تتسع دائرة الخلاف بين القوى السياسية اللبنانية، حول قانون الانتخابات النيابية المزمع إقراره، في ظل غياب التوافق على أي من المشاريع المطروحة، خصوصًا صيغتي النسبي والمختلط المرفوضة بالمطلق من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، ورفض الثنائي المسيحي المتمثّل بـ«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» إجراء الانتخابات وفق قانون الستين النافذ حاليًا، وتمسّك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بإجراء الانتخابات في موعدها مايو (أيار) المقبل بقانون جديد، ورفضه إجراءها بموجب القانون النافذ، حتى لو وصل المجلس النيابي إلى الفراغ، وهذا ما دفع رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية إلى مهاجمة الثنائي المسيحي واصفًا إياه بـ«الفريق الإلغائي»، وانتقاده رئيس الجمهورية من دون أن يسميه، محذرًا من «وضع المسيحيين في موضع استفزاز الطوائف الأخرى». فقد دعا رئيس الجمهورية ميشال عون المعنيين، إلى «الاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية، لا يكون مفصلاً على قياس أحد، بل يضمن المساواة واحترام صوت الناخب وروح العدالة عبر إعطاء أصحاب الحق حقهم بحيث لا يسرق أحد تمثيل طائفته وتمثيل غيره». وقال: «إذا لم يقتنع هؤلاء بالوصول إلى حل قريب، فلدينا صلاحياتنا الدستورية وسنستخدمها كي لا ينتهك الدستور». وأضاف عون خلال استقباله وفد «منتدى سفراء لبنان» في القصر الجمهوري: «لا يمكنني أن أرى الخطأ في عدالة التمثيل وأبقى صامتًا تجاهه». وسأل: «كيف يمكننا تحقيق الاستقرار في الوطن والثقة بالدولة إذا أنشأنا عقودًا لا يحترمها من يقوم بها؟، وكيف يمكننا أن نصل إلى دولة المواطنة إذا لم نحرر الإنسان من أمور عدة كي ينتمي إلى وطنه لا إلى جزئيات على حساب الانتماء إلى الوطن؟». إلى ذلك، استكمل الحزب التقدمي الاشتراكي جولته على القيادات اللبنانية، للبحث في قانون الانتخابات العتيد، وشرح موقفه الرافض بالمطلق لأي قانون يعتمد النسبية الكاملة، أو المختلط الذي يجمع بين النسبي والأكثري، حيث زار وفد من الحزب رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، ونقل له موقف الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط من الصيغ المتعددة التي تبحثها اللجنة الرباعية وتحفظاته عليها. وبعد الاجتماع الذي عقد في دارة فرنجية في بلدة بنشعي (شمال لبنان) تحدث النائب أكرم شهيب باسم الوفد الاشتراكي، فأعلن أن اللقاء يأتي في إطار التشاور القائم بين الطرفين. وقال: «أكدنا أهمية اتفاق الطائف والانطلاقة الوطنية وقانون (انتخابات) وطني يجمع ويوحد ولا يفرق ولا يستثني أو يلغي أي فريق، إنما يعكس التوازن الكامل على كل المستويات». وأضاف شهيب: «سمعنا وقرأنا في المرحلة الأخيرة، نوعًا من التعالي ونظرة إلغائية لفريق واسع من اللبنانيين». ودعا إلى «العودة إلى الكتاب أي اتفاق الطائف، وإذا أردنا حلاً وطنيًا، فالطائف حدد شروط هذا الحل، أما إذا كنا نريد حلا مناطقيًا وقبليًا نحن لسنا بهذا الوارد، لأننا نسعى إلى حل وطني يرضي الجميع ولا يستغني عن أي فريق سياسي، ولا يظلم أحدًا». ولفت شهيب إلى أن لبنان «عاش عبر مراحله التاريخية على التوافق والتسويات السياسية، فعندما كان سليمان بك فرنجية وزيرًا للداخلية (عام 2005) كان قانون الستين (الحالي) يرضي ويعطي الحقوق، واليوم هناك فريق وصل إلى موقع رئاسة الجمهورية من خلال هذا القانون»، متابعًا: «اليوم نذهب إلى قانون النسبية أو إلى القانون المختلط الذي هو بالنسبة لنا مفصل على قياس فريق». ثم تحدث النائب سليمان فرنجية، فشدد على «استمرار التنسيق واللقاءات مع الحزب التقدمي الاشتراكي». وقال: «هناك فريق سياسي وصل إلى السلطة، كنا نتمنى أن يعمل على استيعاب الجميع، لكن برز شعار تقوية نفسه على حساب الآخرين». ودعا رئيس تيار «المردة» إلى «اعتماد قانون عادل منصف للجميع»، مستطردًا: «لا يمكن لأي قانون منطقي أن يلغينا، ونحن مع الحزب التقدمي الاشتراكي لأنهم يتعرضون لمعركة إلغاء تحت شعار إعادة حقوق المسيحيين»، مؤكدًا أن «حقوق المسيحيين ستصان عندما يكونوا آمنين في الجبل وفي ديارهم، ومرتاحين أينما وجدوا، وليس عندما يكونون في موضع استفزاز للطوائف الأخرى». وحمل فرنجية بشدّة على الثنائي المسيحي المتمثّل بالتيار «الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». وقال: «هذا الفريق يحاول خلق حالة شاذة في المناطق الموجود فيها مسيحيون، من منطلق التحريض الطائفي والتخويف، مما يعني أنهم يضعون المسيحيين في منطقة يصبحون حالة شاذة فيها، لأنهم يريدون أن يجعلوا أنفسهم أقوياء». وختم فرنجية: «نحن ضد أن تفرض أي طائفة على المسيحيين نوابهم، ولكن إذا وجد في هذه المناطق أشخاص يمثلون فعلاً هؤلاء المسيحيين ولديهم الفكر السياسي الذي لا يتناسب مع المسيحيين الإلغائيين الموجودين اليوم، فهل هؤلاء لا يمثلون المسيحيين؟ وهذا معناه إما أن تكون قواتيا وإما عونيا، وإلا فلا تمثل المسيحيين».