زادت إسرائيل الضغوط على الفلسطينيين بصورة أكبر، مع إعطائها الضوء الأخضر لبناء 566 وحدة سكنية، في 3 أحياء استيطانية، في الجزء الشرقي المحتل من مدينة القدس، التي يقول الفلسطينيون إنها عاصمة دولتهم العتيدة، رافضين بقوة، توجه الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لنقل سفارة بلاده إلى المدينة. وفيما ذهب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لتنسيق ردود مشتركة مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، دانت الرئاسة الفلسطينية الخطوة الإسرائيلية التي كانت مفترضة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأجلت إلى اليوم بانتظار وصول ترمب ورحيل أوباما. ودان الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، القرار الإسرائيلي الأخير، ببناء 560 وحدة استيطانية جديدة، في مستوطنتي «راموت» و«رامات شلومو»، المقامتين على أراض فلسطينية محتلة، وعدّه «تحديا لمجلس الأمن الدولي، خاصة بعد قراره الأخير رقم 2334، الذي أكد عدم شرعية الاستيطان». وقال أبو ردينة: «نطالب مجلس الأمن الدولي بالتحرك الفوري وفق القرار 2334، لوضع حدّ لسياسة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، التي تعمل على تدمير حل الدولتين». وأضاف أبو ردينة: «إن الاتصالات ستبدأ مع المجموعة العربية والدول الصديقة، للتحرك في مجلس الأمن الدولي، لتطبيق قراره الأخير الخاص بالاستيطان»، مؤكدا أنه آن الأوان لوقف التعامل مع إسرائيل على أنها دولة فوق القانون. كذلك طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، الأمم المتحدة، وجميع الدول التي صوتت إلى جانب قرار مجلس الأمن الأخير (2334)، البدء فورًا، باتخاذ خطوات عملية لتنفيذ التزاماتها القانونية والسياسية، بتطبيق القرار الأممي وجميع القرارات ذات العلاقة من دون تأخير. وحمّل عريقات المجتمع الدولي، مسؤولية الغطرسة الإسرائيلية، وتحدي تل أبيب له بسبب غياب المحاسبة الدولية لخروقاته المتواصلة لحقوق الشعب الفلسطيني. ووصف عريقات القرار الإسرائيلي الجديد، بأنه «مدروس في مواجهة المجتمع الدولي والإرادة الدولية برمتها». وأضاف: «هذا يعني منح دولة الاحتلال مزيدًا من الوقت والحصانة، والترفع على القانون الدولي، والقضاء نهائيًا على حل الدولتين، وخلق مزيد من التوتر والتطرف الذي تتحمل كل من إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، والمجتمع الدولي، مسؤوليته ونتائجه على المنطقة والعالم». وكانت بلدية القدس قد أعطت الضوء الأخضر أمس، لبناء 566 وحدة سكنية في 3 أحياء استيطانية، في الجزء الشرقي المحتل من المدينة، وذلك بعد يومين على تولي ترمب الرئاسة في الولايات المتحدة. وقال نائب رئيس بلدية القدس، مئير ترجمان، الذي يترأس لجنة التخطيط والبناء، إن تراخيص بناء هذه الوحدات جرى تجميدها أواخر ديسمبر الماضي، بطلب من نتنياهو، في انتظار تنصيب ترمب. وأضاف: «إن التصاريح ظلت معلقة حتى تنتهي فترة إدارة أوباما». وقال ترجمان: «طلب مني الانتظار حتى يتولى ترمب السلطة؛ لأنه ليس لديه مشكلة مع البناء في القدس». وأضاف أن هناك مئات الوحدات السكنية الأخرى التي تنتظر الموافقة. وبحسب ترجمان، سيجري بناء هذه الوحدات في أحياء بسغات زئيف، وراموت، ورامات شلومو الاستيطانية. وتابع: «قواعد اللعبة تغيرت مع وصول دونالد ترمب إلى السلطة. لم تعد أيدينا مقيدة مثلما كانت عليه وقت باراك أوباما». وأضاف: «هذه الوحدات الـ566، ليست سوى بداية. لدينا خطط لبناء 11 ألف وحدة بانتظار التراخيص» في أحياء استيطانية في القدس الشرقية. وأكد رئيس بلدية القدس، نير بركات، تغير الوضع كليا بعد ترمب. وقال: «مررنا بثمانية أعوام صعبة مع باراك أوباما الذي كان يضغط لتجميد البناء». وأضاف: «إن هذه المرحلة انتهت ونأمل الآن في أن يتم فتح صفحة جديدة لمواصلة عمليات البناء في القدس». ويراهن الإسرائيليون على أن ترمب، سيكون متقبلا أكثر من أوباما لسياسة الاستيطان الإسرائيلية، خصوصا أنه أعلن، أكثر من مرة، عن نيته نقل السفارة الأميركية إلى القدس، على الرغم من المكانة المتنازع عليها للمدينة، وقام باختيار ديفيد فريدمان، رئيس جمعية «أصدقاء مؤسسات بيت إيل في أميركا»، وهي مجموعة تعمل على جمع الأموال للمعهد الديني في مستوطنة بيت إيل، في الضفة الغربية، ولمؤسسة إخبارية تابعة للحركة الاستيطانية ولأنشطة استيطانية أخرى، سفيرا لبلاده في إسرائيل. وتحدثت تقارير عن أن ترمب وصهره جاريد كوشنر، الذي عينه الرئيس الأميركي مستشارا رفيعا له، وقال إنه سيكون مبعوثه في محادثات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، تبرعا لجمعية فريدمان. وكان متوقعا أمس، أن يهاتف نتنياهو، الرئيس الأميركي الجديد، مساء، وذلك للمرة الأولى منذ دخول ترمب البيت الأبيض الجمعة. وقال نتنياهو صباح أمس، إنه سيبحث مع ترمب موضوعات تتعلق بالفلسطينيين والوضع في سوريا والتهديد الإيراني. وثمّن صداقة الرئيس ترمب العميقة مع إسرائيل، وقال: «أثمن استعداده لمحاربة الإرهاب الإسلامي المتطرف بكل قوة». واعتبر نتنياهو، أن «وقف التهديد الذي يشكله الاتفاق النووي السيئ، الموقع مع إيران، لا يزال في طليعة الأولويات بالنسبة لدولة إسرائيل». وقال مقربون من نتنياهو، إن هناك محادثات متقدمة حول تنسيق لقاء بين الرئيسين في الأسبوعين القريبين، وسيُعقد اللقاء، على ما يبدو، في الأسبوع الأول من شهر فبراير (شباط) المقبل. وقال أولئك المقربون، إن اللقاء سيكون «حاسما» فيما يتعلق بالتنسيق بين الحكومة الإسرائيلية والأميركية في السنوات الأربع القريبة. قال نتنياهو لمقربيه، إن الحديث يدور عن فرصة نادرة أمام إسرائيل، وإن «صديقا حقيقيا» لإسرائيل، بات أخيرا، يشغل منصب الرئيس في البيت الأبيض. ومع تسارع الأحداث في إسرائيل، بعد تولي ترمب منصب الرئيس، سواء على صعيد دفع العمليات الاستيطانية أو التنسيق لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، طار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى الأردن من أجل تنسيق أعلى مع الملك هناك. وتمنى على الإدارة الأميركية الجديدة أمرين، الأول: «أن تتوقف عن الحديث حول نقل السفارة إلى القدس، والأمر الثاني، هو أن تشتبك معنا في مفاوضات جدية بيننا وبين الإسرائيليين، للوصول إلى حل سياسي، وهذا هو أفضل شيء بالنسبة لنا وللإسرائيليين وللمنطقة كلها».