×
محافظة المنطقة الشرقية

منظومة الكترونية لشراء واستلام كراسات مزايدات «الأمانة»

صورة الخبر

توبّخ سعاد ناصر ابنها منجد (5 سنوات) في شكل يومي لدى ارتكابه حماقات الصغار التي اعتادها، وتستعين بوالده لضربه في حال امتناعه عن تأدية فروض الروضة التي بدأ الدراسة فيها منذ شهور. «حين أجد نفسي عاجزة عن ردعه أو منعه من الشخبطة على دفتره، أستعين بوالده الذي يضربه ويؤدّبه فيمتنع عن العبث بكتبه وتمزيقها في لحظة غضب أثناء تدريسي له، فهو غالباً ما يرفض إكمال واجباته ويعبّر عن عصيانه بتمزيق دفاتره أو كتبه»، تقول سعاد واصفة واقع التعامل مع صغيرها. وتضيف: «تربية الصغار من دون عنف تفسدهم وتعرّضنا للانتقاد أمام الآخرين الذين سيتهموننا بالفشل في تربية الأولاد إذا بدرت منهم تصرفات سيئة». واللافت أن سعاد ليست ربة منزل فقط، بل هي أستاذة جامعية تحمل شهادة الجدارة (الماجستير) منذ ثلاثة أعوام، تدرّس في الجامعة مع زوجها، ويوصلان صغيرهما إلى الروضة صباح كل يوم، ثم ينطلقان إلى مقر عملهما، ويعودان ويصطحبانه بعد الظهر. وتؤمن سعاد أن الأولاد لن يحصلوا على تربية مناسبة في حال التوقّف عن تعنيفهم في مواقف يستحقون فيها ذلك كي يتعلّموا الأدب. أسر عراقية عدة على اختلاف ثقافاتها ومستواها التعليمي تؤيد «السيدة الجامعية»، وتعتبر أن العنف جزء مهم من قوانين التربية في البيت، بدءاً من من رفع الصوت في وجه الطفل المتذمر أو الذي يرتكب حماقات الصغار المعتادة، مروراً بحرمانه من أشيائه الخاصة التي يعشقها، وصولاً إلى استدعاء الأب لضربه في حالة العجز عن ثنيه عن إرادته. وتوضح سعاد أن «معظم صديقاتي يستخدمن العنف في تربية الأولاد، فالديموقراطية لن تجدي نفعاً مع الطفل الذي يعتاد الضرب لا سيما بوجود جد أو جدة يفسدانه داخل المنزل، ويشجعانه على التذمّر بل ويدافعان عنه دائماً». ويشاطر سرمد جمال سعاد الرأي في ضرورة استخدام العنف مع الأطفال في حالات معينة، باعتبار أنه مهم تحديداً مع الأولاد الذكور، مبرراً موقفه بالقول: «يمتاز الذكور بالعناد على النقيض من الأناث اللواتي يطعن الوالدين. لذا، أستخدم العنف مع ابني آدم (8 سنوات). في المقابل، لا تتذمر ابنتي سارة (6 سنوات) ولا تتمرّد مثل أخيها، بل غالباً ما تنجز واجباتها المدرسية». وليست الواجبات المدرسية وحدها ما تسبب الضرب، بل سلوك الأولاد في ما بينهم كما يقول سرمد. فهم غالباً ما يتشاجرون في ما بينهم وفي شكل مستمر. ونادراً أن تتشاجر الفتيات، وعند حصول ذلك يكفي التوبيخ أو الصراخ بصوت عالٍ لإيقاف كل شيء وإنهاء الأمر. فيما يتعارك بعض الاولاد في ما بينهم غير آبهين بصيحات الأهل. كما أن العنف يشكّل جزءاً من التربية وقوانينها والعلاقة بين الأولاد أيضاً. يوضح جمال حسن أن «ابني مقدام (11 سنة) يقوم بالصراخ على شقيقه حسن الذي لم يتجاوز ربيعه الثاني، ويضربه أحياناً لا سيما في غيابي». ويضيف: «الأولاد أنفسهم يمارسون العنف ضد أشقائهم الصغار في غياب الوالدين عن المنزل، ويقلدانهما في سلطتهما على الأطفال». ويؤكّد جمال أن المشكلة في استخدام العنف هي أن الأولاد يعتادون الأمر تدريجاً فيصبح وكأنه أمر طبيعي. ويرتكبون الأخطاء أو يتذمرون، وحين نهددهم بالضرب يرد ابني مقدام بالقول «تعال واضربني فذلك ليس بالأمر الجديد». تخرّج جمال من قسم الاجتماع في كلية الآداب. لكن يبدو أن النظريات التي تعلمها وحفظها في الجامعة لم تنفع، فعاد لاستخدام أسلوب العنف في التربية، على نهج ما اعتمده أبواه في تربيته. وهو لا يؤنّب نفسه على ما يقوم به، بل يتباهى بأن «جعل منّا رجالاً نشعر بالمسؤولية ونتحمّل الأعباء. وسيؤدي إلى النتائج ذاتها مع أولادنا».