إذا كان الإشعاع العالمي لأي بلد بات يمر اليوم في حسن أدائه الاقتصادي، فليس من المستغرب أن تتصدّر مهمات السفارات والممثليات الدبلوماسية المعتمدة في الخارج مهمة جديدة وضعت على عاتقهم وهي الترويج لبلادهم من أجل أهداف وغايات جديدة تتجاوز السياسة التقليدية ،تتخطى سمعة البلد العالمية ومعالمه الثقافية والحضارية والتاريخية لتركز على الاقتصاد وتسويق السلع الوطنية ودعم الشركات على فتح أسواق جديدة لها . والواقع إن مهمة الترويج للبلد بما يتمتع به من ثروات ومهارات وطاقات نمو وتطور وفرص جاذبة للاستثمارات الأجنبية باتت اليوم المحرّك الأساسي للعمل الدبلوماسي وتأتي غالبا في نفس مستوى الجهود الدبلوماسية لتطوير العلاقات الثنائية وإحلال السلام والأمن والاستقرار في العالم، وبات في إمكاننا الجزم بدون أية مبالغة انه لم تعد هناك دبلوماسية بدون اقتصاد وأن المصالح الاقتصادية باتت تشكّل عنصراً هاماً وحيوياً في العلاقات الدولية سواء كانت ثنائية أم متعددة الأطراف. لا شك في أن الدبلوماسية الاقتصادية الجديدة التي يطلق عليها الأنغلو ساكسون : ( القوة الناعمة)، قد ترعرعت ونمت بالتوازي مع تسارع خطوات عولمة الاقتصاد كما يمكن القول بأنها عمليا ثمرة تنامي الانتشار العالمي للشركات وتزايد أهمية العولمة ودورها في عمليات الإنتاج وانتشار تكنولوجيات التواصل والاتصال الجديدة. وبالطبع لا بد من تكريس هذه القوة الناعمة بإعادة تحديد أهداف السياسة الخارجية وأدوار الدبلوماسيين ومهمات السفراء لتواكب هذه التحولات العالمية، فباتت أولوية العمل الدبلوماسي هي الدفاع عن المصالح الاقتصادية للبلد وتوفير الحماية والمساعدة للشركات الوطنية العاملة في الخارج والعمل على تشجيع التبادل التجاري والاقتصادي. ومن الثابت أن الدبلوماسية الاقتصادية الجيدة والمتقنة الاعداد والممارسة يمكن ان تتحول إلى رافد قوي لإنجاح الدبلوماسية التقليدية فتلعب دوراً أساسياً في المشروع السياسي ، الذي يظل في صلب النشاط الدبلوماسي. فالزيارات الرئاسية تمثّل فرصا حقيقية ومناسبات لاختبار أعلى درجات التسويق التجاري والمالي، وغالبا ما يكون الهدف الأوحد من زيارة رئيس دولة لبلد ما هو تحقيق هدف تجاري وإبرام صفقة محددة. وعلى الرغم من حصول هذه الزيارات بوتيرة دورية يظل العبء الأكبر من ممارسة الدبلوماسية الاقتصادية على السفير الذي يعتبر رئيس الدبلوماسية الاقتصادية والمخطط الاستراتيجي الذي يرسم الأولويات الجديدة في الدولة المعتمد فيها لتشجيع انتشار الشركات الوطنية وتسهيل دخولها الأسواق المحلية واطلاعها على كيفية تجاوز المعوقات الداخلية والتزام الضوابط والقواعد الرسمية. وأصبح السفير قائد فريق عمل السفارة، الذي يعتبر المنتخب الوطني لتفعيل الصادرات وتشجيع الاستثمارات في بلاده وتحسين ميزان التجارة الخارجية. إنها الدبلوماسية الجديدة في عالم اليوم. وهي باتت ممراً إلزامياً وأولوية لكل نشاط دبلوماسي في أي بلدٍ، وجميع دول العالم، ومنها بالطبع المملكة العربية السعودية، التي انخرطت في هـذه الدبلوماسية ببراعـة وجعلتهـا وسيلة عبور مثلى إلى العولمة ونموذجاً للنجاح ومنح الزخم المطلوب لخطط التطور الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وخطوات بناء الدولة الحديثة والمشاريع الكبرى. فالمملكة تعيش في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أقصى طموحات التطور وأكبر المشاريع المبنية على إستراتيجية حكيمة بعيدة المدى كفيلة برفع المملكة إلى مصاف الدول الكبرى المتقدمة، سواء في الاستجابة إلى تطلعات وحاجات مواطنيها وحقهم في العيش برغد وهناء ورخاء، أم في الارتقاء إلى مستوى ما يمليه موقعها الريادي في العالمين العربي والإسلامي ودورها في مجموعة الدول العشرين الكبرى. هذه المهمة التاريخية تحتاج بلا شك إلى تضافر جهود جميع أبناء الوطن حيث يجب أن يكون كل مواطن سفيراً لبلاده حاملا مهمة المساهمة الدؤوبة في إعلاء شأنه وتحسين صورته والدفاع عن مصالحه وإبراز مقدراته ودعم وتكريس موقعه المميز بين الأمم المتقدمة بالمساهمة في نشر إشعاعه بين دول العالم. وسفراؤنا في الخارج مدعوون إلى التكّيف أكثر فأكثر مع تحولات العصر، والتأقلم مع متطلبات العولمة ليكونوا نماذج تحتذى في الدبلوماسية الاقتصادية الهادفة إلى دعم وتشجيع نشاطات شركاتنا والدفاع عن مصالحنا الاقتصادية والتجارية في الخارج، وذلك بتكريس كل الطاقات الموضوعة في تصرفهم من أجل جذب الاستثمارات وتشجيع المشاريع المشتركة . sbt@altayar.info للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (73) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain