النسخة: الورقية - سعودي بعض الجامعات تشعرك بأنها مستبدة عندما يتعلق الأمر بالنساء، ليس حديثاً مفترى، فالقصص والتحقيقات وشهادات العاملات، خصوصاً المستضعفات من المستخدمات والمتعاونات تؤكد ذلك. في جامعة جازان التي أسهب الكثيرون في الثناء عليها، وهو ثناء في بعض جوانبه مستحق، في هذه الجامعة رفضت عاملات النظافة، رواتبهن التي لا تزيد على 950 ريالاً، مطالبات بتحسين أوضاعهن، في ضوء تحملهن لمصاريف أسرية، وضغوط عمل لا تتوازى مع الراتب، هكذا يقول التحقيق في «عكاظ». بون شاسع بين احتفاء الجامعة بأول دفعة من الطبيبات، وبين سكوتها على نساء كبيرات مستضعفات، ربما كانت إحداهن والدة أو جدة إحدى الطبيبات، ونسجت من تجاعيد يديها وهي تنظف ممرات الكليات قصة نجاح سلطت فيه الأضواء على الجانب الجميل من الصورة، وهي، أي هذه المرأة ربما كانت الجانب الأجمل فيها. اصطفاف الخريجات كان يجب أن يسبقه اصطفاف المكافحات في وظائف متدنية بحثاً عن لقمة عيش كريمة، بعرق الجبين الوضاء الذي يشبه جبين كل أم حباها الله بالستر فلم تقع تحت رحمة شركة تتعاقد معها الجامعة، فتعقد حياة الكثيرات. الشركة التي تعمل فيها العاملات قامت بتوقيع عقود معهن ارتفع بموجبها الراتب إلى ما يصل إلى 1200 ريال، إلا أن العاملات اعتبرن أن عدم ربطهن بالموارد البشرية يجعل فرصهن في الأمان الوظيفي مفقودة، داعيات الجهات المختصة إلى المبادرة بالوقوف مع مطالبهن، بخاصة أن بعضهن لديهن خبرة تصل إلى أعوام، ولا يتم الاعتراف بها من الشركة المتعاقدة معهن. تأملوا في الرقم 1200 ريال، أقل من رواتب معظم العاملات في منازلكم، وعودوا إلى الموضوع المنشور ستجدون أسماءهن تدل على أنهن مواطنات، عار علينا أن نوكل أمرهم إلى شركة تعتبر رفع أجورهن «مبادرة»، وترفض رفعها أكثر من ذلك. في الزميلة «الشرق» عنوان عريض يقول: «وظائف مؤقتة برواتب متأخرة.. واستغناء مفاجئ.. . عمل مجاني أيام الامتحانات.. ووضع غير قابل للاستقرار»، وهو يتحدث عن المتعاونات في جامعة القصيم، سعوديات كثير منهن تخرجن بامتياز، وتماطل الجامعة في تعيينهن، و«تكرفهن» بشكل مستبد إذا صدقت روايتهن في الموضوع، واحسبهن صادقات. في القصة مكافآت تُصرف متأخرة، لا ضمانات، لا حقوق. ويستمر الصمت طويلاً حتى تحصل المتعاونات على ما يستحققنه مادياً، إضافة إلى عدم وجود أي حق للمتعاونة في الجامعة مثلها مثل أية موظفة رسمية، الشكوى مستمرَّة، والقضية قديمة تتجدد. كما عبّرت معظم المتعاونات في كل التخصصات. قبل أشهر تتذكرون إثارة الزميل داود الشريان لقضية موظفات في جامعة الأميرة نورة، ومن المؤكد أن هناك جامعات أخرى فيها قصص مشابهة، فلماذا هذا الاستبداد ببنات الوطن، ولماذا والجامعات منارات علم ويفترض أنها نماذج تحتذى، لا تكون منارات ممارسات إدارية عادلة، وواقعية. mohamdalyami@