الرياض: مينا العريبي وهدى الصالح استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في روضة خريم، أمس، الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي بدأ، أمس، زيارة إلى المملكة العربية السعودية. وكان في استقبال الرئيس الأميركي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، والأمير مقرن بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رئيس ديوان ولي العهد المستشار الخاص للأمير سلمان. بعد ذلك، صحب الأمير سلمان الرئيس الأميركي إلى مقر خادم الحرمين، حيث صافحه الملك عبد الله مرحِّبا به وبمرافقيه في السعودية. ورأس خادم الحرمين الشريفين والرئيس أوباما جلسة مباحثات جرى خلالها بحث آفاق التعاون بين البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين في جميع المجالات. كما بحث الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الأميركي، في الاجتماع الذي استمر ساعتين، مجمل الأحداث في المنطقة، وفي طليعتها تطورات القضية الفلسطينية، والوضع في سوريا، إضافة إلى المستجدات على الساحة الدولية وموقف البلدين منها. حضر الاجتماع الأمير سلمان بن عبد العزيز، والأمير سعود الفيصل، والأمير مقرن بن عبد العزيز، والسفير السعودي في واشنطن عادل بن أحمد الجبير. وحضره من الجانب الأميركي وزير الخارجية جون كيري، ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس، والسفير الأميركي لدى السعودية جوزيف ويستفال، والمساعد الخاص للرئيس منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول الخليج فيل غوردن، وكبير مديري الشرق الأوسط في مجلس الأمن الوطني روب مالي. وقال مسؤول أميركي كبير إن الرئيس باراك أوباما والملك عبد الله بن عبد العزيز ناقشا بعض «الاختلافات التكتيكية» في رؤيتيهما لبعض القضايا، لكنهما اتفقا على أن التحالف الاستراتيجي بين الجانبين لا يزال قائما. وفي رد فعل أولي من البيت الأبيض، أفاد بيان أمس بأنه «خلال لقاءاته مع الملك عبد الله، أعاد الرئيس أوباما التأكيد على الأهمية التي تعلقها الولايات المتحدة على علاقات وثيقة مع السعودية، التي استمرت أكثر من 80 عاما». وأضاف: «الولايات المتحدة والسعودية تعملان معا لمعالجة عدد من القضايا الثانوية والإقليمية المهمة، بما فيها حل الأزمة في سوريا، ومنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وجهود مكافحة الإرهاب لمكافحة التطرف ودعم المفاوضات لإحلال السلام في الشرق الأوسط». وأضاف البيان أن «القوات الدفاعية الأميركية والسعودية تتمتع بشراكات في غاية الأهمية، وتشارك في عمليات مشتركة بشكل دوري لدفع المصالح المشتركة لأمن الخليج». وفي لقاء مع الصحافيين بعد اجتماع أوباما في روضة خريم، أكد مسؤول أميركي رفيع المستوى أن موقف بلاده الرافض لتزويد صواريخ أرض - جو للمعارضة السورية «لم يتغير». ولفت المسؤول إلى أن «اللقاء بين الملك والرئيس لم يدخل في تفاصيل تقنية حول دعم المعارضة، كان لقاؤنا لبحث القضايا الاستراتيجية». و أكد المسؤول الأميركي أن الاجتماع ركّز على سوريا وإيران، موضحا أن أوباما حرص على توضيح موقف بلاده من إيران، وأن العمل على اتفاق حول برنامج طهران النووي لن يعني عدم الاهتمام بـ«دور إيران المزعزع لاستقرار المنطقة». وشدد مسؤول أميركي ثانٍ على أن أوباما «قال للملك عبد الله إنه لن يقبل باتفاق سيئ مع إيران»، أي اتفاق لا يضمن عدم تطوير طهران سلاحا نوويا. وتحدث مسؤولان أميركيان رفيعا المستوى للصحافيين المرافقين للرئيس الأميركي، في زيارته إلى الرياض، ليوضحا تفاصيل الاجتماع الذي وُصف بـ«الممتاز»، واستمر ساعتين. وأوضح المسؤول الأميركي رفيع المستوى أن أوباما حرص خلال الاجتماع على إفادة الملك عبد الله «إلى أي مدى أنه يثمن العلاقات الاستراتيجية مع السعودية.. والرئيس أوضح أن المصالح الاستراتيجية ما زالت متطابقة مع السعودية». وأضاف: «إننا ملتزمون بالدفاع عن أصدقائنا وحلفائنا في المنطقة»، خاصة فيما يخص منع انتشار الأسلحة النووية والطاقة ومكافحة التطرف. وأوضح المسؤول الأميركي الأول أن الاجتماع ركّز على إيران وسوريا، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين. وأضاف: «جئنا هنا في وقت فيه تصور بانعدام الثقة والخلافات، ولكن مصالحنا الاستراتيجية متطابقة، وهذا ما جاء الرئيس لقوله هنا»، مشيرا إلى أهمية «ما يجمعنا فيما يخص إيران وسوريا.. ونحن ملتزمون بوقفهم (إيران) دعم الإرهاب، ونحن نريد دعم الشعب السوري ومساعدته في مواجهة (الرئيس السوري بشار) الأسد ومنع الإرهاب». وشدد على أهمية اللقاء بين خادم الحرمين الشريفين وأوباما، موضحا: «عندما يتحدث القائدان معا، نخرج بقناعة بأننا شريكان استراتيجيان». وبدا المسؤولان الأميركيان مرتاحين للاجتماع ونتائجه. واتفق الملك عبد الله والرئيس الأميركي على مواصلة المشاورات وتخويل كبار مسؤولي البلاد بالعمل معا. واستحوذت إيران على جزء كبير من الاجتماع، أمس، حيث حرص أوباما على توضيح تصوره فيما يخص طهران للملك عبد الله بن عبد العزيز بنفسه. وقال المسؤول الأميركي الأول إن «الرئيس شرح بدقة وحذر ما نقوم به مع إيران»، بينما أوضح المسؤول الثاني أن «المفاوضات النووية لديها هدف محدد، وهو منع إيران من الحصول على سلاح نووي.. وفيما يخص العلاقات الأوسع مع إيران، لن يحدث ذلك إلا في حال رأينا تغييرا من إيران في تصرفاتها بالمنطقة.. وما زالت العقوبات المفروضة على إيران المتعلقة بالإرهاب قائمة». وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول كيفية مواجهة الولايات المتحدة لتصرفات إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة، قال المسؤول الأميركي: «نحن نعمل ضد نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، ونعمل لدعم الحكومة اليمنية في مواجهة الحوثيين، ونعمل لكشف الحوثيين وغيرهم من مجموعات (تدعمها إيران)». وأضاف: «نحن نحاول التصدي لتصرفات حزب الله، ونتعاون أمنيا على ذلك»، موضحا: «الإجراءات الصارمة لمواجهة تصرفات إيران الإرهابية مستمرة، وستبقى قائمة إلى حين تغير إيران تصرفاتها». وتابع: «لو استطعنا التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران، ولو غيرت تصرفاتها حينها، يمكن أن يكون لدينا حديث أوسع مع الإيرانيين، ولكنهم لا يفعلون ذلك، بل تصرفاتهم في المنطقة مثلما كانت عليه قبل أن تبدأ المحادثات». وشدد المسؤول على أن «الرئيس أوضح للملك عبد الله وجها لوجه أننا ملتزمون بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وأننا ندخل المفاوضات وأعيننا مفتوحة تماما، وأن المفاوضات منعت تقدم البرنامج النووي الإيراني». وأضاف أن الرئيس الأميركي أكد أنه «لن يقبل اتفاقا سيئا مع إيران، والتركيز على البرنامج النووي لا يعني أننا لا نركز على دور إيران المزعزع لاستقرار المنطقة، وتدخلها في شؤون دول المنطقة ودعمها للإرهاب». وفيما يخص سوريا، أوضح المسؤول الأميركي أن الملك عبد الله بدأ الاجتماع بالحديث عن «الأزمة الإنسانية في سوريا، ومعاناة الشعب السوري»، مضيفا أن تأثر خادم الحرمين الشخصي حول معاناة السوريين كان واضحا في الاجتماع، وشدد على أن الأزمة ليست فقط سياسية وأمنية، بل إنسانية بالدرجة الأولى. وأضاف المسؤول: «إننا نشترك في السعي لتحقيق حل سياسي، ودعم المعارضة المعتدلة، وعزل المتطرفين، ونحن ننسق بشكل أفضل لدعم المعارضة». ونفى المسؤولان تغيير الموقف الأميركي حول تزويد المعارضة السورية بمنظومات الدفاع الجوي المحمولة. وبعد أن نشرت وكالة «أسوشييتد برس» تقريرا يفيد بأن أوباما سيبلغ خادم الحرمين الشريفين بقرار دعم المعارضة السورية بالصواريخ، أكد نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس، قبل الاجتماع، أن بلاده لن تسمح بذلك، وأنها لم تغير موقفها الرافض لإعطاء منظومات الدفاع الجوي المحمولة. وأوضح رودس: «لقد أوضحنا أن هناك أسلحة محددة، من بينها منظومات الدفاع الجوي المحمولة التي يمكن أن تشكل خطرا، في حال جرى إدخالها إلى سوريا، وما زلنا نشعر بذلك القلق». وكان أوباما وصل إلى الرياض في زيارة للسعودية أمس، وكان في استقباله لدى وصوله إلى مطار الملك خالد الدولي الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، والأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض، والسفير الأميركي جوزيف ويستفل، ومدير عام مطار الملك خالد الدولي يوسف بن إبراهيم العبدان، ومندوب عن المراسم الملكية، وأعضاء السفارة الأميركية لدى السعودية. ويضم الوفد المرافق للرئيس الأميركي، وزير الخارجية، ومستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي سوزان رايس. * العلاقات السعودية ـ الأميركية.. بعيدا عن السياسة هناك نقاط تعاون عدة بين السعودية والولايات المتحدة، بعيدا عن السياسة. وفيما يلي نبذة بسيطة عن بعض هذه النقاط: * الصادرات الأميركية إلى السعودية فاقت 35 مليار دولار عام 2013، بما في ذلك 19 مليار دولار من الصادرات المباشرة وهي زيادة بنسبة 76 في المائة منذ عام 2009. * هناك نحو 80 ألف طالب سعودي يدرس في الولايات المتحدة. * تماشيا مع الاتفاقية السعودية - الأميركية للعلوم والتكنولوجيا الموقعة عام 2008، تعمل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا مع «ناسا» على عدد من المشاريع وتنسق مع عدد من الجامعات الأميركية. * التعاون بين الدوائر الصحية السعودية والأميركية تمتد إلى ثلاثة عقود، وهناك تاريخ طويل بين «مراكز السيطرة على الأوبئة ومنعها» مع وزارة الصحة السعودية خاصة خلال فترة الحج.