ما زالت وسائل الإعلام تنقل معاناة موظفي بعض منشآت القطاع الخاص حول تأخير رواتبهم لشهور عدة دون حلول حقيقية لهذه المشكلة السلبية على سمعة القطاع الخاص والعمل به عموماً، وكانت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قد أطلقت برنامجها الشهير"حماية الأجور" قبل نحو ثلاثة أعوام ليتم تطبيقه بتدرج على المنشآت بحسب حجمها، ووصل لمرحلة متقدمة جداً حالياً من حيث التطبيق، لكن مع ذلك استمرت الشكاوى من تأخر صرف الرواتب بشركات ومؤسسات خاصة بمختلف الاحجام. فمع التوجه العام لرفع مساهمة القطاع الخاص بالناتج المحلي وفق رؤية المملكة 2030م بات من المؤكد أن يكون جل فرص العمل والتوظيف للمواطنين به خصوصاً مع التوسع بالخصخصة وتحول الدور الحكومي للإشراف والتنظيم بينما يسهم القطاع الخاص بالتنفيذ والإدارة للكثير من المشاريع والخدمات، مما يستوجب إعادة النظر من قبل وزارة العمل بنظام حماية الأجور ليكون أكثر فاعلية، ولا يقف عند بعض العقوبات على المنشآت كإيقاف خدمات الوزارة عنها ليكون في إطار واسع الحماية ويعكس مسماه الذي يهدف لمنع تأخر صرف رواتب العاملين بالمنشآت. وكنت قد اقترحت بمقال سابق قبل نحو ستة أشهر أن يجنب مخصص بالقوائم المالية للمنشآت بالقطاع الخاص يسمى حماية الأجور يكفي لدفع الأجور لثلاثة أشهر على الأقل في حال تعرضت المنشأة لأي تعثر مالي، فوجود مثل هذا المخصص سيساعد المنشأة لمعالجة أزمتها بعيداً عن تأثير تأخر صرف الأجور مما قد يعيق تتفيذ أعمالها حتى تتمكن من تحسين أوضاعها ويكون هذا المخصص تحت مظلة تنظيمية بين وزارة العمل ووزارة التجارة بحيث تمنع المنشآت من التصرف بالأموال المودعة بحساب المخصص لحماية الأجور ولا يصرف منه إلا بأمر وزارة العمل، وتتوقف المنشآت عن تغذيته عند تغطيته للأجور بحسب ما يحدد نظاماً بالرواتب والمزايا الأساسية المتفق عليها بعقود التوظيف. حماية الأجور تبدو حالياً بلا أنياب، وإجراءاتها التنظيمية لم تعالج المشكلة، بدليل استمرارها بالمنشآت المخالفة وتكرارها بمنشآت جديدة. وحتى نعزز من الإقبال على العمل بالقطاع الخاص لابد من توفير الحماية الأساسية لحقوق العمال، وإلا سنخسر الكثير مما تحقق من تطور بالإقبال على العمل بهذا القطاع خلال السنوات الست الماضية بزيادة تقارب 800 ألف موظف وموظفة من المواطنين. والكرة في ملعب وزارة العمل من حيث تعديل نظام حماية الأجور والتنسيق مع كل الجهات المعنية لمنع وقوع تعثر في صرف أجور العاملين، دعماً وحماية للاقتصاد الوطني ومنشآت وسمعة القطاع الخاص.