نسمع يوميا عبر الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي عن علاقة إيران بتنظيم داعش الإرهابي ، بعضهم يؤكد دعم إيران له والآخرون يتهمون أمريكا أو روسيا أو تركيا ، ولكن العديد من الوثائق والدراسات والأدلة المبنية على حقائق تضمن الحياد تؤكد ما يلي : - 1) تهتم الدراسات "بالقيادة وحلقات صنع القرار" في التنظيم وليس بالأفراد والقيادات المتوسطة والدنيا، فكل أفراد هذه الجماعات لا يدفعها سوى حبها لدينها ورغبتها في تصويب أخطاء تراها، فسقطت بين مخالب وأنياب هذا التنظيم الذي سخرت له وسائل إعلام ذكية تستخدم عبارات وآيات أخرجت من سياقها وفهمت بشكل خاطئ مع مجموعة من المؤثرات الصوتية والأناشيد والأدعية التي تؤثر على من قل حظه من فهم الدين أو زاد حظه من الحماس والاندفاع، لذلك نرى أن أكثرهم من فئة الشباب في العشرينات من العمر . 2) استخدمت الدراسات الحوادث والوقائع وتم استبعاد الشائعات التي لم تثبت وليس عليها دليل، بل ما أثبت من الوقائع بصورة لا يدخلها شك بأي حال من الأحوال ، كما أن الدراسات لا تهتم بالشعارات وما يدخل فيها فالشعارات ثبت زيفها عبر تاريخنا، فكم رافع لشعار هو أول مخالفيه. من هي داعش أو (الدولة الإسلامية في العراق والشام) اليوم ؟ يخلط البعض بين دولة الزرقاوي التي أقيمت في 2009 وقضت عليها حركة الصحوات وهي مكونة من العشائر السنية، وحركة دولة البغدادي التي صعب القضاء وتمددت اإلى أن أصبحت تسيطر على جزء كبير من العراق وسورية ، فالدولة الإسلامية التي أقامها الزرقاوي كانت منحصرة في العراق فقط، ولم تكن لها عمليات إرهابية في أي دولة خارج الحدود سوى عملية واحدة في الأردن التي ذهب ضحيتها المخرج العربي مصطفى العقاد، ولا أعلم هل ألصقت بها التهمة أو أن إحدى الخلايا قامت بها دون علم القيادة. المهم أنها لم تستطع مقاومة العشائر السنية ولم تحتج إلى تحالفات دولية أو طائرات أو تحشيد شعبي. لأنها كانت حركة لا داعم قوي لها ، أما دولة البغدادي، فقد قامت فجأة، وقامت قوية، صعب التخلص منها، وحشد من أجلها تحالف دولي يقصف مواقع يقال إنها لها ليل نهار، تتبع تكتيكات عسكرية عالية، ولديها كم كبير من السلاح. لا يحدها إقليم جغرافي، فمع أن موقعها هو في العراق وسورية، إلا أننا نرى أنها تضرب في السعودية والكويت وتونس ومصر وليبيا والبحرين وفرنسا، ولها مواقع في مصر وليبيا ، ونشك كثيراً في حقيقة انتماء هؤلاء لداعش كمخطط وتوسع مقصود ومخطط له، فكل جماعة تتحمس لقوة التنظيم في العراق والشام تعلن البيعة له. وتتفق معه فيما يعلن من شعارات وليس بينها وبينه اتصال عضوي. بالضبط كما حدث مع تنظيم القاعدة، الذي أعلنت كثيرا من الجماعات المسلحة الولاء له ، كما أن داعش الزرقاوي كانت تدين بالبيعة لتنظيم القاعدة، بينما داعش البغدادي يحارب تنظيم القاعدة، ويقاتل جبهة النصرة المبايعة لها. استعملت داعش البغدادي اليوم نفس اسم التنظيم الذي قام به الزرقاوي. وليس بينه وبين ذاك التنظيم أي تواصل أو اتصال أو رابط على مستوى القيادات أو التكتيكات أو الاستراتيجيات، بل هو تنظيم جديد على الساحة، أحب الحصول على عمق تاريخي لأن الأول كان له صفة المقاوم للتدخل الأمريكي، بينما الثاني لم يظهر إلا في أواخر عهد جواد / نوري المالكي عام 2014 واستولى على مناطق كبيرة من العراق دون قتال بل وسلمت له مخازن أسلحة كبيرة دون أدنى مقاومة، ونعلم أن المالكي كان عميل إيران في العراق وهو ابن حزب الدعوة الإرهابي الفارسي ولا يمكن أن يتحرك إلا بأمر من إيران وليس بموافقتها فقط. ويعلم أي مراقب للوضع السياسي في العراق أن إيران جاهدت كثيرا لتوليه منصب رئاسة الوزراء لفترة ثالثة ولم تنجح ، وهنا يجب عدم الربط بين الدولة الإسلامية التي قام بها الزرقاوي وتنظيم الدولة الإسلامية القائم الآن فهو ارتباط بالاسم فقط، وارتباطه بالاسم أدى إلى خلط أوراق الكثير من الباحثين في الجماعات الإرهابية في العالم. وأثبتت العمليات الإرهابية التي وقعت في السعودية والكويت والبحرين أن لداعش البغدادي القدرة على الحصول على السلاح والمتفجرات والتمويل، في مختلف الدول، وهنا يظهر سؤال، فمن أين يأتي السلاح والمتفجرات؟ تهريب السلاح والمتفجرات ليس بالأمر السهل؟ والمتفجرات التي استخدمت في التفجيرات في العراق والسعودية والكويت والبحرين هي من نوع RDX وهي متفجرات من نوعية عسكرية لا يحصل عليها الأفراد في الأسواق المفتوحة وحتى السرية. هنا نتذكر ما نشرته البحرين والسعودية ولأكثر من مرة انها القت القبض على مجموعات شيعية ترتبط بالعراق وإيران في عمليات تهريب ونقل كبسولات التفجير والذخائر من نفس هذا النوع، وعند التحقيق مع المهربين قالوا بأنهم كانوا فقط مأمورين بوضع المتفجرات في أماكن محددة والعودة دون مقابلة أي أشخاص، وعندما تكتشف عملية تهريب فمن الطبيعي ان هناك عمليات تهريب أخرى قد مرت ولم يلق القبض عليها، والغريب اننا لم نر أي شيعي قام بأي عملية تفجير. ولا ننسى ان بعض من قبض عليهم من افراد الخلايا التي قامت بالتفجير بعد التفجيرات قالو انهم استلموا المتفجرات في أماكن ولا يعرفون من وضعها فيها ولم يقابلوا أي شخص ولا يعلمون شخصية من زودهم بها. مما يجعلنا نربط بين الناقل والمفجر، فالناقل شيعي والمفجر سني وكلاهما لا يعلم لمن نقل او من سلم المتفجرات، الناقلين او المهربين من الشيعة والمرتبطين مع بعض المليشيات العراقية المرتبطة بإيران، او مع لواء القدس والحرس الثوري الإيراني. والمفجرون هم من السنة المرتبطين بتنظيم داعش، ويصدق هذا التوصيف هذه الحالة ، إذ اننا لم نسمع ابدا عن أي عملية تهريب لمتفجرات قام بها مجموعة من داعش. ولو عدنا بالزمن قليلاً إلى الوراء ففي عام 2009 ظهرت خلافات عميقة بين جواد/ نوري المالكي وبشار الأسد، حينها أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن 90 بالمائة من الارهابيين ومن مختلف الجنسيات تسللوا إلى العراق عن طريق الأراضي السورية. واتهمت الحكومة العراقية نظام الأسد بإيواء المخططين للهجمات وطالبت بتسليمهم إليها، وهناك تصريحات عديدة لرئيس الحكومة العراقية نوري المالكي آن ذاك أتهم فيها النظام السوري "إيواء وتدريب وإرسال الإرهابيين" إلى العراق وتسهيل مهمة عبورهم الحدود المشتركة، وهذا موثق إعلامياً وسياسياً في سجلات الأمم المتحدة وحكومتي سورية والعراق. وكلنا يعلم ارتباط النظامين العراقي والسوري بإيران ، فهل كانت إيران تلعب على الفريقين وتعتبرهما دمى في يدها؟ في شهر يناير من عام 2015 وفي محافظة ديالى شرق العراق أعلنت اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة، عن فتح تحقيق موسع لمعرفة هوية مروحيات هبطت في معاقل تنظيم داعش في "المقدادية" ونقلت أسلحة ومؤن لقوات التنظيم. وقد صرح رئيس اللجنة صادق الحسيني في تصريح صحافي "أن مصادرنا الأمنية تؤكد هبوط مروحيات في معاقل تنظيم التنظيم ضمن ما يعرف بحوض سنسل، شمال بعقوبة، في ساعة متأخرة من مساء الاثنين الماضي" ، هنا يذكر المسؤولون العراقيون " مروحيات " ومن يملك مروحيات في تلك المنطقة ؟ إيران، أمريكا، الحكومة العراقية فقط. لا أظن ان الجيش الأمريكي سيقوم بهذه العملية لأن الرقابة الشعبية والإعلامية داخل أمريكا ستكتشفها وسيسقط على إثرها الكثيرون، كما حدث في وترجيت وإيران كونترا وحوادث بوغريب، فتسليم أسلحة لداعش لا يمكن ان يقوم به امريكان، هذا هو المنطق فهم بريئون من هذا خوفا من العواقب في بلادهم، يبقى لنا أما إيران او العراق، وهو الأقرب عقلاً ومنطقاً، فالجيش العراقي مخترق بالتنظيمات الإيرانية فهو الأقرب عقلاً ومنطقاً انه يقوم بهذه العمليات، وتكررت مثل هذه الحوادث ويكفي ما صرحت به النائبة العراقية المستقلة حنان الفتلاوي في معرض انتقادها لرئيس الوزراء حيدر العبادي أنه قدم احتجاجا لاختراق طيران الجو الإيراني الأراضي العراقية ولم يقدم احتجاجا اتجاه من قام بإسقاط الأسلحة لتنظيم داعش. ويؤكد ارتباط إيران وحلفائها في العراق بعمليات تسليح داعش، عمليات هروب الجيش العراقي الغريبة والمريبة من المدن وتسليم القواعد والمخازن العسكرية سالمة للتنظيم، ولنحاول الربط بين تلك الطائرات وهذا الهروب. وكلها وقائع مثبتة رسمياً وإعلامياً . وبالرجوع إلى تصريحات فرزاد فرهنكيان وهو دبلوماسي ايراني عمل مستشارا بوزارة الخارجية الإيرانية ثم انتقل للعمل في السفارة الإيرانية في دبي ثم في بغداد والمغرب واليمن واخر عمل له انه كان المستشار والرجل الثاني في السفارة الإيرانية في بلجيكا وقد هرب من إيران وأصبح معارضا للسياسية الإيرانية فقد صرح فرزاد فرهنكيان ان التفجيرات التي حدثت في السعودية والبحرين تمت بأوامر من خامنئي رغبة منه في خلط الأوراق في المنطقة. وخلال ندوة أقامتها المعارضة الإيرانية في باريس صرح أن العملية التي نفذها متطرفون ضد الشيعة في الأحساء بالسعودية تمت بإشراف مباشر من اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والعميد سلامي من قيادة الحرس الثوري الإيراني. وقال إن الحرس الثوري هو من يحرك ويشرف على كبار القادة الإرهابيين المتواجدين تحت الحماية الايرانية في مواقع سرية شرق إيران، وجميع الأوامر التي توجه لخلايا التنظيم لا تصدر من قادتها إلا بأوامر إيرانية ، فإيران تلعب بالشيعة العرب وبالسنة العرب، تحاول ضرب الاثنين ببعض، لا يهمها الشيعي العربي، بل ترغب في تأصيل العداء داخل المجتمعات العربية لتتمكن من السيطرة على المنطقة وجعل الشعوب العربية مطية لمصالحها ومخططاتها، وتثبت تلك الحقائق تزعم إيران للحركات والتنظيمات الإرهابية. عبدالله الهدلق