×
محافظة المنطقة الشرقية

هدف : لا صحة لتعارض دراسة الكبيرات من استفادتهن من حافز

صورة الخبر

عندما تتجول بين آثار الخريبة في العلا، تستعيد الذاكرة أطلال حضارات مدينة دادان القديمة ومملكة لحيان، ومقابر الأسود "رمز الهيبة والقوة" ومحلب الناقة. وبرزت سيادة "دادان" على المنطقة خلال القرن السابع قبل الميلاد، وامتد نفوذها إلى كثير من المواقع المجاورة، فيما امتد نفوذ مملكة لحيان من القرن السادس إلى القرن الثاني قبل الميلاد. وتشتهر الخريبة بمقابر الأسود الأربعة، حيث كان الأسد يمثل رمز القوة والمنعة في ثقافة العالم القديم في مختلف الحضارات، ووجدت منحوتات للأسود في الخريبة أبرزها نحت الأسد الذي عثر عليه عام 1914م ونحت اللبؤة التي ترضع وليدها، إضافة إلى الأسود الأربعة التي تعلو مقبرتين جنوب موقع الخريبة. كما يوجد كذلك في المنطقة "محلب الناقة" وهو حوض دائري الشكل منحوت بالصخر عرف محلياً باسم "الحلوبة" أو "محلب الناقة". ووجدت في الموقع مجموعة من المجامر المنحوتة والأحواض والقدور الحجرية وعناصر معمارية بعضها مزين بأشكال حيوانية، دراسة هذه المنحوتات تؤكد وجود مدرسة محلية للنحت في المنطقة. كما عثر في موقعي أم درج والخريبة على العديد من المنحوتات الحجرية بعضها وجد على سطح الموقع الأثري وبعضها عثر عليه أثناء التنقيب، وهي منحوتات محلية الصنع تعود في تاريخها للفترة الواقعة بين القرن السادس والثالث قبل الميلاد. وبعض هذه المنحوتات لأشكال آدمية تخص ملوك لحيان وهي كبيرة الحجم ومسجل على بعضها أسماء الملوك، كما تظهر تأثيرات المناطق الحضارية المجاورة (مصر وبلاد الرافدين) في منحوتات الخريبة مما يؤكد دور منطقة العلا كنقطة التقاء بين حضارات الشرق الأدنى القديم. ويعد الباحثان الفرنسي شارل هوبر والألماني يوليوس أويتنج أول من زار موقع الخريبة الأثري، حيث لفتا أنظار العالم إلى أهميته الحضارية، بينما يعد الباحثان الفرنسيان جوسان وسافنياك اللذان زارا الموقع مرتين في مطلع القرن العشرين أول من نشر صوراً فوتوغرافية لموقع الخريبة. وحفرت المقابر في سفح جبل الخريبة على ارتفاعات متفاوتة وبعضها حفر في كتل صخرية ساقطة على الأرض، وتتنوع أشكال المقابر في الخريبة، فبعضها عبارة عن غرفة منحوتة في الصخر بداخلها مجموعة من المدافن على شكل مستطيلات تتوزع على أرضية الغرفة، وبعضها الآخر يأخذ شكل متوازي المستطيلات يتسع لجثة واحدة وتراوح أبعاده بين مترين إلى مترين ونصف طولاً، وبين 60 - 80 سنتيمتراً عرضاً، و70 سنتيمتراً إلى متر ارتفاعاً، كما توجد مقابر على شكل حفرة مستطيلة نحتت في أرضية الجبل تتسع لجثة واحدة فقط. سميت الكتابة اللحيانية بهذا الاسم نسبة إلى مملكة لحيان التي ورد ذكر أسماء ملوكها في بعض النقوش، واشتقت الكتابة اللحيانية من كتابات المسند الجنوبي بعد إجراء التعديل والتبديل في بعض الحروف، ويبلغ عدد حروف الكتابة اللحيانية 27 حرفاً وهي مقابلة للأبجدية العربية الحالية ما عدا حرف "الظاء" لم يظهر في الكتابة اللحيانية، استخدم الخط العمودي أو النقطتين المتعامدتين للفصل بين الكلمات. وأثبتت الدراسات الأثرية تشابه فخار الخريبة مع الفخار الذي عثر عليه في تيماء وفي قرية في تبوك من حيث الشكل والزخرفة إلا أن فخار الخريبة أكثر خشونة، وتظهر على فخار الخريبة عناصر زخرفية لأشكال حيوانية ونباتية وهندسية مرسومة بالألوان: الأسود والبني والأحمر، كما وجدت في موقع الخريبة أفران لحرق الفخار في الجزء الشمالي الشرقي من الموقع. وبحسب المصادر التاريخية، نقلت بعض الحجارة المقطوعة من أنقاض المباني في موقع الخريبة وأعيد استخدامها في بناء بيوت البلدة القديمة بالعلا، وبعض هذه الحجارة المنقولة تحمل نقوشا كتابية وبعضها الآخر يحمل عناصر معمارية إضافة إلى بعض المجامر المنحوتة التي أعيد استخدامها كعناصر زخرفية في جدران بيوت بلدة العلا القديمة. واشتهر المعنيون بالتجارة بين جنوب الجزيرة العربية والمناطق الحضارية في بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر وكانت تجارة البخور والتوابل هي التجارة الرائجة في ذلك الوقت، وقد وجد نقش بالخط المعيني في مصر مكتوب على تابوت باسم تاجر معيني اسمه زيد إيل. وتبين الآثار المعمارية والنقوش الكتابية المكتشفة بالموقع وجود جالية معينية في "دادان" خلال الفترة الواقعة بين القرنين الرابع والثاني قبل الميلاد، وكانت هذه الجالية تقوم بتيسير أمور القوافل التجارية القادمة من جنوب الجزيرة العربية والمتجهة إلى مصر وبلاد الشام وبلاد الرافدين، وقد تعايشت الجالية المعينية مع المجتمع اللحياني ودفعت الزكاة مثل بقية أفراد المجتمع. ومقابر الأسود هي مجموعة من المقابر منحوتة في الجهة الجنوبية من واجهة جبل دادان (الخريبة) وهي عبارة عن فجوات مستطيلة الشكل تبلغ أبعادها "80 في 80 سنتمترا" بعمق يزيد على مترين، وتؤرخ هذه المقابر إجمالاً بالقرن الخامس قبل الميلاد (الفترة اللحيانية)، وسميت بمقابر الأسود لوجود نحت بشكل خرافي لأربعة أسود تعلو مقبرتين من هذه المجموعة. وكان الأسد يمثل رمز القوة والمنعة في ثقافة العالم القديم في مختلف الحضارات. ونورد هنا أسماء لملوك لحيان وجدت على النقوش اللحيانية منهم: الملك هنأوس بن شهر، الملك مسعود، الملك شهر بن هنأوس، الملك هنأوس بن تلمي، الملك تخمي بن لوذان، الملك تلمي بن هنأوس، الملك جشم بن لوذان، الملك عبدان بن هنأوس، الملك جلت قوس، الملك سلحان، الملك لوذان بن هنأوس، الملك فضج، الملك تلمي بن لوذان، الملك متع إل. أما "محلب الناقة"، فهو عبارة عن حوض دائري الشكل منحوت بالصخر، عرف محلياً باسم محلب الناقة أو الحلوبة، ويبلغ قطر الحوض 3.75 متر وعمقه 2.15 متر ويتسع لنحو 6000 جالون من الماء (2400 لتر)، وتوجد بداخله ثلاث درجات منحوتة في الكتلة الحجرية نفسها لتسهيل النزول إليه، ويذكر المؤرخون أن هذا الحوض خصص للطقوس المتصلة بالشعائر الدينية. وبدأ قسم الآثار والمتاحف في جامعة الملك سعود بالتنقيب في موقع الخريبة عام 2005، وقد كشفت أعمال التنقيب عن المركز الديني الرئيس في دادان وهو ذو مخطط مستطيل تبلغ أبعاده 16 مترا طولاً، و13.20 متر عرضاً، ويشتمل المبنى على وحدات معمارية مبنية بالحجر الرملي المقطوع من الجبل المجاور.