حينما تضيق وتتقيد القدرة على التبليغ عن قضايا العنف عبر قنواته الرسمية وتخرج إلى دائرة الإعلام الاجتماعي بصور ومقاطع فيديوهات صادمة ومأساوية، وتتحول في غضون ساعات من حالة خاصة إلى قضية رأي عام، لا تقف عن حدود جذب الانتباه، بل تفتح الأبواب لسيل من المناشدات والمناقشات الحادة والتي لا تهدأ وتيرتها حتى يتم الإعلان عن تدخل الجهات المسؤولة ومباشرة الحالة بسرعة وكفاءة. ورغم أنّ التبليغ عن حالات العنف مهم، إلاّ أننا نتساءل: * ما الذي حدا بالمبلغين عن تلك الوقائع اللجوء لساحات الإعلام الاجتماعي؟ * هل هو الخوف من بطء في التفاعل؟ * أم هو تعقيد الإجراءات في حالات لا تحتمل الصبر ولا يمكن السكوت عليها؟ وفي هذا الشأن أكد المستشار القانوني وعضو برنامج الأمان الأسري الوطني د.أحمد المحيميد أنّ وسائل التواصل الاجتماعي تعد وسيلة تقنية حديثة تساعد في رصد الجرائم والمخالفات وتسلط الضوء عليها وتمنع تكرار حدوثها، وتعتبر تجربة عملية وعلمية لكيفية التعامل مع مختلف الأحداث، وترفع من ثقافة الأفراد في مواجهة التفاعلات والأحداث الاجتماعية. وقال: إنّ التفاعل مع بلاغات مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الجهات المختصة لهي ظاهرة إيجابية نتمنى استمرارها والاستفادة منها في إبراز خدمات الجهات والتعريف بها والتفاعل مع هموم المواطنين أولاً بأول؛ للإفادة من النقد الهادف والبناء، مبيّناً أنّ وسائل التواصل الاجتماعي من أسرع وأحدث وسائل الإعلام والإبلاغ وفق ضوابط نظامية، أبرزها: حسن النية، وعدم إفشاء الأسرار، والمحافظة على الخصوصية، وعدم الإساءة أو التشهير، وألاّ يكون بلاغا كاذبا أو كيديا، ومتى شاب الإبلاغ عبر مواقع التواصل الاجتماعي إحدى هذه المحظورات فإنّه يعامل كجريمة معلوماتية، ويطبق عليه العقوبات الواردة في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية: السجن فترة لا تقل عن سنة وغرامة مالية لا تزيد عن (500) ألف ريال. وأضاف أنّ الإبلاغ عن حالة العنف من الإيذاء يعتبر أمراً إلزامياً على كل من يطلع على حالة إيذاء، سواء في المنزل أو المدرسة أو في الأماكن العامة، مطالباً كل من اطلع على حالة إيذاء وإهمال التبليغ عبر القنوات الرسمية (الحماية الاجتماعية عبر رقم 1919) و(خط مساندة الطفل في برنامج الأمان الأسري الوطني عبر رقم 116111). من جهتها أكّدت نائب الرئيس لشؤون الأسرة في جمعية حقوق الإنسان د.نورة العجلان أنّ جمعية حقوق الإنسان تعمل على رصد، ومتابعة جميع القضايا التي يتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، كما أنها تتلقى البلاغات والشكاوى المباشرة من المبلغين عبر الوسائل المتاحة للجميع، مبيّنةً أنّ استخدام المواطنين وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال قضاياهم وأصواتهم بات أمراً شائعاً وملموساً؛ لما في تلك الوسائل من امتيازات، كالتواصل المباشر، وكسب الجمهور، والضغط الاجتماعي، مؤكّدةً أنّ الاستجابة والمعالجة للقضايا التي يتم الإبلاغ عنها أو تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي لا تختلف في الإجراءات عن بقية القضايا التي تصل جمعية حقوق الإنسان، من خلال التحقق أولاً من مصداقية الشكوى والحالة، ومن ثم متابعتها. وأضافت أنّ تلك البلاغات تعد سلاحا ذو حدين، وهي وإن كانت توصل القضية في بعض الأحيان، إلاّ أنّها لا تحمي المعنفين وأطراف القضية من التشهير الذي لا يشعر بضرره إلاّ بعد أن يلمس ويعيش تلك التجربة، ولذلك يجب التوعية بإيجابيات وسلبيات استخدام التواصل الاجتماعي في التعبير عن ما يتعرض له الفرد من مضايقات، فهي ليست الطريق المناسب، حيث إنّ الجهات الحقوقية سهل الوصول والتقدم لها، والنظام الجديد للحماية الأسرية حدد جهة رسمية للتعامل مع قضايا العنف الأسري، وهي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عبر الرقم الموحد (1919) وهي جهة التدخل الرسمية في حالات العنف الأسري.