أكد سفير جمهورية القمر المتحدة لدى السعودية، أن بلاده أغلقت وبشكل نهائي جميع المكاتب الإيرانية التي كانت تعمل تحت غطاء العمل الخيري، فيما يتمثل عملها الحقيقي في توغل ونشر المد الصفوي الشيعي، على حد قوله. وقال لـ«الشرق الأوسط» الحبيب عباس عبد الله، السفير فوق العادة والمفوض المقيم لجمهورية القمرة المتحدة لدى السعودية، إن الرئيس عثمان غزالي أصدر أوامره قبل نحو ثلاثة أشهر بإغلاق جميع المكاتب الإيرانية في جزر القمر التي كانت تعمل تحت غطاء خيري. وأضاف: «في الحقيقة دخلت إيران جزر القمر عن طريق المنظمات كما يسمونها الخيرية، وهي ليست خيرية، فما خفي كان أعظم، لأجل استمالة قلوب الضعفاء، وكما تعلمون وضع الجزر الاقتصادي متواضع، وعليه أرادوا استغلال هذه النقطة والتواصل مع الشعب، وأنهم جاءوا من أجل المساعدة، وكانوا يفتحون مكاتب خيرية لذلك، لكنها في الحقيقة مكاتب توغل للمد الصفوي الشيعي». ولفت عبد الله إلى أنه بعد تنبه السلطات إلى ظهور النشاطات الإيرانية على إحدى الجزر قبل نحو ثلاثة أشهر أصدر الرئيس عثمان غزالي أوامر بإغلاق جميع هذه المكاتب الإيرانية في البلد بشكل كامل. وتابع: «لكن المشكلة لا تنتهي هنا، فلا بد من تعويضها بمكاتب عربية، لأن الناس الضعفاء يرون خدمات تقدم ولا يعرفون ما وراء ذلك، ونحن نسعى لأجل جلب المنظمات الخيرية العربية والسعودية خصوصًا لسد هذا الفراغ، وفي حال لم يسد الفراغ سيلومنا الناس، وأوجه رسالة للأشقاء بضرورة موازاة جزر القمر في هذا الصدد، والاستثمار وفتح المكاتب الخيرية». وبحسب السفير القمري، فإن جزر القمر بلد صغير، وبلد عربي واحد يستطيع التكفل بمساعدتها، فلا يتجاوز عدد السكان مليون نسمة فقط، كما أن موقعها الاستراتيجي جعلها مطمعا لكل دول العالم، والوجود العربي سيكون سدا لأي مؤامرة من أي جهة كانت. ووصف الحبيب عبد الله العلاقات القمرية - السعودية بأنها في أوج قوتها، مبينًا أن القيادة والشعب القمري يكنون كل التقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ونوابه وكل الشعب السعودي. وأردف: «العلاقات بين البلدين أزلية، وترجع جذورها منذ ما قبل الاستقلال عام 1975م، وبعد الاستقلال تجددت وتقوت العلاقات، وفي المرحلة الحالية شهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية، فتحت آفاقا جديدة، حيث تم فتح سفارة خادم الحرمين الشريفين في موروني، وكما تعلمون السفارات العربية كانت نادرة في جزر القمر، لكن المملكة بادرت ضمن الدول العربية بفتح سفارة لها، حتى تكون على أرض الواقع، ونحن نقدر هذه المبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، كذلك سفارتنا في المملكة فتحت في الثمانينات الميلادية، والمملكة لا تقصر في خدمة أشقائها في جزر القمر وتقدم يد العون في المجالات كافة، على سبيل المثال السعودية لعبت دورًا مهمًا في تكوين الكوادر القمرية عبر المؤسسات التعليمية في المملكة خصوصًا الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وغيرها. والآن هناك آفاق جديدة وتعاون أمني واستراتيجي ودفاعي، واتفاقية دفاع تم توقيعها بين البلدين، ويمكنني القول: إن علاقاتنا وصلت في هذه المرحلة إلى القمة». ودلل السفير القمري على قوة العلاقات مع السعودية بتأكيده أن بلاده كانت أول دولة عربية تطرد السفير الإيراني وتقطع العلاقات مع إيران إبان مهاجمة عناصر إيرانية سفارة وقنصلية المملكة في طهران ومشهد، مشيرًا إلى أن عودة العلاقات مع إيران مرهونة بتصحيح علاقاتها مع المملكة ودول الجوار، وقال: «جزر القمر كانت أول دولة عربية تقوم بقطع العلاقات وطرد السفير الإيراني، نحن عضو في الجامعة العربية، ولدينا علاقات استراتيجية مع المملكة، وإذا تم استهداف المملكة نعتبره استهدافا لجزر القمر، وبمجرد حصول ذلك للسفارة والقنصلية السعودية في إيران قمنا مباشرة بقطع العلاقات وإعطاء السفير الإيراني 24 ساعة لمغادرة البلاد. وقررت القيادة عدم عودة العلاقات إلا إذا صححت إيران مواقفها وصححت علاقاتها مع دول الجوار، ثم بعد ذلك يمكن النظر في مسألة التعاون مع إيران». وبشأن انضمام جزر القمر إلى التحالف الإسلامي العسكري الذي تقوده السعودية، أوضح السفير أن التحالف بقيادة الشقيقة الكبرى المملكة كانت مبادرة مباركة جدًا، وأضاف: «لأن جزر القمر دولة عربية إسلامية فكان لا بد أن تشارك مع أشقائها في مثل هذا التحالف العظيم، وأتذكر عندما كلفني فخامة الرئيس بإبلاغ القيادة في السعودية أن جزر القمر مستعدة للمشاركة عسكريًا في التحالف وإرسال جنودها، ليس فقط في التحالف، ولكن أيضًا لحماية المملكة، لأننا نعتبر أمن المملكة من أمن جزر القمر، والمساس بالمملكة هو مساس بجزر القمر، ولذلك لن نسمح بالإساءة أو المساس بالمملكة، ونعتبر أمن المملكة واستقرارها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه». وكشف الحبيب عبد الله أن الرئيس عثمان غزالي أبلغه عند استهدف الحوثيين مكة المكرمة، استعداد جزر القمر لإرسال جنود للمرابطة على حدود المملكة والدفاع عنها، مشددًا على أن «المشاركة في التحالف دليل على أننا مصممون للتكاتف مع الأشقاء في السعودية والعالم العربي والإسلامي، لأجل مصلحة الأمتين العربية والإسلامية». ودعا السفير القمري في المملكة المستثمرين ورجال الأعمال السعوديين والعرب إلى الاستثمار في بلاده، كونها ما زالت بكرًا ومليئة بالفرص التي لو اكتشفها المستثمرون لتنافسوا عليها، بحسب تعبيره. وأردف: «جزر القمر دولة بكر في مجال الاستثمار وواعدة خصوصا في المجال السياحي، فهي تقع على المحيط الهندي ومضيق موزمبيق، ولديها شواطئ رملية جميلة، كذلك هناك فرص في مجال الطيران، حاليًا لا توجد خطوط مباشرة، إلى جانب الفرص في مجال الزراعة، لأنها بلد زراعي و70 في المائة من السكان يعملون بالزراعة، وهناك الثروة السمكية، ومتأكد لو تعرفوا على الفرص فيها سيتنافسون عليها، وهناك قانون استثمار يعطي ميزة وتسهيلات خاصة للمستثمر العربي، كما أن الحكومة توفر كل الإمكانيات للمستثمرين العرب».