×
محافظة عسير

الشؤون البلدية: الخدمات في سراة عبيدة تتوزع حسب الاحتياجات

صورة الخبر

"كُتب الجيش للعرض فقط وليس للبيع"، جملة أصابت مدرس التاريخ الثلاثيني بالإحباط بعد أن كان يأمل أن يجد كتاباً رخيصاً في جناح القوات المسلحة المصرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب. فيما يقول المدرس المصري سيف يوسف وهو يصف انطباعه عن زيارة جناح القوات المسلحة المصرية داخل معرض الكتاب، الذي يقام ككل عام بحي مدينة نصر (شمال شرقي القاهرة) إن تلك الكتب معروضة بغرض توصيل رسالة فقط. وبوجهٍ يحمل ملامح الضيق، خرج يوسف من جناح القوات المسلحة، وفسّر ضيقه لمراسل "هافينغتون بوست عربي"، بالقول إنه أصيب بالإحباط، حيث أصر على زيارة المعرض رغم علمه من أصدقائه بأن أسعار الكتب مرتفعة، لكنه أمل أن يجد كتباً تاريخية زهيدة الثمن في جناح القوات المسلحة. هدايا ولكن ممنوع اللمس يقع جناح القوات المسلحة المصرية في المبنى الرئيسي لمعرض الكتاب، فبعد دخولك من محطة مترو "أرض المعارض"، ومنها للبوابة الرئيسية للمعرض، وبعد سداد ثمن تذكرة الدخول وقيمتها جنيه مصري واحد، تجد على يسارك المبنى الرئيسي للمعرض، وحين تتوجه إلى داخل المبنى سيلفت نظرك وجود جناح كبير عليه لافتة كُتب عليها "وزارة الدفاع". ومع الاقتراب من جناح القوات المسلحة، يظهر أشخاص بملابس الجيش المميزة ذات اللون البني، يتقدمهم شخص مبتسم يحمل أعلاماً مصرية صغيرة مصنوعة من الورق، يهديها لكل زائر يدخل قاعة الجناح، دون حديث مسموع، فالصوت المهيمن هو أغاني هيئة الشؤون المعنوية التابعة للقوات المسلحة، التي يتم بثها عبر عدة شاشات عرض خارج الجناح وداخله بصوت مرتفع. "يا ابني، خلي بالك من الكتب ومتخليش حد ياخد حاجة"، هكذا كانت توجيهات أحد القيادات لجندي ضمن فريق إدارة الجناح عند مشاهدته أحد الزائرين يلمس أحد الكتب المعروضة، وذلك في حضور مراسل موقع "هافينغتون بوست عربي"، ثم توجه بحديثه لهذا الزائر قائلاً: "الكتب للعرض فقط يا فندم، ولا يوجد بيع لتلك الكتب هنا". ولكن جناح الجيش يقدم هدايا للزائرين بجانب علم مصر الصغير، منها خريطة ورقية للمحافظة التي أتى منها الزائر، وكذلك هناك حقائب هدايا ورقية زرقاء كُتب عليها القوات الجوية، بداخلها "قبعة" حُفر عليه الاسم نفسه وكُتب أسفله شعار "إلى العلا في سبيل المجد"، وهو الشعار الرسمي للقوات الجوية المصرية. الهدايا، مع صخب الأغاني، كانت سبباً في جذب عدد من الزوار، ربما فاق زوار قاعات دور العرض الكبيرة الموجودة بالمبنى نفسه، مثل إصدارات مؤسسة الأهرام، إلا أن الوجود داخل الجناح لا يستغرق وقتاً كبيراً عكس زائري القاعات الأخرى من الباحثين على الكتب لشرائها، وذلك في ظل إقبال متوسط بصفة عامة على المعرض بهذا اليوم عكس أيام العطلات الرسمية الذي يشهد إقبالاً أكبر. ما الهدف من المشاركة من دون بيع؟ وفي رده على سؤال "هافينغتون بوست عربي" عن الهدف من إقامة جناح للقوات المسلحة داخل المعرض في ظل عدم بيع الكتب، قال المشرف على الجناح -بعد رفض ذكر اسمه؛ لكونه غير مخول له الحديث مع الصحافة- إن إقامة الجناح "رسالة". وأضاف: "نرغب في إيصال مفهوم أن القوات المسلحة مؤسسة كبيرة بها العديد من المجالات، وليست أسلحة فقط، وأننا نهتم بالجانب الثقافي ولدينا منظومة علمية وأدبية، نعطي معلومات عنها، والمهتم بكتبنا يمكنه التوجه إلى مكتب خدمة المواطنين الموجود داخل مبنى الوزارة بالقاهرة للحصول على تصريح بزيارة إحدى مكتبات القوات المسلحة، بعد إحضار خطاب من جهة عمله أو جامعته يوضح الغرض من تلك المعلومات". ويكمل المشرف على الجناح شرح أسباب إقامته ضمن فعاليات معرض الكتاب قائلاً: "كل شيء داخل المعرض تم اختياره بعناية فائقة، حتى تصل الرسالة كاملة، بما في ذلك نوعية الصوت والمجسمات الموجودة داخل المعرض وخارجه، ويمكن التجول بداخل الجناح ونحن نجيب لك عن أي استفسار ترغب فيه". حرب أكتوبر رغم حديث الشخصية العسكرية المشْرفة على المعرض عن الجانب الثقافي والعلمي والأدبي للمعرض، فإن الكتب داخل المعرض تتعلق أغلبها بالتاريخ والشخصيات المرتبطة بالمؤسسة العسكرية، أو التاريخ العسكري لمصر، طُبعت معظمها داخل "دار الدفاع للطباعة والنشر". تجهيز الجناح الذي أشرفت عليه هيئة البحوث العسكرية ونفذته إدارة المتاحف العسكرية، تضمن أرففاً تملأ 3 جوانب بُنية اللون مع إضاءة خافتة. تلك الأرفف مخصص كل جزء منها لنوعية معينة من الكتب، منها جزء تم تخصيصه للحديث عن انتصارات وتحليل حرب أكتوبر، وبجواره أرفف مخصصة لعرض كتب عن شخصيات عسكرية أثرت في تاريخ مصر، ولم يقتصر اختيارها على العصر الحديث فقط، حيث كان واضحاً أن طريقة الترتيب تؤصل بأن تاريخ القوات المسلحة المصرية يمتد منذ عهد الفراعنة وحتى التاريخ الحديث. ومن الإصدارات الحديثة، وفقاً لما ذكره مسؤولو المعرض، مجموعة كتب عن تاريخ شخصيات عسكرية أثْرت الحياة المصرية عامة، والحياة العسكرية خاصة، ومنها كتب عن محمد علي، وجمال عبد الناصر، والزعيم الشعبي عمر مكرم وأحمد عرابي. كما عُرضت بعض الكتب بهدف الدعاية للدورات المقدمة للجمهور من معاهد القوات المسلحة، سواء دورات اللغات، أو دورات النظم والمعلومات التي يقدمها المعهد الخاص بالقوات المسلحة. وحملت جميعها شعار تلك المعاهد الداخلية مع ذكر اسم وزارة الدفاع بأسفلها، ولكن جميع تلك الكتب ليس مسموح الاطلاع عليها أو تصوير جزء منها، فضلاً عن حظر بيعها داخل المعرض ككل الكتب الموجودة في جناح الجيش. المجاهد والسيسي وعلي جمعة كان لافتاً طريقة ترتيب الكتب داخل أرفف الجناح، وأبرزها ترتيب 3 كتب بعضها بجوار بعض على أحد أرفف الجناح، حيث جاء في واجهة الكتاب الأوسط كلمة "المجاهد"، وهو إصدار تشرف عليه الشؤون المعنوية للقوات المسلحة وتوزعه داخلياً، يُطبع شهرياً ويستهدف الجنود أيضاً، ويمكن أن يوصف بأنه إصدار عسكري بطابع ديني، ويشرف عليه الشيخ علي جمعة مفتي مصر السابق، المقرب كثيراً من المؤسسة العسكرية. يمكنك على نسخة منه. وعلى جانبي هذا المجلد الخاص بمجلة "المجاهد"، تجد نسختين من مجلد حمل عنوان كلمة "النصر"، وأسفلها تجد صورة واضحة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهو يرتدي زي القوات المسلحة، واللافت للنظر أيضاً، وجود مجلة "النصر" الشهرية، المشرف العام على تحريرها الصحفي محمد البرغوثي، كاتب مقالات التأييد للسيسي على صفحات جريدتي "الأهرام" و"الوطن". أحد أعداد "النصر". تحيا مصر كما حرص المنظمون على عرض لوحتين كبيرتين داخل الجناح بعضهما في مواجهة بعض، الأولى حملت شعار "جيش وشعب"، وعليها رسم لقيادات عسكرية تتقدم جمعاً كبيراً من مواطني مصر، حرص مَن رسمها على أن تعبر ملابسهم عن الأقاليم المختلفة لمصر وأزيائهم المميزة. وفي المقابل، لوحة كبيرة حملت شعار حملة انتخابات الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء ترشحه "تحيا مصر"، وعَرضت هذه اللوحة الحقب التاريخية لحكم مصر عبر صور تحمل ملامح كل حقبة، بدأت من لوحة فرعونية لإحدى الحروب على العربة العسكرية الشهيرة للفراعنة، أعلى اللوحة، ثم الحقبات التاريخية المتلاحقة من العصر الإسلامي ثم حكم أسرة محمد علي، مروراً بالتاريخ الحديث مع بداية حكم عبد الناصر وحتى صور ثورات مصر الحديث، انتهاءً بصورة عبد الفتاح السيسي. جميع صور اللوحة حملت الملامح العسكرية، كأنها تؤكد قيادة العسكريين لمصر عبر تاريخها. سنفكر في بيعها وقبل مغادرة سيف يوسف، مدرس التاريخ، جناح القوات المسلحة، أسرع إليه أحد مشرفي المعرض وسأله بصوت مرتفع تداخل مع أصوات أغنية "تسلم الأيادي" المنبعثة عن شاشات العرض، عن سبب الضيق الواضح على ملامحه، فقال له: "كنت أتمنى أن أجد كتباً للبيع تكون رخيصة من إصدار الجيش مثل باقي منتجات الجيش (كالسكر والزيت وكثير من السلع التموينية) التي تسهل على المواطنين الحياة في ظل غلاء المعيشة، لكي نستطيع الشراء". وهنا، كانت ابتسامة على وجه الشخصية صاحبة الزي العسكري، وهو يقول: "سنفكر في طباعة الكتب وبيعها، مثل باقي منتجات الجيش".