منذ أنْ بدأت منظمة الصحة العالمية، والمؤسسات المتخصصة في تقسيم الاضطرابات النفسية والعقلية، واضطراب الوسواس القهري يدخل ضمن إطار اضطرابات القلق، برغم معارضة الكثير من كبار الأطباء النفسيين المُهتمين بهذا الاضطراب. وظل الأمر على هذا الوضع حتى عام 2015، عندما قررت الجمعية الأميركية للأطباء النفسيين فصل اضطراب الوسواس القهري عن اضطرابات القلق، وجعل اضطرابات الوسواس القهري مجموعة خاصة مع الاضطرابات القريبة منه أو تتماهى مع هذا الاضطراب وأطلقوا عليها طيف الوسواس القهري والاضطرابات القريبة منه Obsessive-Compulsive and Related Disorders ويضم هذا الطيف، اضطراب الوسواس القهري، اضطراب التمركز حول الجسد، اضطراب التخزين، اضطراب الوسواس القهري نتيجة تناول مخدرات أو أدوية، اضطراب الوسواس القهري نتيجة مرض عضوي، واضطراب الوسواس القهري غير محدد الأسباب. ينتشر اضطراب الوسواس القهري بين عامة الناس تقريباً بنسبة 1.2% في الولايات المتحدة، بينما حسب التقارير العالمية فإن انتشار الوسواس القهري حوالي ما بين (%1.1-1.8). وتكون نسبة انتشار اضطراب الوسواس القهري أكثر بين النساء بنسبة قليلة جداً مقارنة بالرجال، بينما يكون انتشار الاضطراب أكثر بين الأطفال الذكور مقارنةً بالأطفال الإناث. بعض الدراسات في الوطن العربي، تُشير إلى ارتفاع نسبة الإصابة باضطراب الوسواس القهري قد تصل إلى 5%، ولكن تظل هذه الدراسات تحتاج إلى تأكيدها. متوسط العمر للإصابة باضطراب الوسواس القهري في الولايات المتحدة هو 19 عاماً، و25% من المرضى يبدأ عندهم الاضطراب وهم في سن الرابعة عشر، والإصابة بعد سن الخامسة والثلاثين تقريباً غير متوقّعة، لكن يمكن أن تحدث. والإصابة بهذا الاضطراب يبدأ في سنٍ مبكر عند الأطفال الذكور، حيث يبدأ عند 25% منهم قبل سن العاشرة. عادةً الأعراض تبدأ بالتدريج لكن يمكن أن يكون مفاجأً. إذا لم يُعالج اضطراب الوسواس القهري فإنه يُصبح مرضاً مزمناً، وعادة في نوبات تخف وتشتد ولكن عند القلة يكون متواصلاً، وتتدهور حالة الشخص المصاب باضطراب الوسواس القهري. بدون علاج فإن نسبة التحسّن تكون قليلة، حوالي 20%، وبالنسبة للإصابة بالمرض في فترة الطفولة والمراهقة فإن كثيرا من هؤلاء قد يتحسَّنون مع بداية النضج، على الرغم من أنَّ حوالي 40% من المرضى الذين يبدأ عندهم الوسواس القهري في سن الطفولة يُصبح المرض مُزمناً، وقد يستمر مدى الحياة. وسنتحدث عن هذا الاضطراب المهم في أعداد قادمة، فيما يتعلّق بالأعراض والعلاج ودور الوراثة وتأثير هذا الاضطراب على المرء في حياته وكيف يمكن التعايش معه.