يعيش الأمين (33 عاما) المصاب بمرض الناعور أو النزاف من النوع أ، والذي يمنع تخثر الدم، في الأردن في انتظار العلاج الطبي في الولايات المتحدة منذ عامين. وقال له أطباؤه، إن حالته متأخرة لدرجة أنه لا يوجد في العالم سوى عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من المؤسسات الطبية التي يمكنها علاجه. كان الأمين يخشى ألا يقبل طلبه في الوقت المناسب الذي يتيح له الحصول على ما يحتاج من العلاج. والآن أصبح مقتنعا بعد فرض حظر لمدة أربعة أشهر، على توطين اللاجئين في الولايات المتحدة أن طلبه لن يقبل على الإطلاق. وقال الأمين في مقابلة هاتفية يوم الأحد سأموت هنا وحيدا أين يتوقع الناس أن يذهب كل اللاجئين؟ ليس لدينا مكان نذهب إليه. ويقول العاملون في مجال الإغاثة، إن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب يوم الجمعة الماضي خلق حالة من الفزع والبلبلة بين اللاجئين الذين يحتاجون رعاية طبية عاجلة الذين قدم بعضهم طلبات لها الأولوية. وقال الأمين، الذي طلب عدم نشر اسم عائلته خوفا من الاعتداء على أقاربه الذين مازالوا في العراق، إن حالته تدهورت في الشهور الأخيرة. وهو يعيش في الأردن وحيدا ويكاد يعجز عن الحركة وجسمه تغطيه الرضوض. وقالت كارين مونكن من منظمة هياس المعنية بمساعدة اللاجئين ومقرها ولاية ماريلاند، وكانت تعرف في السابق باسم جمعية مساعدة المهاجرين العبرانيين إن الحظر الأمريكي الذي فرض لمدة أربعة أشهر على قبول اللاجئين، قد يعني حرمان ما يصل إلى 800 شخص من العلاج الطبي الذي يحتاجون إليه. وقالت، إن نحو 200 لاجيء كانوا يقبلون كل شهر في المتوسط لإعادة توطينهم في الولايات المتحدة لأسباب طبية. ويقول مسؤولون في إدارة ترامب، إن الحظر المفروض لمدة 120 يوما مؤقت ومطلوب لحين وضع نظام جديد لفحص حالات اللاجئين، من أجل منع الهجمات الارهابية. ويخص الأمر التنفيذي اللاجئين السوريين بالاسم، ويعلق السماح بدخولهم البلاد لحين إجراء تغييرات كافية لبرنامج اللاجئين. ويسمح الأمر التنفيذي بإعفاءات بعد بحث كل حالة على حدة. ولم يرد البيت الأبيض على الفور على طلب للتعليق على أمر اللاجئين الذين يحتاجون رعاية طبية عاجلة. تحديد مواعيد زيارة الأطباء قال مسؤولو إغاثة ومسؤولون بالأمم المتحدة، إن النظام الذي كان معمولا به قبل فرض الحظر المؤقت كان يقضي بعد تسجيل اللاجئين لدى الأمم المتحدة، وخضوعهم لتقييمات أولية ومقابلات بإحالة أصحاب أشد الحالات المرشحة احتياجا لإعادة توطينهم. وكان المحالون إلى الولايات المتحدة، هم الأضعف ومنهم الأمهات بلا أزواج، والأطفال، وأصحاب الحالات المرضية، التي تتطلب علاجا متقدما. وتنص تعليمات وزارة الخارجية الأمريكية على تقديم اللاجئين الذين يعانون من حالات طبية خطيرة تهدد حياتهم على غيرهم للبت في حالاتهم. وفي العادة تستغرق الحالات التي يتم تقديمها على غيرها بدءا من إحالتها وحتى الوصول إلى الولايات المتحدة ما بين ثمانية وعشرة أسابيع أو عدة أشهر. أما فترة البت العادية في طلبات اللاجئين فتتراوح بين 18 و24 شهرا طبقا لما تقوله وزارة الخارجية. ويقول محامون إن بعض الحالات الفردية للاجئين يمكن أن يمتد النظر فيها لسنوات. وقالت مونكن من منظمة هياس إن منظمتها كانت تتوقع وصول عدة لاجئين بحالات طبية إلى الولايات المتحدة في الأسابيع المقبلة بدأوا بالفعل التخطيط لمواعيد مقابلة أطبائهم والبحث عن سكن. وقالت إنه كان من المفترض وصول سورية في العشرينات من عمرها صماء وبكماء إلى نيويورك في أوائل فبراير شباط وإن حالتها الآن معلقة لأجل غير مسمى. وكان من المقرر أيضا وصول أسرة عراقية لديها ابن في الخامسة من عمره مصاب بعيب خلقي في القلب إلى ميشيجان في الأشهر المقبلة. وقالت مونكن نحن نشهد احتياجات طبية متفاقمة خاصة من السوريين لأن إصاباتهم حديثة بما في ذلك جروح الشظايا وفقد الأطراف. ومازال المسؤولون في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يحاولون فهم أبعاد الأمر التنفيذي والآثار المترتبة عليه. وقالت المفوضية إنه ليس بوسعها تحديد عدد من يشملهم الحظر الأمريكي من ذوي الاحتياجات الطبية. وقال لاري يونك كبير مسؤولي التوطين بالمفوضية في واشنطن إن المفوضية على اتصال بمسؤولي وزارة الخارجية لمحاولة التعرف على الحالات التي ربما تكون معفاة من الحظر. وأضاف يونك الأمور الغامضة مازالت كثيرة. ومنذ إعلان الحظر يوم الجمعة سعى المسؤولون بالأمم المتحدة ومحامو اللاجئين لتحديد الحالات الطارئة التي يمكن إرسالها إلى دول أخرى. لكن الاحتمالات ليست مبشرة. فقد قبلت كندا وعدة دول أوروبية أخرى يحيل لها مسؤولون الأمم المتحدة الحالات في العادة ومنها السويد والنرويج وألمانيا أعدادا قياسية من اللاجئين في السنوات الأخيرة. ولم يرد مكتب وزير الهجرة واللاجئين والجنسية في كندا على الفور على طلب للتعليق. أمل مفقود للابنة قالت أم سورية طلبت عدم نشر اسمها خوفا من الانتقام من أسرتها في مكالمة هاتفية يوم الأحد إنها انتهت من المقابلات مع مفوضية الأمم المتحدة وتأمل قبول ابنتها البالغة من العمر 15 عاما لإعادة توطينها وإجراء جراحة لها في الولايات المتحدة. وقالت إن البنت المولودة بعيب خلقي سجنتها القوات الحكومية في سوريا مع أطفال آخرين قبل أربع سنوات. وأضافت أن البنت تعرضت للتعذيب مما أدى لإصابتها بإصابات شديدة في يديها وفكها. وقالت الأم إن البنت دخلت المستشفى في الأردن وأجريت لها جراحة في اليد لكن حالتها ساءت بعد الجراحة. وفقدت البنت القدرة على تحريك يدها بصورة عادية وأصبحت تحتاج الآن لعملية جراحية أكثر تعقيدا. وتابعت الأم فقدت الأمل أن أتمكن من علاج ابنتي. وتقول جين فلمنج المحامية في نيويورك التي تعمل مع اللاجئين إن من اللاجئين الآخرين الذين يحتاجون رعاية طبية في الولايات المتحدة طفل سوري يقيم في الأردن عمره ست سنوات واسمه محمد الخالد. وتضيف أنها كانت تعمل على التعجيل بنقل الطفل لإعادة توطينه في الولايات المتحدة قبل فرض الحظر. وفي أكتوبر تشرين الأول تم تشخيص حالة الطفل بأنه مصاب بمرض ايونج ساركوما وهو نوع من السرطان يصيب العظام والأنسجة الرقيقة. وفي وقت سابق من الشهر الجاري اتصلت فلمنج بديفيد تيشلر الطبيب المتخصص في أورام الأطفال بمستشفى لوس أنجليس للأطفال وطلبت منه مراجعة نسخ السجلات الطبية للطفل. وقال تيشلر في حالته ليس لديهم خبرة تذكر بعلاج السرطان. فليس لديهم الموارد. وأضاف أن هذا النوع من السرطان يتطلب علاجا كيماويا مكثفا على مدى عام بالاضافة إلى جراحة والعلاج بالاشعاع وهو مكلف للغاية. وقال تيشلر إنه في الحالات التي تكون الإصابة بالمرض فيها محدودة يصبح أمام المرضى الذين يتلقون العلاج بالكامل فرصة بنسبة تتراوح بين 70 و75 في المئة للبقاء على قيد الحياة خلال خمس سنوات وكثيرون منهم يعيشون لفترة أطول. وأضاف سيموت إذا لم يحصل على علاج إضافي.