بعد الاستنكار الأوروبي الواسع لسن قانون التسويات، الذي يعطي «الشرعية» لنحو 2700 بيت بنيت في المستوطنات على أراضٍ فلسطينية ذات ملكية خاصة، وزعت وزارة الخارجية الإسرائيلية على سفاراتها في العالم، أمس، رسالة أعدها ديوان رئيس الحكومة، بهدف صد الانتقادات، تنطوي على تشويه للحقائق وتتضمن معلومات منقوصة. ومن بين الرسائل الرئيسة التي طولب سفراء إسرائيل بتأكيدها أمام المسؤولين في البلدان التي يخدمون فيها، هي أن المحكمة العليا الإسرائيلية ستفحص القانون وقد تلغيه. وقال مسؤول رفيع في القدس، طلب التحفظ على اسمه، إن الوثيقة التي تشمل ثماني نقاط، صودق عليها من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو شخصيًا. وجرى توجيه سفراء إسرائيل إلى المبادرة للتطرق إلى الموضوع. وجاء في الرسالة أن «كل قانون يصادق عليه الكنيست يمكن فحصه من قبل المحكمة العليا إذا جرى تقديم التماس ضده». ويمكن العثور على دليل لاستغلال نتنياهو لهذا البند في الرد الأميركي على القانون، حيث قال مسؤول في الخارجية الأميركية، أمس، إن واشنطن ستعقب على القانون فقط بعد صدور قرار المحكمة العليا بشأنه. يشار إلى أن وثيقة الرسائل التي أعدها ديوان نتنياهو ترسم صورة جزئية للقانون. وعلى سبيل المثال، تؤكد الوثيقة أن القانون جاء لحل مشكلات تتعلق بالبيوت التي بنيت «من دون انتباه»، مع العلم بأن وزراء اليمين الحاكم، يتباهون بأنهم نجحوا في تبييض ألوف البيوت السكنية في المستوطنات متحدين الجهات الدولية. وتقول الوثيقة، إنه «من المهم التأكيد بأن هذا القانون يهدف إلى معالجة حالات قائمة، ولا يهدف بتاتًا إلى تشكيل ترخيص لمصادرة الأراضي». لكن القانون الذي صودق عليه، يتوقع أن يتيح مصادرة أراضٍ فلسطينية في المستقبل أيضًا، وليس مجرد تشريع البيوت غير القانونية. ولا تشير الرسالة إلى بناء البيوت بشكل غير قانوني على أراضٍ فلسطينية خاصة، وبدلاً من ذلك جرى استخدام مصطلح «أراضٍ ليست حكومية». وجاءت الرسالة هذه، على أثر قيام وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فدريكا موغريني، بنشر بيان شديد اللهجة، مساء أول من أمس، الثلاثاء، شجبت فيه قانون مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة، المسمى بـ«قانون التنظيم». وقالت موغريني، إن «هذا القانون يتجاوز حافة جديدة وخطيرة» في كونه يسمح بمصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة في أرض محتلة، ولأنه سيسمح بتشريع الكثير من البؤر غير القانونية، خلافًا لالتزامات سابقة للحكومة الإسرائيلية، وبشكل يتعارض مع القانون الدولي. وقالت موغريني، إنه إذا جرى تطبيق هذا القانون، فإنه سيرسخ بشكل أكبر، واقع الدولة الواحدة، دون أن تمنح الحقوق المتساوية لكل المواطنين، وسيرسخ الاحتلال والصراع الأبدي. وأكدت أن الاتحاد الأوروبي يدعو القيادة الإسرائيلية إلى الامتناع عن تطبيق القانون، وعدم القيام بخطوات تعمق التوتر وتهدد فرص التوصل إلى حل سلمي للصراع». وكشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أن قرار إسرائيل توسيع البناء في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية، والمصادقة على قانون مصادرة الأراضي الفلسطينية، هو الذي أدى إلى تعليق القمة الإسرائيلية - الأوروبية التي كانت مقررة ليوم 28 الحالي، والتي كان يفترض أن تسوي العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. وحسب صحيفة «هآرتس» العبرية، فقد قال دبلوماسيون أوروبيون، طلبوا التكتم على أسمائهم بسبب حساسية الموضوع، إنه خلال اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذي عقد أول من أمس، أعربت دول أوروبية عدة، عن معارضتها لعقد القمة في الوقت الحالي. وكان يفترض بهذا المؤتمر أن يوثق التعاون المشترك بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وتحديد برامج عمل وجدول أولويات مشترك لدفع العلاقات. ومن بين الدول التي تحفظت على عقد القمة، فرنسا، السويد، آيرلندا، هولندا وفنلندا. وحسب الدبلوماسيين الأوروبيين، فقد ادعت تلك الدول، أنه في ضوء الخطوات الإسرائيلية الأخيرة في موضوع المستوطنات، أي دفع بناء 6 آلاف وحدة إسكان جديدة في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية، سيكون من الخطأ عقد هذه القمة في الوقت الحالي. بل ادعت بعض الدول أن عقد اللقاء في هذا الوقت وتسوية العلاقات، سيكونان بمثابة تقديم جائزة لإسرائيل لقاء سلوكها السيئ. يشار إلى أنه لا يمكن عقد قمة كهذه من دون إجماع كامل الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ويجب أن يتم الإجماع، ليس فقط بشأن موعد اللقاء، وإنما جدول أعماله، والقضايا التي ستناقش مع إسرائيل ومضمون البيان الختامي. وقال دبلوماسيون أوروبيون إنه لا يوجد في هذه المرحلة إجماع، ولذلك تقررت مناقشة الموضوع مرة أخرى خلال الاجتماع المقبل لمجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي سينعقد في مطلع شهر مارس (آذار). ويلاحظ في إسرائيل، أنه مقابل الموقف الأوروبي النشط، تتلكأ الإدارة الأميركية في إعلان موقفها من القانون، الذي سنه الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية، إن إدارة ترمب معنية بمناقشة الموضوع مع الجانبين. وحسب أقواله، فإنه من المتوقع أن يتم إخضاع القانون للمحكمة العليا في إسرائيل، ولذلك فإن الإدارة لن تعقب حتى يصدر قرار المحكمة العليا.