التطوُّر والتغيُّر لا يتوقفان عند زمن معين، أو أمكنة محددة، ولكنهما عجلة دائمة الدوران والتحرك صعودًا وهبوطًا، وربما تتوقف هذه العجلة، ويأتي غيرها.. وهكذا. وهي سُنة الله - عز وجل - في هذه الحياة المتغيرة المتقلبة، بالرغم من أنها من جهة أخرى تعتبر ميزة؛ ليتحرك الإنسان ويبدع، ويبحث عن الجديد المفيد والنافع.. وليس شرطًا أن تكون أنت صاحب الفكرة الأولى، ولكن من الضروري أن تتقن فن التعامل مع هذه الأدوات الجديدة. فالسيارة اختراع أمريكي، ولكن من طوّرها وأتقنها وأبدع فيها حتى سيطر بشكل كبير على هذه الصناعة هم اليابانيون، وشرق آسيا بشكل عام. وأيضًا صناعة الكمبيوتر ليست اختراعًا كوريًّا أو يابانيًّا، وإنما أبدعت في تطويرها هاتان الدولتان حتى تفوقتا على مخترعيها الأساسيين.. وقِسْ على ذلك بقية الاختراعات، مثل الكهرباء والهاتف، وغيرهما. مشكلتنا أننا نريد أن نقحم أنفسنا في استحداث اختراعات جديدة، يصعب التعامل معها حاليًا بما نمتلكه من ضعف في التطور التقني، ولكن لو أخذنا التجربة اليابانية أو الكورية أو الصينية، وبدأنا مثلهم في تطوير صناعات بسيطة، وإضافة مزايا لهذه الصناعات على قدر إمكانياتنا العلمية والتقنية، ومن ثم نبدأ في مرحلة التطور التدريجي حتى يصبح لدينا صناعة مميزة في المستقبل، لكان ذلك أجدى وأنفع من التطبيل للكثير من الاختراعات المحلية التي نسمع عنها، ولا نراها، وربما غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع بسبب صعوبة توفير القطع والأدوات؛ لأننا لم نصل إلى مرحلة الاعتماد الكلي على أنفسنا في المجال الصناعي؛ ولذلك من الأجدى البدء في التطوير البسيط للكثير من الصناعات الموجودة؛ لنتمكن من خلق قاعدة تقنية، تكون أساسًا للانطلاق لصناعات أكبر بإذن الله. مجال الإعلام يُعتبر من المجالات التي تغيَّرت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، وحدث ما يشبه الانقلاب في هذه الصناعة، الذي أوشك على إسقاط الصحف الورقية بالضربة القاضية، وأنهك الإعلام المرئي الذي يترنح لمصلحة الإعلام الجديد. فالشاب صغير السن وقليل الخبرة الإعلامية من مشاهير (السوشل ميديا) يوازي في حضوره الإعلامي العشرات من مشاهير الإعلام التقليدي، الذي ننفق عليه مئات الملايين، ولا نحقق ما نريد بسـبب أننـا لم نتقن (فن التعامل مع المتغيرات). ولو دخلنا هذا المجال بجدية لحققنا مبتغانا، وأوصلنا رسالتنا الإعلامية بسهولة. نستطيع تحقيق ما نريد بأقل تكلفة إذا كان لدينا جهة يناط بها دراسة المتغيرات، والاستفادة منها، وتطويعها لصالحنا.. فهل نبدأ؟