×
محافظة المنطقة الشرقية

محاضرة عن المشتقات المالية في «غرفة الشرقية»

صورة الخبر

المتعارف عليه أن أكثر الشعوب استحقاقاً للعطف وتوفير ملاذات آمنة لها، هي تلك التي تعيش وسط مناطق النزاع والصراعات المسلحة، وهو ما يثير التساؤل عن سر تحديد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، 7 دول، 6 منها عربية، وقع عليها الاختيار لتكون ضمن القائمة السوداء والممنوع على مواطنيها اللجوء إلى الولايات المتحدة؛ وهي: العراق وليبيا والسودان والصومال وسوريا واليمن وإيران. وليس صدفةً أن الدول السبع المختارة، كان لأميركا دور كبير في إحداث الفوضى فيها، فضلاً عن أنها تسببت في مقتل الآلاف من سكانها بعمليات عسكرية تحت ذريعة محاربة الإرهاب. وعليه، فلن نجد تفسيراً مقنعاً وقريباً من الواقع، سوى إدراك ترامب أن سياسات إدارات بلاده السابقة، وما يروم اعتماده لاحقاً، كانت -وستكون- سبباً في خلق أجواء من الكراهية والدوافع الانتقامية لدى شعوب تلك الدول. ولأنه يفكر بعقلية الرأسمالية، فهو حريص على اعتماد النهج الوقائي عبر غلق الأبواب، متجاهلاً ردود الفعل العكسية لقراراته، وهو ما حذر منه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن مقاطعة المسلمين ستُبقي المبررات مفتوحة أمام مزيد من التطرف العنيف. أما وزير الخارجية الفرنسية جان مارك، فقد أكد أن قبول اللاجئين واجب، والخوف من الإرهاب ليس مبرراً لعدم توفير ملاذ آمن لهم. مواقف دونالد ترامب لا يمكن عدها صادرة عن شخص مصاب باضطرابات النرجسية كما وصفها الطبيب النفسي والأستاذ بجامعة جونز هوبكنز، جون دي جارتنر، الذي قال في تقرير له -نقله موقع يو إس كت الأميركي- إن ترامب مصاب باعتلال المخ الخطير وبداء العظمة والسادية العدوانية، وهو غير قادر على القيام بمهام الرئيس؛ لأنه مرض غير قابل للعلاج. فالواقع يقول إن ترامب لم يأتِ بسياسة جديدة كما يظن البعض؛ بل هي امتداد للأيديولوجية الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط، ولكن بشكل مفضوح ودون رتوش. صحيفة واشنطن بوست، بدورها، أكدت أن الحرب المقبلة للرئيس الأميركي المنتخب ستكون ضد الإسلام، عبر تبنّي نهجٍ، قوامه "الصراع الحضاري"، وغايته عزل وإخضاع منطقة الشرق الأوسط وعقيدتها التي تدين بها. ويرى كاتب المقال جاكسون ديل، أن ملامح ما يمكن تسميتها "حملة ترامب الصليبية" تبدو واضحة، إلى حد كبير، في خطب وتصريحات بعض المقربين في إدارته كـ"ستيفن بانون" و"مايكل فلين" و"جيف سيشانز". فـ"ستيفن بانون" دأب على الحديث عما يقول إنه "تاريخ طويل من صراع الغرب اليهودي المسيحي مع الإسلام"، أو كما كتب فلين، وهو مستشار الأمن القومي المقبل لترامب، واصفاً الصراع مع الإسلام بأنه "حرب عالمية ضد حركة الشعوب الشريرة". فلين نفسه سبق أن وصف الإسلام بأنه "سرطان وحركة سياسية متنكرة في ثوب دِين، وهي نتاج ثقافة دونية أقل شأناً"، على حد وصفه. الصحيفة أكدت أن من سيعاني صراع ترامب الحضاري، هم المواطنون العاديون في أرجاء العالم الإسلامي، الذين سيشعرون به متمثلاً عبر زيادة الدعم الأميركي للطغاة من قادة ورؤساء دول يعدهم ترامب حلفاء له لتحقيق غايته من الحرب الحضارية. والحرب الحضارية هذه، هي امتداد للأطروحة التي نشرتها مجلة فورين آفيرز للسياسي الأميركي صامويل فيليبس هنتنغتون عام 1993 والتي حملت عنوان "صراع الحضارات"، والتي أكد فيها أن الاختلافات الثقافية والدينية ستكون المحرك الرئيسي للنزاعات بين البشر في السنين المقبلة، وركز هنتنغتون على الإسلام وقال إن "حدوده دموية وكذا مناطقه الداخلية". ليس هنتنغتون وحده الذي لمّح خلال العصر الحديث إلى احتمالية صِدام الحضارات، فقد سبقه أيوجين روستو، رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأميركية ومساعد وزير الخارجية الأميركية، ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967م، حيث أكد أن على أميركا أن تدرك أن الخلافات القائمة بينها وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب؛ بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية. موقع الجزيرة.نت، وبتاريخ 25-8-1424هـ، نشر خبراً جاء فيه تشبيه الجنرال الأميركي ويليام بويكن الحرب على "الإرهاب" بنضال المسيحية ضد الإسلام. قرارات دونالد ترامب لم تكن، بأي شكل من الأشكال، من بنات أفكاره. وبعيداً عن الخوض في غمار عقدة المؤامرة، فيكفي أن نعلم أن 11 يهودياً هم بمناصب قيادية في إدارة ترامب، ومنهم جاريد كوشنر مستشاراً سياسياً وأفراهام بيركوويتش مساعداً خاصاً، وهذه الجوقة ألهمت ترامب ومنحته زخماً وجرأة وصِفت بالوقحة، لدرجة أنه برر مواقفه عبر تغريدة له على موقعه في تويتر ليقول: "إن عدداً كبيراً من المسيحيين أُعدموا في الشرق الأوسط، ولا يمكن أن نسمح لهذا الرعب أن يستمر"، كما قال في تصريحات تليفزيونية إن "الإسلام يكرهنا" فيما دعا الأميركيين إلى "اليقظة والحذر وعدم السماح للذين يحملون هذه الكراهية بالقدوم إلى الولايات المتحدة". أميركا بلاد الحرية تحولت إلى دولة شمولية ضد المسلمين، هذا ما توصل إليه الباحث والأستاذ في جامعة هارفارد جاريكايشينغو، في دراسته حول المضايقات التي يتعرض لها المسلمون بأميركا، حيث أكد أن المسلمين في الولايات المتحدة يعيشون في دولة بوليسية شمولية، بعد أن ارتفع عدد الاعتداءات عليهم وعمليات التجسس. تصعيد ترامب ألقى بظلاله الخطيرة على سلامة نحو 3 ملايين مسلم في أميركا، فاستُفتح أسبوع ولايته بحرق مركز إسلامي بولاية تكساس الأميركية، لتتعدى شرارة تصريحاته التحريضية إلى مسلمين في دول أخرى كما حدث في الاعتداء المسلح على مسجد داخل المركز الثقافي الإسلامي بمدينة كيبيك الكندية والذي أسفر عن مقتل 6 مصلين وجرح 8 آخرين. ترامب، المغامر والمقامر، أدرك أسرار اللعبة وأين وكيف ومتى يرمي زَهْر النّرْد ليحوز إعجاب مؤيديه ومريديه، فغازَل شعبه عبر أكثر الأمور اهتماماً لديهم؛ وهو "القوة الطاغية والمال والجنس"، فوعد ببناء أميركا قوية، كما أعلنها صراحة خلال مقابلة أجرتها معه محطة "إيه بي سي" أنه كان يجب وضع اليد على النفط العراقي وعدم مغادرة تلك البلاد، فيما أشبع غرائز المتحررين ببلاده خلال استعراضات له مع عدد من الممثلات الإباحيات. المثير للسخرية وإن لم يكن بالغريب، أن مواقف الحكومات العربية من قرار ترامب ما زالت هزيلة مطعّمة بنكهة الهوان، فيما تغص دول العالم الغربي بمظاهرات وفعاليات مناهضة لما وصفوه بالتمييز العنصري والديني. ومن أروع تلك المواقف، دعوة طلبة فرنسيين السلطات الأميركية والفرنسية لإرجاع تمثال الحرية الذي أهدته بلادهم لواشنطن سنة 1886 بمناسبة الذكرى المئوية لإعلان الاستقلال الأميركي، والذي حُفرت قصيدة عليه، جاء أول أبياتها على الشكل الآتي: "أعطني فقراءك، وضعفاءك، الذين حشدوا الصفوف طامحين في تنفّس الحرية"، لكنها أصبحت على النقيض تماماً مع ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة الأميركية منذ التوقيع على القانون المعادي للمهاجرين. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.