< لا يمكن أن تغامر وتشترك في سباق عالمي للجري ولديك لاعب هزيل وضعيف وغير مؤهل، وتطلب منه أن يحقق لك الميدالية الذهبية وسط لاعبين محترفين ولديهم مهارة عالية. هذا هو حال خدمات الإنترنت التي تقدمها شركات الاتصالات في السعودية لعملائها، فهي تستحصل منهم كامل مبلغ الفاتورة، إلا أنها لا تقدم الخدمة بكامل جودتها، فهي إما ضعيفة أو سيئة ومرات عدة الشبكة لا تعمل لعطل أو خلل. في المقابل تشاهد هنا وهناك سواء في إعلانات الطرق والصحف وفي مواقع أخرى، دعايات لطرح باقات إنترنت بطريقة مبالغة، ولا تكاد تعرف كيف تروج شركات الاتصالات لخدمات وهمية للإنترنت بهذه المبالغة. للحظات تصدق أنك تتعامل مع إنترنت عالي السرعة، كما هو موجود في السويد أو التشيخ وهولندا وأرلندا ودول أخرى متقدمة تحتل الصدارة عالمياً في خدمات الإنترنت. بالله عليكم هل يمكننا أن نقطع طريق 2030 بإنترنت أعرج؟ وبخاصة وأن الآمال عريضة عليه في المرحلة المقبلة وبشكل رئيس، وبحسب برنامج التحول الوطني لعام 2020، المستهدف إنشاء 17 منشأة لتطوير المحتوى المحلي، وتأسيس شركات تقنية ذات قيمة مضافة، ورفع عدد شركات التقنية الناشئة من الحاضنات إلى 600 شركة، ونحو 800 شركة تقنية ناشئة من الجامعات، فضلاً عن التعليم عن بعد، الذي أطلقته الجامعات السعودية، وهذا يعني أن الطلب على استخدام التطبيقات الذكية والحاسوب سيرتفعان بشكل كبير، وهذا يتطلب أن تبقى خدمات الإنترنت على أهبة الاستعداد للتجاوب مع متطلبات العصر والمرحلة المقبلة. في كل مرة يضعف فيها الإنترنت لدى المستخدمين، تخلق شركات الاتصالات الأعذار التي لم يعد يصدقها العملاء لخدمة الإنترنت، فمرة تقول عطل في الكابلات البحرية أو انقطاعها، ومرة تقول إنه بسبب الأحوال الجوية، ومرة أخرى تخترع عطل في النظام، وقائمة طويلة من الأعذار المقننة، وللأسف أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، الجهة المعنية بمراقبة شركات الاتصالات وخدماتها، تتعامل بكل برود مع هذا المستوى المتدني للخدمات، فمعظم شركات الاتصالات التي تعمل في السعودية تعاني من أزمات مالية نتيجة الخسائر الفادحة التي لحقت بها بعد ظهور تطبيقات وبرامج مشغلة للعديد من الخدمات التي كانت تقدمها هذه الشركات في مقابل مبلغ مادي، لهذا جميع شركات الاتصالات الموجودة في السعودية تعاني بخسائر تراكمية تصل إلى 40 في المئة. ولسوء الخدمة وعدم صدقية الوعود التي تطلقها شركات الاتصالات، يتجه الكثير من العملاء إلى مقاطعتها لفترة محددة بهدف تحسين الخدمة، وعلى إثر ذلك ارتفعت خسائر شركات الاتصالات ليتراجع دخلها إلى 700 مليون ريال لجميع شركات الاتصالات العاملة في السعودية مع ارتفاع تكلفتها التشغيلية، وهو ما دفعها إلى إلغاء تطبيقات الاتصالات المجانية، وهو ما أغضب الكثير من العملاء، بينما الخدمات نفسها موجودة في دول أخرى أقل مستوى معيشة ولم تقطع عنها هذه الخدمات، لكون أن الجهات الرقابية تقف بالمرصاد لتلاعب شركات الاتصالات وتجلس لها بالمرصاد. الشريحة الكبرى لمستخدمي الإنترنت في السعودية من فئة الشباب، الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً بحسب الفئة العمرية من بين 22 مليون مستخدم، وينفق كل مستخدم نحو 150 ريال شهرياً على خدمات الإنترنت، إلا أنهم يصابون بالدهشة لسوء الخدمة وضعفها وتعطلها. بعضنا يرى أن المشكلة في عدد الأبراج التي لا تغطي مساحات شاسعة، كما أن شركات الاتصالات تلجأ إلى الاستعانة فيما بينها في استخدام الأبراج، إما بالبيع مثلما حدث العام الماضي حينما طرحت شركات الاتصالات 38 ألف برج للبيع لخفض تكلفتها التشغيلية أو التأجير، وأيضاً ضعف المشاريع التوسعية لمشاريع الألياف البصرية، وإن نفذت بعضاً منها إلا أنها لا تتجاوز 30 في المئة من إجمالي المساحة التي من المفترض تغطيها، وعلى رغم أن رؤية 2030 توضح أن المستفيد الأكبر منها هي قطاع الاتصالات، إلا أنها غير قادرة على استيعاب المهمات المناطة بها، وفي مقدمة هذه المهمات تحسين سرعة الإنترنت، وزيادة تغطية الشبكة والتحول للحكومة الإلكترونية وغيرها. من المهم على هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، أن تعمل وفق برنامج الرؤية وتدعمه بكل قوة، لأنه من غير الممكن أن تتحقق أهداف الرؤية ومبادراتها من دون تطور الاتصالات وخدماتها، من خدمات النطاق العريض المتنقلة والثورة التي تعيشها في معظم دول العالم، فيما يعيش مستخدمو الهاتف النقال وخدمات الإنترنت في السعودية خدمات سيئة ومن دون المستوى. لعل من المهم بدلاً من إبقاء شركات ضعيفة وهزيلة، أن يتم فتح الأبواب أمام شركات مشغلة للهواتف المتنقلة والإنترنت ذات سمعة عالمية وإمكانات ضخمة، فالمنافسة أكبر فرصة لتحسين الخدمة، على سبيل المثال، هناك شركات شينا موبايل الصينية، وفودافون الأميركية أو بهارتي إيرتل الهندية. يهمنا أن نفتح الباب على مصراعيه لشركات قوية ولتغادر الشركات الضعيفة، فرؤية السعودية 2030 هدفها الرئيس إخراج الشركات الضعيفة من السوق غير القادرة على مواكبة التطور، بالله عليكم.. كيف سنسابق العالم وننافس على مراكز متقدمة ونحن الإنترنت لدينا يسير على عكازين؟ عربياً، نحتل المرتبة الثالثة، وهذا ليس طموحنا، وعالمياً، في الترتيب الـ74، وهذا مخجل. * صحافي وكاتب اقتصادي. jbanoon@