وينساب مزيد من الوصايا، بعد الحزمة الأولى أبثها من القلب للقلب.. لعلها تعتمر في أفئدة بعض أصحاب المناصب ليروا ما لا يرونه حين يجلسون على كراسيهم. ـ كن رشيدا ودقيقا وحريصا في خيارات التغيير أو التعديل أو التبديل بجهتك، ولا تكن مهووسا بالاجتماعات في وقت العمل فيتزاحم المحتاجون لك عند مدير مكتبك الذي يردد كل مرة: لديه اجتماع. ـ لا تكن مغرما بتكوين لجان تطيل المشكلات فالمواطن لن يستبشر خيرا، ولا تفتن بجلب من يؤيدون فقط.. وتتجاهل من حولك في دائرتك ممن قد يرشدونك ويضيفون إليك لكنهم حجّموا، وتجنب تقارير المكاتب وعويل الأوراق.. انزل للميدان باسطا كفيك وعقلك وقلبك واسمع لأي مستفيد من جهتك وقدّر رأيه وضعه في نواياك الطيبة. ـ داوم اليوم وكأنك غدا مودع بأي سبب كان.. تعب.. مرض.. إعفاء.. وفاة.. تقاعد ذلك سيسهل صقل شخصيتك فلا تشق عليه فتكون محبوبا، لينا، طيبا مع كل مستفيد أو مع منسوبي جهتك فتكون للناس ومصالحهم. ـ اهدم أي برج عاجي، أو رخامي أو حتى طيني يضعك في قمقم العجب والكبر.. ويرفعك عن المحتاجين لله ثم لك. ـ تخلص من كل من لا يدلك على خير ويصور لك الأمر ليس كما هو، وابعد كل حاجب ومانع الوصول إليك يعزلك عن الواقع ويعزل الواقع عنك فالمسؤول ببطانته قد يذهب ويكونون السبب ويبقون هم. ـ سمعتك.. صيتك.. فعلك.. خيرك ضعه في حسابك الاخلاقي وليس البنكي.. واصنع لنفسك ودا ومحبة لما بعد المنصب ولا يخدعك واقعك فالمستقبل هو حياتك القادمة فعلا.. فكم من عمالقة في المناصب اصابهم اهمال الناس وجفاؤهم. ـ تعود على الصخب، وأجواء الأبهة، والاتصالات، والأمر والنهي، والاجتماعات.. فجأة ينتهي كل ذلك بقرار كما أتى بك ذهب بك.. إعفاء.. إقالة.. غيرها.. ستجد نفسك خارج كل شيء.. وستلقى الغد وكل ما حولك هادئ لا صوت.. لا حياة.. لا ناس.. لا اتصالات كلهم ذهبوا لمن اتى بعدك كما جاءوا لك بعد من ذهب قبلك.. ستصدم كثيرا، وستكون حواسك في فوضى وحياتك مشتتة وستفقد الكثير من ذاتك، وسيكون لديك وقفات مع الندم «لو فعلت كذا وتركت كذا لكان كذا».. وستمكث شهورا تسأل من وأين «أنا» وأين هم.. حين ستحتاج وقتا طويلا لترمم داخلك وترتب حياتك.. قد تنجح أو تعاني فكن لهذا اليوم ولتلك الساعة. ـ اخيرا.. انتبه أن تعود بعد الترك لانتقاد جهتك أو تقترح أمورا في مجالس عامة لأنك ستلاقي سخطا واستهجانا.