لو أن أحد منا أرغمته ظروف الحياة ومشقاتها على السفر إلى بلد بعيد للعمل فيها وطلب الرزق ــ بعقد عمل نظامي صحيح، ثم تفاجأ بعد شهـور قليلة أن مصدر رزقه هو (التسول).. ماذا سيكون شعوره؟، خصوصا لو كان في أدنى درجات السلم الوظيفي وليس له خاطر أو وجاهة يتظلم بها عند أحد.. ولمن يشتكي أصلا إذا كان غريمه هو الخصم والحكم؟. هذا هو حال (عمال النظافة) في مدينتي مكة المكرمة وجدة.. وربما في أماكن أخرى أيضا. أصبح (التسول) هو المهنة الحقيقية لعامل النظافة ــ للأسف. ولهذا، أصبح عملهم ينحصر عند الإشارات والأحياء التي تجود فيها نفوس المحسنين بالصدقات، وتظل بقية الشوارع والأحياء مكدسة بالمخلفات والأوبئة والسموم الناتجة عنها. في أي مكان في العالم، هذا الوضع لا يرضي أحدا، فما بالنا ونحن في بلد (الإنسانية). هذه وقفة إنسانية لأي مسؤول يستطيـع أن يساهم في حل هذه المأساة.. بالتأكيد وراء هذا الوضع الكثير من الفساد، وربما الرشاوى، وربما التسيب، وربما اللامبالاة، وربما المحسوبيات.. وربما كلها معا، تعاضدت وتكاتفت وأصبحت من القذارة بمكان أن لا أحد يريد أن يقترب منها. مهمة من يتصدى لهذا الوضع لن تكون سهلة.. ومن قال إن الإصلاح سهل.. ولكن بالتأكيد سيكون الخالق العدل معه.. ومن كان الله معه، لا يخشى أحدا من خلقه.