المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والإخبارية، يخرج بهذه النتيجة والقناعة، حيث لا تزال الاتهامات تتطاير هنا وهناك، ولا يزال التراشق بالألفاظ والشكوك وسوء الظن والكيد والدسائس، مخيماً على سماء السياسة في البلاد اليوم! فماذا استفدنا من هذا الجدل والفوضى بالحوارات والمساجلات السياسية؟ وليرجع كل عاقل إلى مضابط الجلسات وليتأمل ما فيها؟ وهناك أمر آخر مصادم لثقافتنا وعاداتنا، وهو ما تم التعارف عليه، ان الشخصية العامة يجوز نقدها علانية؛ لأنها شخصية عامة؟ ولا أدري تحت أي غطاء هذا؟ وعندنا في شريعتنا لا يجوز الاتهام أو القذف بلا بينة لأي إنسان، سواء كان شريفاً أو ضعيفاً، كما جاء النهي عن السخرية بالآخرين أو تتبع عوراتهم وجاء في الحديث «من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته» رواه الترمذي وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ، لاَ تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» سنن أبي داود. وفرق كبير بين الاستجواب الدستوري المستحق المبني على أسس موضوعية، وبين الافتراء والتلفيق وتصيد العثرات، إذ إن المقصود هو تسديد عمل الوزير وتصويبه وليس فضحه وتوبيخه؟ طالما انه تم اختياره من رئيس الحكومة، وهو محل ثقة الامير، والقارئ في بعض محاور الاستجوابات لا يجد صدى لما جبلت عليه النفس العربية ولا حرصا على صالح المجموع؟ وبطبيعة الحال، هذا لا يمنع من الاستجواب المستحق الموضوعي والمبني على أسس صحيحة لكي يستفيد الوزير ونتجاوز عن أخطاء لا يمكن تجاوزها إلا بهذا، وبهذا يعرف الوزير أن يده مغلولة إذا تجاوز القانون. أما الافتراء على الناس وتتبع عوراتهم فلا يجوز في شريعتنا القائمة على إحسان الظن والستر والتجاوز فأين هذه القيم في عالم السياسة اليوم؟ وهذا عنترة بن شداد على جاهليته يقول ويفتخر بحفظ الجوار: وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها