هل تذكرون الحكاية التراثية الطريفة التي كنا نسمعها قديماً، وتساق في ذلك الزمن الجميل للتدليل على أن رضا الناس غاية لا تدرك.. ملخصها لمن ضعفت ذاكرته، أن رجلاً و ابنه قررا السفر، فأخذا حماراً لهما أكرمكم الله وبينما هما يسيران جوار الحمار، سخر منهما الناس في قريتهم؛ كيف يسيران في هذا الجو الحار، ويتركان الحمار، والحمار للركوب.. فركبا الحمار وأكملا المسير.. فوجدا في القرية التالية من ينتقدهما؛ كيف تنعدم الرحمة ويركبان سوياً على ظهر هذا الحمار في هذا الجو اللاهب.. فنزل الرجل وترك ابنه على ظهر الحمار.. وأكملا المسير.. في القرية الثالثة أنكر الناس عليهما كيف يركب الابن ظهر الحمار ويترك والده يسير على قدميه.. نزل الابن وركب الأب.. في القرية الأخيرة استقبلهما الناس بانتقادات لاذعة.. كيف يركب هذا الأب القاسي ويترك ابنه الصغير يسير على قدميه الحافيتين.. لا أعلم عن صحة الحكاية، لكنها تحمل معنى مهما يؤكد أن رضا الناس غاية لا تدرك.. يتجلى هذا المعنى لدى بعض القراء الكرام الذين لا يختلفون عن منطق ومنطلق سكان القرى الأربع.. لا يرضيهم العجب ولا الصيام في شهر رجب.. إن امتدحنا التطور في العواصم المجاورة قالوا إننا حاقدون على بلادنا ولا نرى سوى ما لدى الآخرين.. إن تحدثنا عما لدينا من نهضة في بعض الجوانب أصبحنا منافقين ومضللين.. إن سلطنا الضوء على ظاهرة سلبية قالوا بأننا نفتّش عن السلبيات.. إن تجاهلنا الحديث عنها قالوا بأننا متنفعون نبحث عن مصالحنا! إن انتقدنا عيناً من الناس اتهمونا بأننا أصحاب نظرة ونظّارة سوداء.. لا نرى سوى المثالب والعيوب.. إن امتدحنا جهود أحد وأبرزناها قالوا بأننا منافقون نبحث عن مصلحتنا لديه.. وإن خلصنا إلى ترك الأمر برمته وغردنا بعيداً، اتهمونا بأننا لا نشعر بما يدور حولنا.. صدق من قال مرضي الناس كايد!. الوطن