اليوم سنعرج على جنس من أجناس الأدب العالمي ومنه الرواية والتي يفهمها البعض على أنها مجرد تسلية وجنس وقلت أدب بل تعدى الأمر على وصف غالب كتاب الرواية بالعلمانيين بل تعداها إلى الملحدين . أمر لا يصدقه عقل ولا يقبله منطق حين نفهم الكثير من أجناس الأدب على إنه موصل للإلحاد والكفر والعياذُ بالله . اليوم سأكتب عن الرواية وأعرفكم على واحداً من أعظم الروائيين في منتصف القرن السابع عشر وهو الروائي الكبير فيودور دو ستويفسكي من جمهورية روسيا الاتحادية , كان فيودور شاب لم يتجاوز الخامسة والعشرين حتى ذاع صيته بين الأدباء وكبار النقاد آنذاك , كتب الرواية وهو في سن مبكر . حتى بلغ الأفاق وخاصة أوربا يمتلك أسلوب فلسفي وديني وأخلاقي واجتماعي مميز جداً . وحين صدر بهِ حكم الإعدام بأمر القيصر وقبل أن ينفذ الحكم بدقائق أصدر نيقولا القيصر عفواً بموجبة ينفى إلى سيبيريا لمدة أربع سنوات . سأنتقل إلى واقعنا اليوم وما يحمل علينا وعلى البعض من الكتاب والروائيين الذين أثروا الفكر البشري وعلى مر التاريخ بأفكارهم والتي لاتنضب حتى أخر لحظة من العمر ودون مقابل بل البعض قد يدفع من جيبة كي ينشر ويمارس غواية الكتابة وحبه لها لا يقف على المقابل . اليوم تلقى التهم جزافا علينا وعلى الكثير بأن الروائيين هم أهل دعوة للجنس والفسق وكل كتاباتهم هي عبارة مضيعة للوقت وهدر للمال . وأخرى عبارة عن تسلية وخراباً للفكر وهذا من وجهة نظر الكثير قد تكون صائبة حيث أن بعض الروائيين ومن الجنسين , كتب روايات هي في الحقيقة قذارة الأدب خاصة ممن يلهثون وراء الشهرة وبأي وسيلة فلا مانع أو وازع ديني أو خلقي لديهم . مما حدى ببعض المحافظين والدعاة بوصفهم أهل سفور ومجون , وقد تكون هذه العبارة فيها وجهة نظر وصائبة أحياناً لولا أن هناك أدب رفيع المستوى ومن المتعارف عليه أن الرواية هي عبارة عن قصصة تحكي واقع المجتمع ومختلف القضايا البشر الماضي منها والحاضر , أن بعض الروائيين أصبح ملهماً للكثير من الفلاسفة والعظماء ممن يدعمون الأدب النقي الطاهر ,والرواية تعالج الكثير من القضايا المجتمعية وتعرضها بشكل مفصل ومشوق دون أن يمسون حرية الآخرين , أن الرواية هي في حقيقتها عبارة عن تاريخ وفلسفة وجغرافيا وماضي وحاضر وعاطفة وسياسة ودين وعلم اجتماع . اليوم نحن في حال حرب ولو كنت تحفظ القرآن كاملاً طالما أنت روائي فلابد أن تتوب عنها . يقول الفيلسوف الشهر فردريك نتشه حينما سمع أن فيودور أقترب موعد تنفيذ حكم الإعدام عليه قال : إننا كنا نستسقي كثيراً من علوم الفلسفة من هذا الروائي العظيم . اليوم في مجتمعنا وخاصة بعض المحافظين يتهمون بعض الروائيين والذين عالجوا الكثير من قضايا المجتمع وطرحوا أدباً يحمل من جمال الفكر واللغة الشيء الكثير إلا أنهم أصبحوا في خانة الملاحدة دون أي مبرر فقط لأنهم روائيين . والذين يفتون بالقتل والفتن وما سببوه من قتل للذرية البشرية لازالوا يسمون تسمية الصالحين . أن الرواية هي من عرفتنا على الكثير من نقاط التاريخ وواقع المجتمعات وجغرافيتها حتى رائحة الياسمين والفل كدنا أن نشم رائحته ومن خلال الكلمة.فالقرآن بهِ الكثير من القصص مثل قصة يوسف وسليمان وعيسى وأصحاب الكهف وإبراهيم . بل أن الله ذكر القصة في القرآن سورة تعرف بالقصص . وكل ما يروى يعتبر رواية فالأصل ولكن تغير بعض أفكارها شوه حقيقتها وجمالها . وتمتاز الرواية بعناصر عدة أهمها التشويق فهي محفز للقراءة أما ما كُنا نتحدث عنه فهو أعظم روائيي القرآن السابع عشر قد رحل وترك أرث للعالم أدبي لا يقدر بثمن أن الأدب في تعريفه الحقيقي هو ما يتحدث عن جمال الإنسان الداخلي والخارجي دون أن يخضع لآي رقابة دينية أو تيارات حداثية . محمد الفلاج