مفردة النكاح هي المفردة الأثيرة في مجتمعنا، فما إن تطلق حتى يتحلق حولها الجاهل والعالم، وكأنها (الفياقرا) المحلية التي تستنهض الفحولة وإثباتها إما بالقول أو الفعل. ويستأنس المجتمع بهذه المفردة، فما إن تطلق في مجلس حتى تنهمر الحكايات والطرف والتعليقات وإظهار العلوم الرابضة في الصدور بنشوة الفارس المقدم على رفع راية النصر، ففي أي مجلس تجد الجلساء منصتين وعلى وجوههم البشر فاعلم أن (السالفة) تدور حول النكاح. ومع تداول هذه المفردة بكثافة لا تجد تناسبا بين ما يقال ويروى عن الفحولة وبين تعداد العوانس والمطلقات والأرامل، ولعدم وجود تناسب بين الحالتين تظن أن الأمر مجرد (طق حنك) وتنفيس لـ(تزجية الوقت)، لكن هذا الظن ينقلب حينما تسمع عن المناداة بالتعدد ويزداد يقينك بالفحولة الشعبية حين تستعرض أنواع الزواج التي ظهرت مؤخرا، فمنذ ظهور زواج المسيار توالت أنواع من الزيجات كالمسفار وزواج الويك إند وزواج الوناسة وزواج العاشق والمعشوق وانفرطت السبحة.. وهذه الأيام تدور رحى الفتاوى حول جواز النكاح عبر (الماسنجر والسكايبي). وتصوروا أي فتنة سوف تصيبنا من هذه الفتوى التي تشرعن هذا الزواج؟ وقبل ذلك، نحن نضيف بدعة عالمية بهذه الفتوى العجيبة، ويمكنني سحب مفردة (عجيبة)، إذ أن لبعض من تمشيخ فتاوى غريبة طارت بها وكالات الإعلام العالمية، واكتسبنا بتلك الفتاوى السبق العالمي في كل ما هو عجيب وغريب. ومع جواز النكاح عبر وسائل التواصل الاجتماعي كيف سيكون حالنا، ونحن نعلم جميعا أن أعدادا كبيرة من الفتيات والفتيان (وكذلك الرجال والنساء) في أعداد العزاب، فإذا تم شرعنة الزواج (النتي) من غير اكتمال شروط الزواج سوف يكون حالنا شاذا بين الأمم.. وهو شذوذ يتوافق مع غرابة الفتوى. وتصبح الأسئلة مفتوحة على مصراعيها عن إكمال وإتمام هذا النكاح، والذي يمثل تفلتا أخلاقيا واستهانة بالقيمة الحقيقية للزواج وفتحا مبينا لانطلاق الغرائز من غير حدود أو ضوابط أو تعدد. وسوف تصبح أجهزتنا غرفا للنوم، وسيجد الكثيرون في هذا الزواج تخففا من أعباء تكاليف الزواج المعروف وتخلصا من عنت المطالب والمشاوير والخلفة.. أعتقد أن الحياة ستنقلب رأسا على عقب. ولو انتقلنا إلى النقطة الجادة في ظهور مثل هذه المطالبات أو الباعث لخروج مثل هذه الفتوى، فإن واقع العنوسة يؤكد أنه وصل حد الانفجار وليس من منافذ للتنفيس عنه إلا بمثل هذه المطالبات وهذه الإجازة. وهو الواقع الذي يستوجب فعلا إيجاد الحلول الحقيقية لإخراج هذه الأعداد المهولة من تأزمها وأن لا نكابر، فالواقع يشير فعلا لتأزم بلغ حد الانفجار، وأن البحث عن مثل هذه الفتوى إلا بداية طوفان سيعم جريانه وينتقل من وسائل التواصل الاجتماعي إلى الواقع المعاش الفعلي. فهل نترك شبابنا نياما داخل غرف أجهزتهم ينشئون أسرة وهمية ومستقبلا وهميا؟ والسؤال: على من نلقي مسؤولية إيقاف هذا الطوفان قبل أن يغرق المجتمع بين أمواجه؟. عكاظ