صنعاء، تعز، عدن - «الحياة»، ا ف ب - شكلت استعادة السيطرة على مدينة المخا إنجازاً مهماً لقوات الشرعية اليمنية بمقدار ما كانت ضربة موجعة للقوات الانقلابية، وترك سقوط هذه المدينة الاستراتيجية أثره على بقية الجبهات في محافظات صنعاء وتعز والجوف وحجة ومأرب وشبوة والبيضاء، حيث تكبدت الميليشيات الانقلابية خسائر ميدانية كبيرة، وسقط العشرات من قادتها وأفرادها بين قتيل وجريح، ما دفع قادة الحوثيين إلى التوجه لمناطق القبائل المحيطة بصنعاء، التي يدين أغلبها بالولاء للرئيس السابق علي صالح، طلباً للعون والمدد، على رغم أن معظم تلك القبائل فقدت الثقة بالحوثيين، وباتت مترددة حيال الدفع بأبنائها إلى محرقة الحرب التي يخوضها الانقلابيون لتمرير مشروعهم والسيطرة على مقدرات البلد وتدمير المكاسب الوطنية، بالإضافة إلى كذب الانقلابيين في التعاطي مع معاناة الشعب، وعدم اكتراثهم لها. وعلى صعيد الجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ لإقناع الطرفين بالعودة إلى المفاوضات، كتب أمس في تغريدة على حسابه في «تويتر»، أن «على الاطراف الالتزام بإعادة تطبيق وقف الأعمال العدائية واتخاذ إجراءات فورية لمنع تدهور الوضع الاقتصادي أكثر». واعتبر في تغريدة ثانية أن هناك «حاجة ملحة» لأن يطرح الحوثيون «خطة أمنية وأن ينسحبوا ويسلموا أسلحتهم». وخاضت قوات الجيش اليمني أمس معارك جديدة مع الميليشيات الانقلابية حول المخا أوقعت 28 قتيلاً على الأقل في صفوف الانقلابيين. وقال مصدر ميداني لـ «الحياة»، إن معارك عنيفة اندلعت في مفرق مدينة المخا على ساحل البحر الأحمر مع طريق تعز في الجهة الشرقية، واستمرت في الأطراف الجنوبية والشرقية للمدينة الاستراتيجية. وما زال حصار القوات الحكومية الحوثيين في وسط المدينة مستمراً، كما تمكن الجيش من تأمين طريق المخا- تعز، وقطع الإمدادات القادمة للميليشيات من مديرية موزع، الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين. في السياق ذاته، قال سكان محليون إن مقاتلات التحالف العربي شنت غارات عدة في وقت متأخر ليل أول من أمس على مواقع للحوثيين وقوات صالح في مديرية الزيدية بمحافظة الحديدة. وفي تعز، حقق الجيش تقدماً في منطقة الأربعين بالجبهة الشمالية أمس، إثر معارك عنيفة مع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية. إلى ذلك، أفشلت وحدات الجيش الوطني مسنودة بالمقاومة الشعبية وقوات التحالف، محاولة هجومية لميليشيات الحوثي وصالح على مواقع طوال السادة ومحيط هجر كحلان في مديرية عسيلان بمحافظة شبوة. وقال مصدر عسكري إن ثمانية عناصر من الميليشيات بينهم قيادات كبيرة لقوا مصرعهم، فيما جرح 13 آخرون خلال المواجهات التي دارت صباح أمس. في هذا السياق، أكدت مصادر يمنية متطابقة أن الانقلابيين يتكبدون خسائر في جبهات القتال، ويخسرون مواقع مهمة في مقابل تقدم قوات الجيش الوطني، وتمكنها من إعادة التموضع في المواقع التي خسرها الحوثيون وحلفاؤهم من قوات صالح، وقالت المصادر إن حالة من الانهيار تسيطر على تحركات الانقلابيين بعد سقوط المخا، واستمرار الحوثيين في نفي هذا السقوط في محاولة للحفاظ على معنويات عناصرهم، وأشارت إلى أن الانقلابيين يتعمدون إخفاء حقائق هزائمهم على مختلف الجبهات، ولا يعلنون عن الأرقام الحقيقية للقتلى في صفوف قياداتهم وأفرادهم والتي تعد بالمئات. وتتزامن هذه التطورات مع غارات طيران التحالف العربي على مواقع وتجمعات المسلحين الانقلابيين، ومخازن الأسلحة ومعسكرات قوات صالح في مختلف المحافظات، حيث نجح طيران التحالف في قصف أكبر مخازن معسكرات الحرس الجمهوري (معسكر 48) في منطقة السواد جنوب صنعاء ظهر أمس بنحو 12 غارة أسفرت عن تدمير تلك المخازن وحرقها، وأعقبتها انفجارات هزت العاصمة صنعاء واستمرت لساعات عدة. في مقابل ذلك، قدمت حكومة الرئيس هادي «احتجاجاً رسمياً» للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ على اللقاءات التي عقدها في صنعاء مع «شخصيات انقلابية لا علاقة لها بمشاورات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي». وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، إن «بعض لقاءات المبعوث الأممي في صنعاء غير مقبولة وتتناقض مع التزاماته مبعوثاً، على رغم تصريحه الإيجابي بأن الأمم المتحدة لا تعترف إلا بالحكومة الشرعية». وأضاف أن هذه اللقاءات «تتناقض مع التزاماته الأممية وتصريحاته، حيث كان من المفترض أن تقتصر لقاءاته على ممثلي الطرف الانقلابي في المشاورات وعدم القبول بخطة توريطه في لقاءات تتناقض مع ذلك». ومن المقرر أن يقدم المبعوث الدولي تقريراً عن الوضع في اليمن أمام مجلس الأمن الدولي غداً الخميس.