حرص معظم الأطراف السياسية على التعامل مع قول رئيس الجمهورية ميشال عون في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء إنه يفضل الفراغ على التمديد للبرلمان أو إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون «الستين»، وكأنه ليس في وارد تحدي أحد وإنما يتوخى من قوله هذا تحفيز الكتل النيابية على الإسراع في التوصل إلى قانون انتخاب جديد يسمح بتمديد المهل المنصوص عليها في القانون بدعوة الهيئات الناخبة قبل ثلاثة أشهر من موعد إنجاز الاستحقاق النيابي. واعتبرت مصادر وزارية أن مبادرة عون إلى تصويب موقفه لاحقاً بدعوته إلى إقرار قانون يؤمن عدالة التمثيل، أوضحت أن موقفه ليس موجهاً ضد أحد، بل غايته احترام الميثاق الوطني والدستور، وساهمت باستيعاب ردود الفعل قبل ان تتفاعل سياسياً ويترتب عليها تداعيات لا مصلحة لأحد في إثارة جو من الاحتقان حولها. ولفتت إلى الدور الإيجابي لرئيسي البرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري في تطويق ردود الفعل، خصوصاً أن مطالبة وزير الداخلية نهاد المشنوق بتشكيل هيئة الإشراف على الانتخاب لا تستدعي الرد الذي صدر عن رئيس الجمهورية وكان يمكنه طلب تأجيل البحث فيه إلى جلسة ثانية لمجلس الوزراء. اللقاء الرباعي إذ تعلق المصادر نفسها أهمية على اللقاء الرباعي الذي التأم أمس مجدداً بضيافة وزير المال علي حسن خليل وحضور الوزير جبران باسيل والنائب علي فياض ومدير مكتب رئيس الحكومة سعد الحريري، نادر الحريري في محاولة للوصول إلى مقاربة مشتركة تدفع في اتجاه الإسراع في إنجاز قانون انتخاب جديد، فإن الجديد على هذا الصعيد كان توصل حزب «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» إلى مسودة أولى لمشروع قانون جديد. ويفترض أن تعرض هذه المسودة من باسيل على الأطراف الأخرى، مع أنها كات حاضرة في اللقاء الرباعي الذي لم يدع إليه «اللقاء النيابي الديموقراطي» ولا «القوات»، بذريعة ان الدعوة جاءت عشوائية. كما أن اللقاء الرباعي في جلسته الثانية أمس، حاول تضييق الخلاف حول أمرين: الأول تقسيم الدوائر الانتخابية والثاني يتعلق بتوزيع القانون المختلط على النسبي والأكثري، لا سيما أن الاجتماع الأول لم يحقق أي تقدم يذكر. وفي المقابل، رأى مصدر في «القوات» أن التوصل إلى مقاربة لقانون الانتخاب مع «التيار الوطني» سيدفع في اتجاه توسيع المشاورات لتشمل كل الأطراف بلا استثناء، وأكد أن مسودة المشروع لا تتعارض في الجوهر مع المشروع الذي كان اتفق عليه بين «القوات» و «المستقبل» و «اللقاء الديموقراطي». وكان عون أكد «سعيه الدائم لضمان حقوق الطوائف المسيحية والإسلامية التي يشكل وجودها في لبنان مصدر غنى ونموذجًا يحتذى»، مشدداً على «التزامه العمل من اجل الحفاظ على فرادة لبنان التي تبرز خصوصاً في مجتمعه التعددي المتوازن». ولفت خلال استقبالاته امس في القصر الجمهوري الى أن «موقفه بضرورة اقرار قانون انتخابي يؤمن عدالة التمثيل قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة ليس بجديد، إذ سبق أن أكده في خطاب القسم، وهو ليس موجهاً ضد أي طائفة او مكوّن سياسي، بل غايته احترام الميثاق الوطني والدستور وتحصين الوحدة الوطنية، وما طرحُه سابقاً لقانون اللقاء الأرثوذكسي إلا لأنه يحقق عدالة التمثيل مئة في المئة، إضافة الى ان النسبية في القانون تسمح بتمثيل الأكثريات والأقليات في كل الطوائف من دون تهميش او إقصاء أحد». وقال: «إذا كان لدى احد صيغة لقانون يحقق العدالة اكثر فليطرحها للنقاش الوطني». وكان قصر بعبدا شهد سلسلة لقاءات تناولت مواضيع سياسية وإنمائية واقتصادية وثقافية. وفي هذا الإطار، استقبل رئيس الجمهورية بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس الثالث يونان الذي قال: «ذكّرنا الرئيس بالوثيقة التي قدمناها له لتنال طائفتانا السريانيّتان، الأرثوذكسية والكاثوليكية، حقهما في المجلس النيابي». ومن زوار عون وفد من غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال برئاسة توفيق دبوسي الذي اكد «تضامن الهيئات الاقتصادية اللبنانية وتطلعها الى عهد الرئيس عون بأمل كبير». وشدد على «ضرورة ان تنشط الدولة الإدارة وتوفر الأنظمة والقوانين وتخفف الأعباء من الضرائب والقيود على الحركة الاقتصادية»، املاً بأن تكون هناك «توجيهات من رئيس الجمهورية للاستثمار في طرابلس والشمال، لاسيما وأن تبوءه لسدة الرئاسة اعطى ثقة كبيرة في لبنان والعالم العربي على حد سواء». ورد رئيس الجمهورية مؤكداً «اهمية الاقتصاد الحر»، «ولافتاً الى أن من أجل ازدهار القطاع الاقتصادي على الدولة ان تقوم بمجموعة خطوات ابرزها: توفير الأمن والأمان لتأمين البيئة المناسبة لنمو الاقتصاد، وإصلاح القوانين وتطويرها وفتح اسواق خارجية». وقال: «إن الزيارات التي قام بها وتلك التي سيقوم بها لاحقاً الى الخارج تهدف الى اعادة علاقات لبنان مع الدول العربية والأجنبية الى ما كانت عليه سابقاً وتحسينها. وأن التعليمات اعطيت للسفراء اللبنانيين في الخارج لتشجيع اي انتاج لبناني زراعي او صناعي». واعتبر عون ان «التسويق والإنتاج والرأسمال هي عناصر من مسؤولية العاملين في القطاع الاقتصادي»، متمنياً «تقديم الاقتراحات المناسبة لوزارة الاقتصاد والتجارة في اطار التعاون بين الدولة والقطاعات الصناعية والتجارية والزراعية كافة». وأعرب عن سعادته «بعودة الحياة الطبيعية إلى طرابلس بعد الحوادث المؤسفة التي حصلت سابقاً وأدت الى تدهور امني واقتصادي عانت منه المدينة». زيارة القاهرة وكان وزير الخارجية جبران باسيل بحث مع السفير المصري لدى لبنان زياد النجاري التحضيرات للزيارة المرتقبة للرئيس عون إلى مصر. وأوضح النجاري أن الزيارة ستتم في شباط المقبل وبحثنا في الترتيبات الخاصة بها. كما بحثنا في الشأن الإقليمي والتطورات على الساحة السورية.