يمكن للذهب القابع تحت صحراء مصر أن يجعلها أكبر منتج للمعدن الأصفر في العالم، لكن شروط الاستثمار المطروحة تثني شركات التنقيب الصغيرة عن الاستثمار في البلد الذي يحتاج إلى مهاراتها لاستخراج ثروته المعدنية.وفي الأسبوع الماضي أطلقت الحكومة المصرية أول مزايدة دولية لامتيازات التنقيب عن الذهب في ثماني سنوات، وهو ما قد يمثل فرصة مثيرة لاهتمام شركات التعدين العالمية للمساهمة في تطوير قطاع استخراج الذهب غير المستغل نسبيا في البلاد.ورغم أن مصر لها تاريخ في استخراج الذهب يرجع إلى عصر الفراعنة إلا أنها لا تملك اليوم سوى منجم تجاري وحيد للمعدن النفيس هو منجم السكري التابع لشركة سنتامين الذي أنتج 551 ألفا و36 أوقية "أونصة" العام الماضي.وبحسب "رويترز"، فإن بعض شركات التنقيب تقدر احتياطيات الذهب المحتملة في صحراء مصر الشرقية الغنية بالمعادن وحدها بأكثر من 300 طن، في حين تحجم الحكومة عن إعطاء أي تقديرات.غير أن شركات التعدين العاملة في مصر وإفريقيا تقول "إن مزايدة التنقيب الجديدة التي تعرض خمس مناطق امتياز وتغلق في 20 نيسان (أبريل) لن تجذب المستثمرين على الأرجح، لأن الشروط التجارية من بين الأقل إغراء في العالم".وإذا كان إقبال شركات التعدين ضعيفا فسيمثل ذلك انتكاسة لمصر التي تسعى جاهدة إلى جذب المستثمرين الأجانب منذ 2011، وتتضمن شروط مزايدة التنقيب عن الذهب فرض رسوم نسبتها 6 في المائة واستعادة جزء من التكلفة قبل البدء في تقاسم الإنتاج وثلاثة مدفوعات منحة للهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية أحدها بمبلغ لا يقل عن مليون دولار.كما سيجرى تقاسم 50 في المائة على الأقل من أي عوائد للذهب تحققها الشركات مع الحكومة، وتعتزم الشركات الأجنبية الثلاث الرئيسية العاملة في البلاد وهي سنتامين، وأتون ريسورسيز، وثاني ستراتيكس ريسورسيز، عدم تقديم عروض في ظل الشروط الحالية.وقالت "سنتامين" - التي تدفع رسوم امتياز تبلغ 3 في المائة لحقل السكري - "إن الشروط الجديدة إجمالا توجد بيئة تشغيل غير تجارية لأي مستثمر في مجال التعدين".وبددت شروط المزايدة الجديدة للتنقيب عن الذهب آمال المستثمرين التي أنعشها قانون أكثر مرونة للتعدين صدر في عام 2014، وهدف الحكومة الذي يتمثل في تنمية قطاع التعدين ليسهم بنسبة 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2024 مقارنة بـ 1 في المائة فقط حاليا.ويؤكد عاملون في قطاع التعدين أن الشروط مكلفة جدا للمستثمرين المبادرين بالاستثمار، وهم شركات التنقيب الصغرى ذات رأس المال المخاطر، التي تجمع تمويلات للدخول في مشاريع عالية المخاطر أملا في تحقيق اكتشافات مجدية تجاريا.وقال عمر الألفي المدير التنفيذي في شركة القلعة القابضة "كنت متحمسا للتغييرات التي يجرونها حقا. لكن يبدو أن الشروط لا تتحسن مع الأسف"، واستثمرت القلعة القابضة في التنقيب في إثيوبيا لكنها تتجنب سوقها المحلية في مصر حتى الآن.وأضاف الألفي أن "إطار العمل المعروض حاليا في القاهرة لا يجذب في الحقيقة صغار اللاعبين في القطاع للمشاركة، ومن ثم لا يوجد سوى منجم واحد للذهب".وتعتقد شركات تعدين أن النظام السائد عالميا يشمل رسوما وضرائب، وتحصل فيه الحكومة على رسوم امتياز ضئيلة من إيرادات الإنتاج، وهو نموذج أوجد صناعات مزدهرة من تشيلي إلى إثيوبيا.لكن عمر طعيمة رئيس الهيئة العامة للثروة المعدنية قال "إن الحكومة لا تعتزم تطبيق هذا النموذج وإنها تتوقع إقبالا كبيرا جدا على المشاركة في جولة المزايدة"، مضيفا أن "أولئك الذين يرون المزايدة مناسبة لهم بموجب هذه الشروط هم محل ترحيب في مصر، لكن فيما يخص من يرونها غير مناسبة فهو ليس مستعدا لسماع نصيحة من أحد".وذكر ديفيد هول الرئيس التنفيذي لشركة ثاني ستراتيكس ريسورسيز أن مدفوعات المنحة الكبيرة وحدها كافية لاستبعاد تقدم شركات التعدين الصغيرة مثل شركته بعروض في المزايدة، مشيرا إلى أن الشركات الصغيرة لا ترغب في دفع أموال في منح توقيع، بل تود ضخ هذا الأموال في التنقيب.وقال هول "ترى السيولة التي يدرها منجم السكري وإذا حققت اكتشافات مثل هذه كل أربع أو خمس سنوات فستستطيع جني مليارات الدولارات، لكن يجب عليك أن تدفع الشركة إلى الإقبال على المخاطرة والقيام بالتنقيب أولا، لترى ما إذا كانت هناك إمكانات". Image: category: المعادن Author: «الاقتصادية» من الرياض publication date: الخميس, يناير 26, 2017 - 03:00