبتهم في الصراع والخراب». عالم ينبض بالحياة حملة «متحدون مع التراث»، حركة عالمية تقودها «اليونسكو»، بهدف الاحتفاء بالتراث الثقافي والتنوّع الثقافي وصونهما في شتى أنحاء العالم، والجميع مدعو - في إطار هذه الحملة التي استهلت استجابة لما يتعرّض له التراث من اعتداءات غير مسبوقة - إلى الوقوف في وجه التشدّد والتطرّف، عن طريق الاحتفاء بالأماكن والقطع والتقاليد الثقافية، التي تجعل من عالمنا عالماً غنياً ينبض بالحياة. جاء ذلك، في كلمة سموّه التي ألقاها، صباح أمس، في حصن الشارقة، بمناسبة إطلاق حملة «متحدون مع التراث»، التي تقودها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، بهدف الاحتفاء بالتراث الثقافي والتنوّع الثقافي وصونهما في شتى أنحاء العالم. ووجّه صاحب السموّ حاكم الشارقة، رسالة إلى الأجيال الشابة والمؤسسات الراعية للتراث. وقال: «أقول لأبنائي من الأجيال المقبلة إن التراث الإنساني هو هويتكم ورمز وحدتكم، فكونوا على قدر من المعرفة والتسامح لتمنحكم حضارة الأولين خيرها، وتحقق سلامكم وأمنكم ونهوضكم، وأدعو المؤسسات القائمة على رعاية التراث أن تعي دورها في مواجهة الظلام والخراب». وأضاف سموّه: «نحن مطالبون جميعاً بالوحدة لحماية تراثنا الإنساني ومواجهة محاولات طمسه، ولا يمكننا أن نحقق ذلك من دون المعرفة والتسامح والانفتاح، فالتعصب والجهل يدفعان بنا إلى مزيد من الهدم والخراب، ويغذيان القوى الظلامية ويحققان أهدافها في محو ذاكرتنا وتشويه تراثنا». وأشار صاحب السموّ حاكم الشارقة، إلى التنوع الثقافي والتقائه في صورة ثقافية مشتركة ومكملة. وقال: «علينا أن نعرف أن التراث الإنساني ملك لنا جميعاً لكل الشعوب والثقافات، ولا يشكل تنوع هوياته سوى صورة لوحدته واتساع مفرداته، ليكون قادراً على جمعنا وتوحيدنا أمام ما أنجزه الأسلاف من صروح معمارية وفنون جمالية وابتكارات رائدة.. فالحضارة نتاج تراكمي تعتمد كل مرحلة منها على ما سبقها». وأكّد أن «مهمة حماية التراث تتطلب عملاً جماعياً وتكاتفاً حقيقياً، يبدأ بالأفراد والمجتمعات، وينتهي بالأمم والحضارات، فبالجهد والعمل المتواصل تتحقق الآمال الكبيرة، ونبني لأبنائنا من الأجيال الجديدة مستقبلاً يليق بما يطمحون إليه، وبما حلمت به عقول الحكمة والمعرفة تاريخياً». وأضاف: «قادت الشارقة على مدى أعوام طويلة سلسلة من المشروعات الرائدة على مستوى رعاية التراث وحفظه، سواء على الصعيد المحلي أو العربي أو الدولي، فلم تتجاوز يوماً رسالة حكماء الإنسانية العظماء التي قالوا فيها: (إن الحكمة لا تمنح نفسها لمن يهمل الأسلاف)». وألقت مدير عام «اليونسكو»، إيرينا بوكوفا، كلمة عبّرت فيها عن سعادتها بإطلاق حملة «متحدون مع التراث في الشارقة»، التي تولي الثقافة والتراث أهمية كبيرة. وأثنت على دولة الإمارات عموماً والشارقة خصوصاً في الحفاظ على التراث. وتجوّل صاحب السموّ حاكم الشارقة، برفقة وفد «اليونسكو» في أروقة حصن الشارقة، مطلعين على جانب من ورش الأطفال، التي ينظمها الحصن، للتعريف بالمأكولات الشعبية الإماراتية.