تحتاج قضية التبرع في المجال الصحي إلى المزيد من العناية والاهتمام من خلال التوعية والدعم الفاعل. أبسط قضايا التبرع هي قضية التبرع بالدم وهي التي يجب أن يكون لها أولوية في التوعية لتكوين مجتمع راغب وحريص على التبرع كوسيلة لتحسين نوعية الحياة والتكافل الاجتماعي. يتفق الجميع على أهمية التبرع بالدم وأجره وفائدته لطرفي التبرع، إذا نُفذ حسب الأصول والقواعد المعتبرة علمياً. فعلى الرغم من تحفظ البعض على قضايا التبرع بالأعضاء، بقي التبرع بالدم مقبولاً، بل محموداً في المجتمع بكل فئاته. على أنه من المهم النظر لموضوع التبرع بالأعضاء بشكل أكثر احترافية. فما دام المجتمع يعاني نقصا في المعلومة الشرعية، وما دام العاملون في جمعيات ومراكز التبرع غير متواصلين مع كل فئات المجتمع، وما دامت الجهات التنظيمية والتشريعية لم تمارس دور التشريع بالشكل الذي يشجع المترددين على التبرع، فسنظل نعاني مشاكل كثيرة من قبيل سفر المحتاجين إلى دول يمارس فيها بيع الأعضاء والزراعة في غرف وممرات تفتقر إلى أبسط متطلبات الحماية والنجاح لمثل هذه العمليات. على أن أكبر الإشكاليات هي التي تتعلق بحرمة الجسد البشري بعد الوفاة، وهو ما يحتاج إلى توعية على نطاق واسع، ترتكز على نشر فتاوى علماء الدين والتركيز على الموضوع في خطب الجمعة. يمكن أن يشارك علية القوم من خلال الإعلان عن التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، لأن علية القوم هم القدوة وسيفعل الناس إن هم فعلوا. أعود لقضية التبرع بالدم التي لا تزال تؤرق العاملين في القطاع الصحي وأهالي المحتاجين. يؤسفني أن أرى أعداداً محدودة من المواطنين الذين يحصلون على الأوسمة التي يحظى بها المتبرعون لعشر أو أكثر من المرات. إن حجم التبرع بالدم دليل على تقدم الدول، ففي الدول المتقدمة علمياً هناك 39 متبرعاً لكل ألف مواطن، تنخفض هذه الأرقام لتصل إلى أربعة متبرعين لكل ألف مواطن في الدول الأقل حضارة. تقع المملكة في منطقة العشرينيات، والأمل أن تسهم التوعية والجوائز والنشر خلال المهرجانات والأسابيع والاحتفالات والمواسم السياحية والثقافية، ودعم مختلف الجهات بتوفير مراكز التبرع وتعاون جهات كجمعية الهلال الأحمر بانتشارها وقربها من المواطن في دفع هذه النسبة إلى الأربعينيات.