لم تدرك عالية سعيد أن اشتراطها مؤخر صداق باهظا وتدوينه في عقد النكاح، سيحيل حياتها الزوجية إلى عذاب، دفعها للتنازل عن المؤخر، من أجل أن تفتدي نفسها، بعد أن مارس شريك حياتها العنف الجسدي والنفسي معها، من أجل أن تطلب الطلاق بنفسها، وحتى لا يلزم بدفع المؤخر الذي اشترطت في العقد أن يكون (100) ألف في حال قرر الانفصال عنها. وقالت عالية: «أدركت أن مؤخر الصداق حتى لو كان ضخما فإنه لن يضمن للفتاة حياة زوجية سعيدة، ولن يحميها من غدر الزوج، لذا من الأفضل أن تتريث الفتاة قبل الارتباط بأي شاب، لتبني معه حياة زوجية قائمة على الود والمحبة والتفاهم» ، مشيرة إلى أن المؤخر لن يحمي المرأة من زوجها إذا نوى تركها إلى أخرى، والأفضل أن تنتقي العريس المناسب الذي يقدر الحياة الزوجية. من جهتها، انتقدت ياسمين مرير اشتراط بعض الفتيات الحصول على مؤخر صداق، مشيرة إلى أن ذلك الإجراء يجبر الرجل على الاستمرار مع زوجته، رغما عنه، وحتى لو لم يكن يريدها، خشية أن يلزم بدفع المؤخر. وذكرت أن الزواج رباط مقدس بين الرجل والمرأة ويجب أن يستمر بالتفاهم والود والمحبة، لا أن تدخله الفتاة متوجسة من الطلاق، لذا تحاول أن تربط شريك حياتها بالمؤخر. لكن سمية السرحاني ترى أنه من حق الزوجة المطالبة بالصداق المؤخر، حتى يؤمن لها بعض احتياجاتها، خصوصا أنها لا تأمن ظروف الأيام، واستهتار بعض الأزواج وتقلب آرائهم دون الاعتبار لأي قيم وعادات وتقاليد. وأيدت رؤى المرهون اشتراط العروس لمؤخر صداق حتى يضمن لها بعض حقوقها، مشترطة عدم المبالغة فيه، موضحة أنه لا تقدم عليه إلا الفتاة التي لا تثق في العريس، وتتوقع منه أن يتركها في أي لحظة، لذا تحاول أن تصعب الطلاق على الزوج باشتراط مبلغ كبير يلتزم بسداده في حال أراد الانفصال. وبررت الإعلامية رنيم الحدادي طلب الزوجة مؤخر صداق برغبتها في ضمان حقها، مشيرة إلى أنه عادة يكتب في عقد النكاح ولكن نادرا ما ينفذ، موضحة أن النساء أصبحن يطلبن الطلاق بمحض إرادتهن بعد أن تضيق العيشة مع الزوج. وهو ما اتفقت معه آمنة الرحماني التي ذكرت أن مؤخر الصداق يقلل من تهور الزوج بالإقدام على الطلاق لأتفه الأسباب، لافتة إلى أن بعض الأزواج يتنصلون من المؤخر، بالتضييق على الزوجة وممارسة معها شتى أنواع العذاب النفسي والجسدي حتى تضطر إلى التنازل عن المؤخر، وتشتري راحتها. إلى ذلك، أوضح محمد. ق.. أنه خطب فتاة مطلقة اشترطت مهرا مؤخرا قدره (100) ألف ريال، بينما كان المهر المقدم 20 ألف ريال، مستغربا إقدام بعض الفتيات على مثل هذه الشروط. وأشار إبراهيم إلى أنه تقدم لخطبة بنت بكر واشترطت مهرا مؤخرا مقداره (50) ألف، فيما ألمح أحمد إبراهيم إلى أنه خطب إحدى المطلقات ومعها أولاد فاشترطت مهرا مؤخرا قدره (70) ألف، إضافة إلى أن تسكن مع أولادها. وبين المأذون الشرعي هاشم عجلان أنه حق الزوجة أن تطلب مهرا مؤخرا، وهو شرط ملزم يكتب في عقد النكاح ضمن الشروط التي تمليها الزوجة عند الخطبة، مشيرا إلى أن حالات المهر المؤخر قليلة جدا. وذكر أن إحدى الزوجات طلبت مؤخر مهر قدره (300) ألف ريال ولكن كان هناك وساطات بين الطرفين أسهمت في إلغاء هذا الشرط. بدوره، ذكر مدير مركز التنمية الاجتماعية بالقوز المشرف على مركز التوافق الأسري أنه لا يختلف اثنان على أنه من حق الزوجة أن تملي شروطها على الزوج المتقدم لها، لافتا إلى أن مركز التوافق الأسري بالمركز يبذل جهودا في تقريب وجهات النظر بين الزوجين، ويوجد الحلول للمشكلات الأسرية وحلها وديا، مبينا أنه يوجد في المركز اخصائيات اجتماعيات لهن خبرة في الإقناع وحل المشكلات التي تحدث بين الزوجين. وأفاد الاخصائي الاجتماعي عبدالله الشاردي أن أساس الزواج القبول بالشروط بين الزوجين، مستدركا بالقول: «ولكن بدأت ظاهرة المهر المؤخر تنتشر في بعض المناطق، وذلك ما يدفع الزوج الذي يريد الانفصال عن زوجته إلى تعذيبها نفسيا وجسديا حتى يجبرها على طلب الطلاق»، معتبرا مؤخر الصداق سلاحا ذا حدين للمرأة. إلى ذلك، رفض الكاتب الصحافي بسام فتيني أن يكون مؤخر الصداق ضمانا للحياة الزوجية، فلا ضمان يخول هذه العلاقة للاستمرار سوى المودة والاحترام والمعاشرة الحسنة، مبديا أسفه أن تكون الأمور المادية هي المتحكمة في أوثق علاقة بين الجنسين، فيستغل الرجل مؤخر الصداق، لتنكيد حياة الزوجة حتى تفدي نفسها بالتنازل عنه. واستغرب أن بعض الزوجات يعتقدن أن المال يضمن لهن عشرة أبدية وحياة سرمدية تنتهي بالموت، مما يدفعهن لطلب مؤخر صداق ضخم كضمان لها من غدر الزوج. وقال فتيني: «نتحدث عن قيم اختفت وأسس المودة والرحمة تتلاشى كلما سمعنا مثل هذه التصرفات التي تحكمها المادة، وأي تعامل بين الناس يرتكز على الأمور المادية مصيره الخلاف والاختلاف للأسف». وكشف الباحث والمحلل الاجتماعي جمعة الخياط ظهـور بعض السلوكيات الإيجابية خلال العامين الأخيرين تدل على وعي أولياء الأمور بمشكلات الزواج المالية المرهقة، والعنوسة المتزايدة يوما عن سابقه في حالة الاستمرار بطلب المهور العالية من الشباب المتقدمين للزواج، مما يضع استمرار الزواج على المحك إما أن يؤخر الشاب زواجه لأجل (متوسط أعمار القادمين للزواج الان من 30 إلى 40 عاما) أو يحاول أن يتزوج من خارج المملكة لبساطة المبالغ التي تصرف على الزواج في الخارج ، وبالتالي تزيد نسبة العنوسة في المملكة. ورأى أنه من الحلول أن يستدين الشاب لأجل دفع المهر ومصاريف الاحتفال والشقة وغيره والنتيجة المعروفة سلفا قد تتراكم الديون على العريس وعدم استطاعته تسديدها مما يجعل مسألة استمرار الحياة الزوجية على المحك، لأن مهر الزوجة هو السبب في ديون الزوج، لذا فكان فكرة «مؤخر الصداق» هو الحل الوحيد والمناسب لتجنب العنوسة وذلك بتقليل المهر المقدم والزيادة تكون بمؤخر الصداق الذي يعتبر جزءا من المهر الذي يقدم بعضه أثناء عقد النكاح، ويؤخر بعضه الآخر بعد الزواج أو في حال الوفاة. وذكر أن مؤخر الصداق بمثابة الحل وتجنب زيادة العنوسة في المملكة وفي نفس الوقت يعد ذلك ضمانا لحقوق النساء، خصوصا أن غالبية الشبان لا يمانعون به ؛ لأنه قد يحميهم من الديون في بداية حياتهم الزوجية. وقال الخياط: «قد يكون المهر المؤخر سببا إيجابيا آخر في أن يحسب الزوج أي حساب قبل أن يرمي على زوجته يمين الطلاق أو يفكر في الانفصال لأنه لو فعل سيكون مضطرا لسداد المؤخر، وربما يدخله في ديون هو في غنى عنها لو رتب بيته وتجنب المشكلات بطريقة أفضل من أن يضطر إلى أن يطلق فيدفع مؤخر الصداق»، مستدركا بالقول: «ولكن لا نراه ضررا كبيرا على الزوج لو انعدمت الحياة بين الطرفين ورفض تسديده فمن الممكن أن يتزوج على المرأة بأخرى ويتركها معلقة حتى تتنازل عن كل حقوقها ومنها مؤخر المهر»..