أعلنت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان مؤخراً، تسجيل خمسمائة واثنين وخمسين حالة عنف وقعت داخل محيط الأسر عام 1437، ويشكل ذلك الرقم زيادة في عدد قضايا العنف بنحو 23% مقارنة بالعام الذي يسبقه، فقد سجل العنف البدني والنفسي الرقم الأكبر، إذ وصل إلى 269 حالة، منها 186 حالة عنف ضد الطفل، وقد ذكر التقرير أن عدد حالات عنف الآباء ضد الأطفال هي الأعلى إذ بلغت 117 حالة، بينما تم رصد 19 حالة من الأمهات ضد الأطفال و16 حالة من المدرسة و5 حالات من المعلم وباقي الحالات موزعة على الأعضاء من داخل محيط الأسرة. تلك الزيادة في حالات العنف الأسري مقلقة حقاً وقد شهدنا عدة حالات منها في الأسبوع الماضي فقط، كحالة الطفلة دارين المعنفة من قبل والدها، والطفل علي اليامي اليتيم والمعنف مع أمه من قبل عمه، واستطاعت الجهات المعنية بالحماية من الوصول للشخصين، المعنَّف والمعنِّف من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت نافذة لإيصال صرخات المستغيثين للجهات المسؤولة عن حمايتهم. إن كشف حوادث العنف من خلال تلك النوافذ المفتوحة كان بمثابة رحمة للعباد حيث نستطيع بذلك أن نضع اليد على الجرح واستكشاف الأسباب المؤدية لهذا الألم ولازدياد حالات العنف وباضطراد. أسباب عديدة تقف وراء ظاهرة العنف لا مجال لحصرها ولكن بالنظر للإحصائية المنشورة من جهة رسمية كجمعية حقوق الإنسان، التي تفوق فيها نسبة حالات العنف الموجهة من قبل الآباء للأطفال (62%) عن نسبة الحالات الموجهة من قبل الأمهات للأبناء(10%)، يجعلنا ننظر لها من زاوية خاصة «بالثقافة المجتمعية السائدة» حيث تستحكم السلطة الذكورية، ويتوهم البعض بأنه بسلطته الذكورية يمتلك أبناءه وزوجته وله حق تأديبهم سواء بالضرب أو بالشتم أو غيره، تلك الثقافة قد آن الأوان لتغييرها، فالفجوة بين الجنسين لعام 2015 تعتبر عالية جداً حسب المؤشر العالمي، والتحرك باتجاه تغيير تلك الثقافة أصبح ملحاً في ظل ازدياد حالات التعنيف الذكورية. الانطلاقة يتوجب أن تبدأ بتصدر مؤسسات التعليم وتبني تلك المهمة، في تعليم النشء من خلال المناهج أهمية المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة تسليط الضوء على بناء الشخصية ومحاربة العنف في المدارس، فالمدرسة دورها عظيم في التربية، وهنا لي عتب على وزارة التعليم في حذفها لكلمة التربية من قاموس الوزارة، فعلى سبيل المثال الشخصية المتنمرة في المدارس، هي شخصية عنيفة يتوجب قمعها والتعامل معها بأسلوب قاسٍ، من خلال تعميم إرشادات سلوكية أخلاقية صحية على جميع الطلاب والطالبات وينبغي على الجميع الالتزام بها، ولا يخفى على الجميع الدور العظيم الذي يقوم به المعلم وضرورة تأهيله وتدريبه في طرق التعامل مع النشء ليساهم في بناء شخصيات متوازنة عقلياً وسلوكياً ومشاعرياً.