الاتحاد العام التونسي للشغل الأحد عن قلقه من استمرار هشاشة الأوضاع الاجتماعية واحتدام التجاذبات السياسية في تونس. وحذر "العباسي" في كلمة خلال افتتاح المؤتمر الثالث والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة عمالية، في العاصمة من تدهور الوضع الاجتماعي وتهديد الاستقرار في البلاد. وتعيش عدة مدن تونسية على وقع احتجاجات متصاعدة، إذ تستمر منذ أكثر من أسبوع الاحتجاجات الليلية في مدينة "المكناسي" بمحافظة سيدي بوزيد وسط البلاد للمطالبة بتوفير فرص عمل، فيما يعتصم آخرون في مدينة بنقردان على الحدود مع ليبيا لذات الهدف. وبدأت في تونس اليوم الأحد أعمال المؤتمر الثالث والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل لانتخاب مكتب تنفيذي جديد للمنظمة. ويتنافس على 13 مقعداً للمكتب التنفيذي 40 نقابياً ينقسمون إلى قائمتين تسعيان لكسب أصوات 550 مؤتمراً يحددون أيضاً الأمين العام الجديد للمنظمة. وتشهد تونس منذ سنوات موجات احتجاجات عمالية تطالب بإنصافها مادياً وحقوقياً، وتوفير فرص عمل للعاطلين الذين تتجاوز نسبتهم 15.5% من إجمالي القوى العاملة في البلاد. ولطالما كانت المنظمة، في قلب رحى المعارك السياسية التّي شهدتها تونس، بدءًا بمعركة الاستقلال عن المستعمر الفرنسي (1881-1956)، وصولاً إلى مشاركته ضمن الرباعي الراعي للحوار الوطني لإنجاح مسار التوافق بين الأحزاب السياسيّة ودعوتهم إلى طاولة الحوار، على إثر اغتيال النائب بالمجلس التأسيسي سابقا والمعارض اليساري محمد البراهمي صيف 2013، لتكلل تلك الجهود بنيل جائزة نوبل للسلام عام 2015. يشار إلى أن حسين العباسي، الأمين العام للمنظمة التي تحيي تزامناً مع مؤتمرها الـ23، ذكرى تأسيسها الـ71 (تأسست في يناير/كانون الثاني 1946)، عبّر في مناسبات سابقة عن دعمه لـ"القائمة التوافقية". وقال المختص في علم الاجتماع هشام الحاجي أن "الاتحاد يجب أن يحدد دوره مستقبلا، وفق برامج واضحة، أبرزها إعادة ترتيب أولوياته، لأنه انغمس أكثر في الشأن السياسي، رغم أنّ المحور النقابي والاجتماعي هو الرّئيسي، خاصة مع انتفاء أسباب انخراطه المباشر في السياسية". وأضاف أنه "من المؤكّد أنّ الخلفية الأيديولوجية حاضرة عند مرشحي الاتحاد لكنها لم تبرز بشكل كافٍ". ولفت إلى أن "الاتحاد فرض وجوده في الخمس سنوات الأخيرة كرقم أساسي في المعادلة الاجتماعية والسيّاسية التونسية، ولعب دورا إيجابيا في محطات سياسية صعبة مرت بها البلاد". بدوره، قال النقابي التونسي السابق رشيد النجار في تصريح إنّ "الصراع السياسي داخل الاتحاد ليس بجديد فقد عشناه في مؤتمر سوسة عام 1989 عندما دخل الاتحاد بقائمتين تضمان إسلاميين ويساريين، والمشهد يتكرر، وما نخشاه أن يصبح مؤتمرا ذو توجه سياسي بعيد عن العمل النقابي". وأكد النجار أن "الاتحاد مقبل على مرحلة صعبة وكل الأنظار والانتقادات مسلطة عليه وهناك حملة شنّت ضده، ففي حال فقد شعبيته، سيفقد بذلك حضوره على الساحة". وطالب الاتحاد في مناسبات عدّة بالتّسريع في مأسسة الحوار الاجتماعي وتفعيل العقد الاجتماعي من خلال المصادقة على قانون أودع قبل سنة بالبرلمان لإحداث مجلس وطني للحوار الاجتماعي. ومن مهام هذا المجلس، ضمان حوار اجتماعي فعّال، والعمل على إرساء مناخ اجتماعي محفز ودافع للاستثمار، واقتراح آليات كفيلة بالوقاية من النزاعات الاجتماعيّة. والعقد الاجتماعي، اتفاق وقّع في 14 يناير/ كانون الثاني 2013، بين الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف والحكومة حول 5 محاور أساسية، وهي النمو الاقتصادي والتنمية الجهوية وسياسات التشغيل والتدريب المهني والعلاقات المهنية والعمل اللائق والحماية الاجتماعية، فضلا عن محور يتعلق بمأسسة الحوار الاجتماعي.