كانت إيران تستعد للانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة في بداية الثمانينيات، فإذا بها تدمر كل شيء باسم الدين والمذهب والولي الفقيه، حتى كادت أن تصل إلى مستوى الدول الفاشلة، 60 شخصية سياسية ودينية وفكرية من قادة الثورة، دفنوا تحت أنقاض مقر الحزب الحاكم، ومحاكم «خلخالي» تعقد جلساتها وتصدر أحكامها وتعدم الناس في الشوارع، فإذا بالصناعة المتطورة تنهار، والتجارة المتميزة تتوقف، ومليارات النفط تهدر على فكر عبثي متهور. أنتجت إيران صناعات جديدة، وسوقت بضائع تدمر ولا تعمر، بعد توقف حربها مع العراق، وغزو صدام للكويت في عام 1990، ووقوع العراق تحت تبعات وعقوبات ذلك الغزو، وانشغال الجميع في ترقيع الفتق الذي أصاب الجسد العربي، لعبت إيران بالمتفجرات وتشكيل الخلايا المذهبية، وتهريب السلاح والمخدرات، وفتح مراكز تدريب شبه عسكرية، وبدأت تتحدث علانية عن الفرز المذهبي، ونصبت نفسها وكيلة لآل البيت، وراعية لكل من يتبع المذهب الاثنى عشري، فشقت الصفوف الوطنية في كثير من الدول، وتدخلت دون حياء في شؤونها الداخلية، وأطلقت العنان لصناعاتها التدميرية، وخرج قادة جيشها وحرسها الثوري ومليشياتها بتهديدات لدول المنطقة، حتى حانت فرصة غزو بوش الابن للعراق، ودخلت الفيالق المذهبية مع الدبابات الأميركية، بعد أن تلحفت بشعارات الوطنية، وارتدى أعضاء «فيلق بدر» و«حزب الدعوة» الزي العسكري، وطاردوا قيادات السنة وعلماءهم ومفكريهم، فقتلوا الآلاف منهم، وهجروا الملايين من بيوتهم، في أكبر عملية فرز عنصري قائم على المذهب والانتماء الطائفي، وجاء باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة، وكانت سنواته الثماني المتميزة بالضبابية، فرصة لنظام الملالي، حتى تمادى مع أتباعه في لبنان والعراق واليمن، واستمر الإرهاب الثوري الإيراني في زعزعة الأمن والاستقرار في البحرين، ووصلت المليشيات المذهبية المجندة من أتباع الولي الفقيه في أفغانستان وباكستان والعراق ولبنان إلى سوريا، ولولا يقظة أهل مصر والسودان ودول المغرب، لغرقت هذه الدول في الإرهاب الإيراني، الذي اختار وليه الفقيه، التوسع مع الدمار، بدلاً من التقدم مع البناء. وللحديث بقية.