يكاد معظم التعليقات الغربية المحذرة من إقصاء الإخوان من الرئاسة في مصر تجمع على الشعور بان جماعة الإخوان في يدها مفتاح الإرهاب، هي من يشعله وهي من يطفئه! ولا أفهم كيف استنتج الغرب أن جماعة الإخوان فعلا يديرون تنظيم القاعدة، أو يملكون مفاتيح الفتوى الدينية السياسية الموجهة للجماعات المسلحة، أو أن وجودهم في الحكم ضمانة الإرهاب في العالم! الحقيقة ان هذا هراء، فلا الإخوان استطاعوا في زمن أسامة بن لابن، ونشاط «القاعدة» المنظم، فرض كلمتهم ولا نجحت علاقاتهم بوقف شيء من العنف، ولم ينجحوا قط في دعم القاعدة» في أي من عملياتها، وكان الإخوان يفاخرون بأنهم يمثلون النصف الآخر من الإسلاميين الحركيين. العنف المستمر منذ التسعينات يقوم به جماعات إسلامية متطرفة تعبر عن نفسها، وأفكارها، وبرنامجها، ولها قياداتها، وأتباعها، ووسائل دعوتها ودعايتها. ولا يمكن الخلط بينها وبين الإخوان المسلمين في مصر، أو الجبهة القومية الإسلامية في السودان، أو حركة النهضة في تونس، أو غيرها من الجماعات السياسية المنخرطة في العمل الحركي. «القاعدة»، وبقية الجماعات الجهادية لا تعترف بالإخوان وأمثالها من الحركات السياسية، التي تعدّها متواطئة مع الأنظمة. الجانب الآخر، لماذا يعتقد الغرب ان على العرب، والمسلمين، القبول بجماعات سياسية مهما ارتكبت من تجاوزات للحقوق وسعت للهيمنة على المؤسسات، ويجب السكوت عنها والتنازل لها، كما حدث في مصر، فقط لان الغرب يخاف إغضابها خشية الإرهاب الذي يمكن ان تحرض عليه؟ لماذا هذا الاستعداد للتنازل لهم نتيجة ابتزاز قياداتها للغرب؛ إما الاستجابة لمطالبها أو العنف ضدكم! وهذا ما حرصت قيادات تتحدث باسم جماعة الإخوان في مصر، سعت لتضخيم تهديداتها على القنوات الناطقة بالانجليزية لإسماع الجالسين في العواصم الغربية. أعظم أخطار تنظيم الإرهاب يأتي من الجماعات المنتمية لـ«القاعدة» في سوريا اليوم، وهذه ليست مرتبطة لا بالجيش السوري الحر الذي يقاتل ضد نظام الأسد، ولا ترتبط بأي رابط مع الإخوان المسلمين سواء في سوريا أو مصر أو غيرها. ولا علاقة للجماعات الجهادية المسلحة في ليبيا والجزائر، هي الأخرى، بأي من الأحزاب الإسلامية في هذه الدول. ان الغرب، عندما يساند الإخوان المسلمين في مصر اليوم، ويطلق التصريحات المتضامنة معهم، إضافة إلى نية الاتحاد الأوروبي عقد اجتماعه الأسبوع المقبل أيضاً لهذا الغرض، فإنه يتسبب في خلق مشكلتين؛ الأولى، انه يساند القيادات المتطرفة داخل الإخوان التي ورطت الجماعة بممارساتها التي لم تراع قواعد الحكم وكل همها كان الهيمنة على الدولة. وهناك قيادات كبيرة، مثل عبد المنعم أبو الفتوح، انشقت عن الإخوان بسبب تطرف قيادتها. في حين المتوقع ان يدعم العالم، لا الغرب وحده، دفع القوى الإخوانية نحو تأييد قيادات معتدلة شبابية وتاريخية، وليس مثل المرشد الحالي وخيرت الشاطر والبلتاجي وصفوت حجازي وبقية المتطرفين. والمشكلة الثانية، تخريب أي إمكانية للتصالح سياسيا، حيث يشعر المتطرفون أنهم قادرون على فرض حل على المصريين من الخارج. أخيرا، ان الرضوخ لابتزاز الجماعات المتطرفة، لم ينجح في الماضي في تعديل سلوك هذه الجماعات، ولن يفلح اليوم، بل سيعزز أصوات الإرهاب التي ترى ان الغرب مستعد للتنازل لها في اكبر دولة عربية! هذه جماعات فاشية تريد إخضاع المنطقة لما هو أسوأ مما يظن الغرب انه يعرفه، فكيف سيكون الحال معها وهي تحكم مصر غداً، بشروطها؟! alrashed@asharqalawsat.com