مع تنصيب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، سيداً للبيت الأبيض، تبدو السلطة الوطنية الفلسطينية في وضع لا تُحسد عليه. فالحكومة الإسرائيلية، المُشكلة من ائتلاف يميني متشدد، لا تُضيّع وقتا في استغلال وجود ترمب في منصبه، من أجل التهام ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وتدمير مبدأ «حل الدولتين»، الذي يفترض أن تقوم عملية السلام الحالية على أساسه. وفي مواجهة ذلك، تجد السلطة الفلسطينية، نفسها، في واقع صعب، دون أن تمتلك خيارات كثيرة أو أوراق قوة كبيرة، لا سيما في ظل حالة الضعف والفوضى السائدة في المنطقة العربية. وأقر مسؤول فلسطيني كبير، في حديث خاص لوكالة الأناضول، باستشعار القيادة، بـ «خطورة الأوضاع الحالية». وكشف أن السلطة الفلسطينية تدرس عدداً من الخيارات، لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية المتوقعة، ومن أهمها التوجه إلى مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، لطلب تنفيذ القرار الأخير 2334، الخاص بالاستيطان. وعقب تنصيب ترمب، شرعت الحكومة الإسرائيلية في منح أذونات واسعة للاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس. ويبدو أن وصول ترمب للسلطة، قد فتح شهية الأحزاب اليمينية المشاركة في الحكومة، لتنفيذ مخططاتها، حيث تسعى حاليا إلى إصدار تشريع بضم مستوطنة «معاليه أدوميم» المقامة على أراضي الضفة لإسرائيل، وهو ما يعني التهام مساحات كبيرة من الضفة وفصل شمالها عن جنوبها، بالإضافة إلى فصل القدس عنها. وكشف نفتالي بينيت، وزير التعليم، وزعيم حزب «البيت اليهودي»، بداية الشهر الجاري، النقاب للمرة الأولى عن خطة لمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا، منزوع السلاح، على نحو 40% من مساحة الضفة الغربية، وضم غالبية أراضيها لإسرائيل. وأوضح أن إسرائيل، وفق الخطة، سوف تضم 60% من مساحة الضفة الغربية لها. ويقول مسؤول فلسطيني كبير لوكالة الأناضول: «نواجه وضعا هو الأصعب على الإطلاق». وأضاف المسؤول الكبير الذي فضل عدم ذكر اسمه: «هناك رئيس أميركي لا نعلم حتى الآن توجهاته، ومن ناحية ثانية فإن الوضع العربي مترد بشكل عام». وأضاف أن القيادة الفلسطينية تدرس الخيارات المتاحة أمامها لمواجهة هذا «الوضع الخطير». وذكر أن من الخيارات المطروحة التوجّه إلى مجلس الأمن الدولي لطلب تنفيذ القرار الأخير 2334. أما عن الخيار الثاني، فقال المسؤول: «سنحثّ المحكمة الجنائية الدولية على إطلاق تحقيق رسمي في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل، وعلى رأسها الاستيطان». ومن الخيارات المتاحة، كذلك، بحسب المسؤول الفلسطيني، العمل على «تحريك موقف عربي ضاغط». ولم يستبعد المسؤول الفلسطيني، اللجوء لتحركات أخرى، وقال: «قد تتم الدعوة لقمة لمنظمة التعاون الإسلامي وأيضاً هناك اجتماع مطلع الشهر المقبل في العاصمة الفرنسية بين الرئيس عباس والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لتحريك المجتمع الدولي على أساس ما تم مؤخراً في المؤتمر الدولي للسلام». من جانبه، يصف هاني المصري مدير مركز «مسارات» لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية في رام الله (غير حكومي)، الوضع الحالي للسلطة في عهد الرئيس الأميركي الجديد بـ «الصعب» و»المعقد سياسياً». وأضاف لوكالة الأناضول: «من الواضح أننا أمام إدارة أميركية يرأسها شخص يعلن وبشكل واضح موقفه الداعم للسياسات الإسرائيلية، وهو ما يجعل السلطة أمام خيارات سياسية ليست سهلة». وأكد المصري أن السلطة لا تواجه خطر نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس فقط، إنما في السياسة التي تنتهجها بشكل عام.;