×
محافظة المنطقة الشرقية

150 مليون ريال لتنفيذ تقاطعات جديدة في مكة المكرمة

صورة الخبر

النسخة: الورقية - سعودي لم ينجح أعضاء مجلس الشورى من قانونيين وقضاة وغيرهم مطلع الشهر الجاري في إقناع النصاب النظامي في المجلس وبفارق أربعة أصوات فقط بالتصويت والتأييد للتوصية التي طرحتها الدكتورة حنان الأحمدي بشأن «التوسع في تعيين القضاة من مختلف التخصصات ذات العلاقة بما في ذلك خريجو كليات الحقوق والأنظمة، وعدم حصر هذه الوظيفة على خريجي كليات الشريعة، ولاسيما في القضاء الإداري «وهي قضية لطالما كانت محط بحث وتساؤل من متخصصين ولباحثين عن حق خريجي كليات القانون والأنظمة في العمل بالسلك القضائي، أسوة بأقرانهم في كل أنحاء العالم من عدم ذلك، وكذلك من أصحاب الشأن وهم طلبة وخريجو كليات القانون والأنظمة، إذ يوجد في المملكة ما لا يقل عن ثمان جامعات حكومية إضافة إلى أربع كليات أهلية يُدرّس فيها الحقوق والقانون والنظم، وتتجاذب هذه القضية رؤيتان: الأولى: تقليدية تعارض مقترح استيعاب وتعيين خريجي الحقوق والقانون في العمل بالقضاء، استناداً إلى أن المادة الـ31 من نظام القضاء التي تنص على أن من يتولى منصب القضاء لا بد من أن يكون حاصلًا على شهادة من إحدى كليات الشريعة بالمملكة أو شهادة أخرى معادلة لها، شرط أن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان خاص، وهذا النص صريح في اشتراط الحصول على شهادة إحدى كليات الشريعة أو ما يعادلها، فمن يتولى القضاء لا بد من أن يتوافر فيه هذا الشرط، وأن المحاكم تطبق أحكام الشريعة في الدعاوى المعروضة عليها، وأنه لا يمكن لخريج القانون العادي التصدي لهذي الدعاوى من دون إحاطة وتأهيل ودراسة كافية للفقه وأصول القضاء الشرعي، وهذه الرؤية تتمسك بها المؤسسة القضائية الرسمية، فقد أكد وزير العدل الدكتور محمد العيسى رفضه ذلك في أكثر من مناسبة بقوله: «إن قضاة السعودية هم من حملة كلية الشريعة، ولا يمكن أن يُسمح لأي تخصص آخر بالدخول في عضوية السلك القضائي، ولو كان في نطاق تخصص نوعي دقيق، وهذا أمر لا يقبل النقاش ولا الجدل، وهو أمر محسوم حتى لو كان المتخصص في الحقوق يحمل دبلوماً في الشريعة الإسلامية»! في المقابل فإن الرؤية الثانية المؤيدة لاستيعاب خريجي القانون والأنظمة في السلك القضائي ترى أن النص على «الشهادة المعادلة لكليات الشريعة» في شروط تولي القضاء المذكور في المادة السابقة تشمل أيضاً الكليات الحقوقية والقانونية في شكل عام، ومنعاً وقطعاً لأي التباس أو ضبابية في النظام فمن الأفضل أن يتم تعديل المادة إلى «أن يكون حاصلاً على شهادة إحدى كليات الشريعة بالمملكة أو شهادة أخرى معادلة لها ومنها القانون»، وأما ما يتعلق بالتأهيل الشرعي أو ما يُعرف بالجانب الموضوعي المتعلق بالأحكام القضائية الذي يعتمد على أحكام الكتاب والسُّنة، فيمكن أيضاً تعديل اللائحة التنفيذية على أن تكون: «لحملة شهادة القانون أن يلتحقوا بدورة أو دبلوم متخصص في أصول الفقه والقواعد الشرعية قبل أداء الاختبار الخاص بهم، ويحق الدخول في الاختبار مباشرة لمن يرى تمكنه مما يراد الإلمام به «علماً أن معظم كليات القانون والأنظمة قد طورت خططها الدراسية لتضم مقررات شرعية أساسية، ففي كلية الحقوق بجامعة الملك سعود على سبيل المثال يدرس الطالب من ضمن المتطلبات الإجبارية مواد أصول الفقه والمواريث والوصايا والوقف ونظام الملكية والأسرة والأحوال الشخصية، ولكن ذلك قد لا يكون كافياً، وهو ما يستدعي الإكمال بدورة أو دبلوم تخصصي في إحدى الجامعات أو المعاهد الشرعية، كالمعهد العالي للقضاء، ومن جهة أخرى فإن المنازعات التي ينظر فيها القضاء الإداري (ديوان المظالم) والمحاكم المتخصصة التي أحدثها نظام القضاء كمحاكم الأحوال الشخصية والتجارية والعمالية والمرورية تحكمها نصوص نظامية وعقود ولوائح يدرُسها الطلاب في كليات القانون ويتعلمونها، ولهم خبرة بها أفضل من غيرهم، ومن يتولى القضاء في هذه المحاكم لن يخرج في حكمه عن هذه النصوص النظامية القانونية، وهذه الأنظمة واللوائح تحتاج إلى متخصص قانوني أكثر من حاجتها إلى متخصص شرعي لم يقف على تفاصيلها إلا في شكل محدود، وكذلك أن رفض تعيين أصحاب التخصصات القانونية والحقوقية قد أثقل كاهل منظومة القضاء، وأساهم في تعطيل التوسع في فتح المحاكم المتخصصة لقلة القضاة المتخصصين وذلك كله يستوجب استيعاب أصحاب التخصصات القانونية والاستفادة منهم في هذا المجال، وقد اقترح بعضهم للجمع بين الأمرين أن يعمل في المحاكم الابتدائية والتخصصية بنظام القضاء المتعدد (الدوائر)، كما هو معمول به في ديوان المظالم، على أن تكون الدائرة مشكلة من خريجي الشريعة والقانون بدلاً من القاضي الفرد، بحيث يتم تخصيص مقعد في الدائرة لخريجي التخصصات القانونية. وبناءً على ذلك نقول إن الإصلاح والتطوير المنشود للقضاء لا بد من أن يسير في خطين متوازيين، وهما المكونات التشريعية والمكونات المادية، فالقضية ليست مجرد مسألة تشريعية فحسب، على رغم أهميتها الكبرى، فهذه المؤسسة أيضاً تتكون في حقيقتها من عناصر بشرية وموروث قضائي (عقلية قضائية)، ومن اللازم والضروري أن تمتد عملية التطوير والإصلاح إلى مكونات هذه المؤسسة البشرية أيضاً، وأن يتم العمل بصورة فعالة وجادة على إيجاد عناصر جديدة ذات ثقافة حقوقية عالية وتأهيل قانوني للعمل السلك القضائي.